محللون: التقارب بين «حماس» و«دحلان» يعمق الانقسام الفلسطيني

الاثنين 31 يوليو 2017 10:07 ص

أكد محللون سياسيون أن التقارب بين «حماس» والقيادي المفصول من حركة «فتح»، «محمد دحلان» سيؤدي إلى تعميق الانقسام الفلسطيني، كونه قائم على قاعدة العداء المشترك، بين الطرفين للرئيس الفلسطيني «محمود عباس».

جاء ذلك تعقيبا، على مشاركة «دحلان» للمرة الأولى منذ 10 سنوات (عبر الفيديو كونفرانس)، في الجلسة التي عقدها المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة، أواخر الأسبوع الماضي.

وبينما قلل خبراء وكتاب فلسطينيون من أهمية تلك المشاركة، اعتبر البعض أن «حماس» مضطرة للتعاون مع «دحلان»، كونه وسيلة لإنقاذ قطاع غزة من الأزمات التي يعيشها، في حين يأمل «دحلان» في أن تسمح له الحركة بموطئ قدم في قطاع غزة، بعد أن أبعده «عباس»، عن حركة «فتح»، وعن الحياة السياسية الفلسطينية.

ونقلت وكالة «الأناضول» عن «أسامة القواسمي» المتحدث باسم حركة «فتح» إن حركته تشفق على وضع حركة «حماس»، والذي أجبرها على لتقارب مع «دحلان».

وجدد تأكيد حركته على أن الباب لإنجاز المصالحة الفلسطينية معروف، وأنه لا يمكن إنجازها إلا مع حركة «فتح».

وحول علاقة حركة «فتح» مع الدول العربية الداعمة لـ«دحلان»، خاصة السعودية، والإمارات، ومصر، قال «القواسمي»: «علاقة الحركة مع تلك الدول جيدة، قائمة على قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين».

وأضاف: «لم نتدخل بشؤون أحد ولا نريد لأحد أن يتدخل بشؤوننا الداخلية، عليهم احترام القرار الوطني الفلسطيني المستقل ودعمه».

من جهته، قال المحلل السياسي الدكتور «نشأت الأقطش»، أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت، بالضفة الغربية، إن ما يجمع حركة «حماس» و«دحلان»، هو العداء المشترك للرئيس الفلسطيني «محمود عباس».

وأوضح «الأقطش» أن العلاقة بين الطرفين قائمة على قاعدة المصالح المشتركة، وأن «دحلان» يشكل قوة اقتصادية في العالم العربي، جعلت «حماس تقبل بالمصالحة معه، مشيرا إلى أن «حماس» قوة حقيقة على الأرض.

وفي ذات السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بالضفة الغربية الدكتور «رائد نعيرات»، أن مآلات الجلسة البرلمانية المشتركة، ستكون سلبية على علاقة الأخيرة، مع حركة «فتح.

وقال إن المشهد السياسي الفلسطيني، ضبابي، وخاصة في ظل غياب المؤشرات التي تدل على إمكانية أن تفضي تلك المصالحة، إلى مصالحة وطنية فلسطينية شاملة.

من ناحيته، اعتبر المحلل السياسي «خالد العمايرة»، مشاركة «دحلان» في جلسة للمجلس التشريعي، نوعا من المناكفة السياسية بين حركتي «حماس» و«فتح».

ونقلت «الأناضول» عن «العمايرة» أن الخطوة تأتي أيضا في سياق الرد الضمني من حركة «حماس»، على الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، من خصومات على رواتب موظفيها بغزة، ووقف الدعم عن بعض مؤسسات القطاع.

وبحسب «العمايرة»، فإن حركة «حماس» قد تلجأ لخطوات أخرى وصفها بـ«اليائسة» للضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن إجراءاتها الأخيرة بالقطاع.

وكانت وسائل إعلام قد تحدثت عن توصل قيادة «حماس» و«دحلان» إلى اتفاق خلال مفاوضات في القاهرة حول تولي الأخير رئاسة حكومة غزة.

