قضى الأب المكلوم قرابة 21 عامًا من عمره يبحث عن طفله الصغير، بين العراق ومصر، ليعود له بالصدفة، شابًا عمره 24 عامًا، يبحث عن هويته بمركز «مطوبس» بكفر الشيخ، بعد أن تم تسليمه لعائلته في جلسة عرفية.

وقد بدأت القصة المثيرة بين مصر والعراق، عندما سافر الأب ويدعي «محمد شحاتة كناس»، بحثًا عن لقمة العيش في العراق عام 1988، في فترة صعبة من تاريخ العراق، عقب انتهاء الحرب الإيرانية.

حيث تزوج «شحاتة» من سيدة عراقية، وأنجب منها طفله الصغير «علاء»، وبعد مرور 3 سنوات، وقبل أن تشتعل حرب الخليج الثانية، واحتلال العراق للكويت، اشتعلت الخلافات بين الأب وزوجته العراقية، لتنهي علاقتهما بالطلاق.

يقول الأب الذي يتواجد الآن في الأردن، ويدعي محمد شحاتة، في تصريحات صحفية لجريدة «الأهرام»: «كنت بين الحين والأخر أرى علاء وأطمئن عليه، ولكن فجأة وبدون أي مقدمات، اختفت مطلقتي ومعها طفلي الصغير».

قضي الأب أيام وسنين طويلة يبحث عن مطلقته وطفله. وبالرغم من طول الفترة، إلا أنه لم ييأس، وظل في انتظار أمل رؤية طفله الصغير مرة أخرى، يسأل عنه في كل مكان، يسترق السمع والأبصار عنه بين مصر والعراق، على حد تعبيره.

ويكمل الأب حديثه، في اتصال هاتفي لـ «بوابة الأهرام»: «بعد سنين من البحث عن مطلقتي، عرفت من زميل في الغربة من رشيد بالبحيرة، أنه يعلم مكان علاء وأين اختفي»، أخبره زميل الغربة أن خاله تزوج من مطلقته، وأخذ طفله علاء وهربا في العراق.

من محافظة لأخرى في بلاد الرافدين، ظل «الأب» يبحث عن طفلة الصغير، ولكن دون جدوى، وخلال هذه الفترة، توفت مطلقته العراقية، وسجن زوجها في إحدى القضايا، أما طفله «علاء» فقد ظل طوال هذه المدة، متنقل من منزل لأخر، دون أن يعرف أن والده الحقيقي يبحث عنه.

استغل طليق زوجته المسجون، وهو مصري الجنسية من مدينة رشيد، الطفل الصغير «علاء»،  الذي لا يوجد أحد يرعاه، في الحصول علي عفو والخروج من السجن، ليأخذ الطفل الصغير في رحلة هروب أخري، بعيدًا عن حضن والده، ولكن هذه المرة في مصر.  

فقد قرر زوج الأم العودة لمصر، واصطحاب «علاء» الذي لا يعرف له أب، سوي هذا الرجل زوج والدته.

ويتساءل الأب: «كيف تمكن زوج أمه من استخراج أوراق ثبوتية لعلاء في العراق، وكيف تمكن من الدخول به لمصر؟»، عشرات الأسئلة والألغاز لازالت تدور في مخيلة الأب.

ويضيف: «أراد الله أن يكشف المستور، عندما حاول زوج طليقتي، استخراج أوراق ثبوتية لابني علاء في مصر، وقتها نما الخبر لأحد أفراد عائلتي، الذي توجه مباشرة لكبير عائلة "كناس"، الذي تحرك بسرعة، وطالب برجوع علاء لحضن عائلته».

عندما علمت عائلة الأب، بأن نجله المفقود، والذي يبحث عنه منذ 21 عامًا، متواجد في رشيد، مع زوج طليقته، سعت لرجوعه بكل الوسائل، وفي جلسة عرفية بين العائلتين، تم تسليم «علاء» لعمه وكبير العائلة، نظرًا لوجود أبيه في الأردن للعمل.

وتقول البوابة أن الأب تلقى خبر عودة نجله بسعادة، وطالب بتعويض طفله، عن سنوات الحرمان التي قضاها، بعيدًا عنه.

أما «علاء» الشاب العشريني، الذي لم ير والده منذ أن كان طفلًا عمره 3 سنوات، فيقول: «زوج والدتي هو من تسبب في هذه المأساة، وكان يعلم كل شيء عن أسرتي ووالدتي، ولم يخبرني بالحقيقة».

يحلم «علاء» برؤية والده، والارتماء في حضنه، ويتواصل معه عن طريق «الفيس بوك»، ويتصل به يوميًا، ولكن وفقًا للبوابة الإخبارية، فمازالت الغربة تفرق بينهما، فالأب يعمل في الأردن، أما «علاء» فلا يزال ينتظر لقاءه، بعد 21 عامًا في «مطوبس» بكفر الشيخ.