«العشوائيات» في مصر نموذج لمدن «الجيل الرابع»

الثلاثاء 1 أغسطس 2017 06:08 ص

قدّمت العشوائيات في مصر، نماذج متكاملة لما ينبغي أن يكون عليه التخطيط لمدن حديثة متكاملة، في الإنسانية والتكامل.

وبحسب صحيفة «الحياة»، بات العنصر البشري المصري في العشوائيات يقدم «روشتة» نجاح للتجمعات العمرانية الجديدة، حتى نجح فيما أخفقت فيه الدولة، ومضى يشكل قدماً في ترسيخ أسلوب حياة، وليس مجرد البقاء.

أصل العشوائيات في مصر يرتكز على خماسية مزمنة: الهجرة من الريف، والزيادة السكانية الرهيبة، وغياب السياسات الحكومية الفعالة، وتضخم أسعار الإيجار، والتمليك وتقلص إنفاذ القانون.

وعلى رغم استمرار العوامل الخمسة المغذية توسّع العشوائيات وتوغلها، إلا أن أضواء خافتة تلوح في نهاية النفق.

التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسكني الذي تقوم عليه العشوائيات وضعها في الصدارة، سامحاً لها باحتلال 38.6% من الكتلة العمرانية في مصر (وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2016).

وارتكاز منظومتها الحياتية على قاعدة من فرص العمل والتضامن الاجتماعي وبدائل تقديم الخدمات الأساسية، مكّنها من الانتشار في 226 مدينة من أصل 234، ويسكنها حوالى ربع سكان مصر (حوالى 26 مليون نسمة).

وتعد أزمة الخطط الحضرية الجديدة في مصر، أنها تختزل مشكلة العشوائيات في كونها «قنبلة موقوتة» تزحف على العمران، وحلها الوحيد بناء وحدات سكنية في الصحراء لنقل السكان.

هذه التجربة وضعتها أمام الجهات المسؤولة، نخبة من خبراء التخطيط العمراني في رعاية برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ومركز الأمم المتحدة للإعلام في القاهرة.

والغرض منها هو الاستفادة ونقل النجاحات وإرساء دعائم الخطة الحضرية الجديدة وتجهيز بناء مدن حديثة على أساسها.

وجهة نظر

يقول «محمد أبو سمرة» العضو المؤسس لمؤسسة «تكامل لاستدامة التنمية»، إن كلمة السر في التطوير هي «وجهة النظر»، وطالما استمر تطوير العشوائيات من دون وجهة نظر أو توجه يضع العنصر البشري على رأس الأولويات، سيبقى التطوير مجرد بناء وحدات سكنية تظل مهجورة لأنها غير متوافقة ومتطلبات العنصر البشري.

ويضيف: «سكان العشوائيات ليسوا كائنات عجيبة، إذ فيهم أطباء ومهندسون وغيرهم من أصحاب المهن التي نعتبرها مهن القمة. ومنهم من يخشى الخروج من منطقته لأنه مصنف عشوائياً».

ويتابع: «هي مناطق موصومة، لكنها في حقيقة الأمر نموذج ناجح للحياة باستثناء السلوك الفكري الناجم عن الإهمال».

قاعدة فاعلة

أما «محمد صالحين» أستاذ التخطيط والتصميم المتكامل ومستشار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية لتطوير المناطق العشوائية فيقول إن «في العشوائيات قاعدة اقتصادية فاعلة وناجحة، فهذه المناطق شيدت وتوسعت بناء على فرص عمل في ورش مهنية ومشروعات متناهية الصغر تدار بطريقة فطرية. وهي تتيح فرص تدريب عملية وواقعية للصغار وليس مدارس تدعي أنها تقدم تعليماً».

ويضيف: «بالنسبة إلى السكن، توفر العشوائيات إمكانات لغير القادرين على السكن في المدينة الواقعة على مرمى حجر».

ويتابع: «كل ذلك يرتكز على منظومة اجتماعية بالغة الترابط والتضامن توفر فرص العمل للجيران والأصدقاء، والإقراض لبدء المشروعات المتناهية الصغر عبر الجمعية المقامة بين أفراد يسدد كل منهم حصته في مبلغ شهري يتقاضاه أحدهم ليبدأ مشروعاً، ويتبادلون الدعم المعنوي والفكري في أوقات الأزمات».

جدوى اقتصادية

بينما يشير «خالد صديق» المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية، إلى أنه «حين يكون عدد المنشآت غير الرسمية في منطقة منشأة ناصر (إحدى أكبر العشوائيات في القاهرة وأقدمها) هو الأعلى في العاصمة، فهذا يعني أنها فاعلة جداً اقتصادياً».

ويضيف: «يعني كذلك أن أولئك السكان لم يأتوا متطفلين عليها أو راغبين في السكن في ظروف غير آدمية، لكنهم لم يجدوا البديل المناسب».

ويلفت إلى أنه «بالنسبة إلى إسكان محدودي الدخل الذي تطرحه الدولة فهو غير مناسب لهم، لأنهم يأتون إلى المدينة نازحين من الريف من دون دخل أصلاً».

مدن جديدة

وبينما مصر تنفض غبار الإهمال وجمود التعامل مع العشوائيات باعتبارها قنابل موقوتة دون حياة وألغام متفجرة بلا إبداع، تُرسي كذلك دعائم «الجيل الرابع» من المدن الجديدة.

ووفق وزير الإسكان الدكتور «مصطفى مدبولي»، فإن مدن الجيل الرابع تقوم على ربط المدينة الجديدة وسكانها بفرص العمل المتاحة فيها وليس مجرد تجمعات سكنية.

هي مدن ذكية تضع فرص العمل ومصادر الرزق والخدمات الأساسية والترفيهية في مدينة متكاملة واحدة، إنه فكر المناطق العشوائية لكن بتصرف.

المصدر | الخليج الجديد + الحياة

  كلمات مفتاحية

عشوائيات مصر الجيل الرابع مدن جديدة

مسؤول مصري: أنفقنا 1.7 مليارات دولار على تطوير العشوائيات خلال 4 سنوات