استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في مقوّمات الصمود.. القدس والأقصى

الأربعاء 2 أغسطس 2017 05:08 ص

معركة القدس لم تبدأ اليوم، لكنها منذ الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى اتخذت منحى جديداً أضاء على الممكنات الكامنة لدى المقدسيين. فبعد أن اعتقدت إسرائيل أنها حيّدتهم وأخضعتهم، سطروا ملحمة بطولية وعلامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني.

ربما هي المصالح الحزبية والسياسية الضيقة تلك التي جعلت رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يرتكب حماقة نصب البوابات الإلكترونية عند أحد مداخل الأقصى، أو ربما هي جس نبض يمهد لمزيد من التغييرات في الوضع القائم في الأقصى والقدس. لم يعد مهماً الآن. فالعبرة بالنتائج، وما من نتيجة أهم من عودة القضية الفلسطينية لتفرض نفسها على الأجندة العربية والإسلامية والدولية بعدما اعتقد كثيرون أنها انتهت الى غير رجعة في ضوء الوضع الإقليمي الراهن. وما من نتيجة أروع من أن المقدسيين المغيبين بفعل سياسات الاحتلال وتجاهل الجميع، استعادوا صوتهم، فكان الأعلى والأكثر ثقة وثباتاً وطول نفسٍ في مقاومة الاحتلال في قضية تتصدر قضايا الصراع.

إسرائيل اليوم أسدٌ جريح. تسعى الى استعادة الهيبة والسيادة، وتبحث عن انتصار بطعم الثأر. بهذا المعنى تُفهم حملة الاعتقالات الواسعة التي تشنها في القدس والضفة الغربية. وبهذا المعنى يُفهم حكم المحكمة المركزية الإسرائيلية بتثبيت صفقة تأجير عقارات تملكها البطريركية الأرثوذكسية في البلدة القديمة في القدس، أو ما يعرف بصفقة «باب الخليل». والقادم أخطر.

صحيح أن تل أبيب فهمت من كواليس الأزمة والاتصالات الدولية أن القدس خط أحمر دولي وإسلامي وعربي، وأن آمالها بتهويد المدينة وحسم مستقبلها كـ «عاصمتها الموحدة والأبدية»، ما هي إلا أضغاث أحلام، لكن الصحيح أيضاً أن إسرائيل هي الأقدر على إفراغ أي انتصار فلسطيني من مضمونه وتجييره لمصلحتها بحكم أنها قوة الاحتلال.

ألم نرَ كيف تراجعت ببطء عن التفاهمات غير المباشرة مع حركة «حماس» بعد حرب غزة عام 2014؟

ألم تقتل بعض الأسرى المحررين وتعتقل بعضهم الآخر بعد صفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع «حماس»؟

ثم ألم تتراجع أخيراً عن بعض التفاهمات التي توصلت اليها قبل شهرين مع الأسرى بعد إضرابهم عن الطعام لأكثر من أربعين يوماً، حتى أن الأسرى يدرسون الإضراب مجدداً؟

إذاً الانتصار شيء، والحفاظ عليه وتطويره والبناء عليه شيء آخر. هذا هو التحدي أمام الفلسطيني الآن: كيف يحمي إنجازه فيما مدينته مُتعَبة، وظهره مكشوف، ومعركته مع احتلال لا يرحم، وطريقه طويل ومعبد بالأفخاخ؟

لا شك في أن الواقع المقدسي يضاعف هذا التحدي. فالقدس في عزلة اقتصادية وسياسية واجتماعية، بفعل سياسات التهويد والاستيطان وجدار الفصل العنصري. وأخطر ما نجحت إسرائيل فيه هو عزل المدينة عن امتدادها وحاضنتها الطبيعية، أي باقي الضفة الغربية، وبالتالي حرمانها من أن تكون جزءاً طبيعياً من المجتمع الفلسطيني ومن اقتصاده.

لقد ضمت إسرائيل القدس وألحقتها باقتصادها، وبالتالي حرمتها من إمكانات حقيقية للتنمية. ثم قضت على الحضور الرسمي الفلسطيني في المدينة عبر إغلاق مؤسسات مثل الغرفة التجارية و «بيت الشرق»، ومنعت ممثلي السلطة والفصائل من العمل فيها، وكله ضمن سياسات منهجية لتقويض أسس الصمود ومقوماته.

ثم جاءت عملية السلام، وكان ما كان من فصل ملف القدس عن باقي الملفات التفاوضية وعن شمولية الحل وعن باقي الأراضي المحتلة. وأصبحت القدس واحدة من قضايا المرحلة النهائية من المفاوضات.

لقد تم الاستفراد بالقدس. كيف، ولماذا، ومن المسؤول؟

ليس هذا وقت الحساب. سيُترك ذلك للتاريخ. المهم الآن هو تعزيز صمود المقدسيين، ولهذا أبواب:

- واحد يستدعي مراجعة أساليب إدارة الصراع بما يناسب المرحلة وظروفها واستنفاد خياراتها، وبما يشمل تفعيل المقاومة الشعبية، والتدويل، واستنهاض الدول العربية والمنظمات الإسلامية.

- باب ثان يستدعي الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام كشرط لأي إنجاز، وحتى لا تصبح السلطة و «حماس» خارج سياق الصراع.

- باب ثالث يستدعي دوراً مركزياً للقيادة الوطنية في وصل ما انقطع من امتداد مقدسي الى باقي الأراضي الفلسطينية، وبلورة استراتيجيات لدعم التنمية الاقتصادية، ومواجهة التهويد من خلال دعم المؤسسات القائمة وحمايتها.

المقدسيون صامدون أساساً، بل هم في الجبهة المتقدمة للحرب ضد الاحتلال وحماية المدينة ومقدساتها. والمطلوب كان وسيبقى دوماً دعم هذا الصمود عملياً وعلى الأرض حتى تعود القدس كما كانت، مركزاً روحياً ودينياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً... والعاصمة الأبدية لفلسطين.

* فاتنة الدجاني كاتبة صحفية فلسطينية

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

مقوّمات الصمود معركة القدس أحداث المسجد الأقصى قدرات المقدسيين إسرائيل المصالح الحزبية والسياسية بنيامين نتانياهو نصب البوابات الإلكترونية تغيير وضع الأقصى والقدس عودة القضية الفلسطينية الوحدة الوطنية إنهاء الانقسام أساليب إدارة الصراع دعم التنمية الاقتصادية