لكن رئيس كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية في غزة «محمود الزهار»، أكد في وقت سابق من الشهر الجاري، أن قضية تعيين «دحلان» زعيما لقطاع غزة تتم من خلال الانتخابات، موضحا أن ما قيل عن التعيينات لم يتم طرحه على الحركة.

وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية كشفت عن وجود خطة جديدة يجرى التحضير لها الآن بين الإمارات ومصر و«إسرائيل» للتعامل مع قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس».

وأوضحت الصحيفة أن هدف هذا الاتفاق هو وضع «دحلان» على رأس حكومة وحدة في القطاع، ورفع معظم الحصار عن القطاع من قبل مصر و«إسرائيل».

وشكلت صفقة «حماس دحلان» مفاجأة مدوية تركت صداها على الساحة الفلسطينية بشكل عام، وفي الأوساط الحزبية والفصائلية بشكل خاص، ليس لكونها جاءت بغتة دون مقدمات، وإنما لما شكلته من انتقال قسري ومفاجئ في طبيعة علاقة «حماس» وموقفها وسلوكها تجاه «دحلان»، في ظل الإرث الدامي الذي جلل طبيعة هذه العلاقة سابقا.

وعلى الرغم من عدم توافر تفاصيل كافية حول مضامين الصفقة المبرمة بين الطرفين، غير أن التسريبات السياسية والإعلامية حددت أهم ملامحها، فبدت أشبه ما تكون برزمة متكاملة أو خريطة طريق واضحة المعالم للإبحار بالأوضاع الداخلية لقطاع غزة، في ظل العواصف العاتية والتحديات المتعاظمة التي تتناوشه من كل اتجاه.

وتشتمل الصفقة التي تم إنجازها بين «حماس» و«دحلان» على أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية حسب المؤشرات والتسريبات القائمة، وتندرج تحت إطار خطة سريعة لتلافي آثار الحصار المفروض على القطاع، وحل أزماته المستعصية التي أرهقت كاهل أبنائه طيلة العقد الماضي.

ورغم حرص الطرفين على إبقاء بنود الصفقة قيد الكتمان، فإن البعض تحدث بشكل تفصيلي عن توريد السولار الصناعي الخاص بتشغيل محطة الكهرباء، وفتح معبر رفح بشكل شبه دائم، وتدشين منطقة تجارية حرة في الجانب المصري من الحدود المصرية الفلسطينية، وتفعيل ملف المصالحة المجتمعية عبر إنشاء صندوق وطني يتكفل «دحلان بتمويله بمبلغ قدره 150 مليون دولار، وفقا لبعض التسريبات.

أما الجانب الأخطر من التسريبات الذي يحجم الطرفين عن الخوض فيه؛ فيتعلق بدور «دحلان» السياسي وآليات التعاون السياسي والأمني بينه وبين «حماس خلال المرحلة المقبلة.

إذ تحدثت تسريبات -لم يتم تأكيدها- عن تشكيل كيان أو لجنة لإدارة غزة بالتوافق، بحيث تتم دعوة كل الفصائل والشخصيات للمشاركة فيها، وإسناد مهمة إدارة العلاقات الخارجية والشأن الدبلوماسي وإدارة المعابر لـ«دحلان»، فيما يتم إسناد الدور الأمني لـ«حماس»، دون الإتيان على ذكر سلاح المقاومة والخوض فيه.

وتشتمل صفقة «حماس دحلان» على العديد من السلبيات والمخاطر التي تمس جوهر القضية الفلسطينية، والعلاقات العربية، والموقف المصري، والنظام السياسي الفلسطيني، فضلا عن طموحات «دحلان»، والإرث الدامي بينه وبين «حماس» في غزة.

وهناك من يعتقد أن تقاسم الأدوار بين «حماس» و«دحلان» حاليا هو شأن ظرفي بحت، ويلبي مصلحة آنية لدى «دحلان»، وأن الرجل سيعمد إلى سحب البساط من تحت أقدام «حماس»، ويتولى إنفاذ أجندته السياسية والأمنية المعروفة في اللحظة المناسبة مستقبلا.

  كلمات مفتاحية

فلسطين غزة حماس فتح دحلان عباس الانقسام