المعركة القادمة في حرب العملات سلاحها النفط

الاثنين 29 ديسمبر 2014 04:12 ص

من المؤكد أن العالم يخوض الآن حرباً مالية تبقت فيها معركة واحدة فقط لانهيار الروبل الروسي. وقد كانت الأزمة المالية العالمية الكبرى في العام 2008 إيذاناً ببدء حرب عملات جديدة تحولت إلى معركة أسواق مالية أصبح فيها النفط سلاحاً مفضلاً للاستخدام.

إنها ليست محاولة مني لبث الخوف في النفوس، بل إنها ببساطة إشارة إلى ما يحدث في الأسواق المالية. بداية فإن الحرب المالية تبدو وأنها لا تستحق عناء التفكير بمعنى أن استخدام مواردك الخاصة سيضر باقتصاد عدوك. ويتمثل الخلل في هذا المنطق أن الاقتصاد لا يتأثر بتاتاً بالهجمات الخارجية . ففي عصر الاقتصادات المفتوحة فإن لدى المستثمرين الحق في القلق من الأضرار الجانبية.

وتمثلت آخر معركة في هذه الحرب المالية في التخطيط لانخفاض أسعار النفط وبالتالي تهاوي الروبل الروسي . وقد أثارت تلك المسألة اهتمام المستثمرين لمعرفة زمان المعركة القادمة وما تدور حوله.

وفي سعينا للإجابة عن هذا السؤال المطروح فحري بنا أولاً فهم ما الذي جرى في الفترة الماضية . حيث تفاجأ كثيرون بمحدودية تدخل البنك المركزي الروسي في الأيام التي كان الروبل يتهاوى فيها أمام ناظريه . ويبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين أعطى الإذن صراحة أو ضمناً بالاستيلاء على احتياطات العملة بالبنك المركزي للاستفادة منها بواسطة القلة الحاكمة، فضلاً عن الشركات المملوكة للدولة .

وأصدرت تلك الشركات ديوناً بالروبل وقامت إما بتحويلها فوراً إلى الدولار الأمريكي أو استخدامها كضمان لدى البنك المركزي الروسي الذي كان له الخيار في حماية الروبل ومنح المضاربين احتياطاتها من النقد الأجنبي أو تقديمها إلى المؤسسات التي تعود ملكيتها للدولة. ويبدو أن محدودية تدخل البنك الروسي لحماية عملته يرجح الاحتمال الأخير بقوة.

من المرجح أن يشعر المواطنون في روسيا بالآثار الاقتصادية لذلك القرار في الوقت الذي يواجهون فيه تضخماً كبيراً . وإذا ما لم يتعامل الرئيس الروسي مع الوضع الداخلي بشكل صحيح فربما تواجه روسيا اضطراباً اجتماعياً يهدد رئاسة فلاديمير بوتين، وعليه فإن الخطوة القادمة للرئيس ستحدد المعركة المقبلة في الحرب المالية العالمية . وستتمثل أطراف المعركة في سوق القمح والخزانة الأمريكية والذهب.

وربما يؤدي أيضاً انهيار الروبل إلى تصاعد وتيرة العنف الروسي بأوكرانيا.

في نظري فإن الغرض من الاجتياح كان دوماً السيطرة على المدن الساحلية المطلة على البحر الأسود. وتمر حوالي 30 في المئة من إمدادات القمح العالمية عبر تلك الموانئ التي توفر للرئيس بوتين سلاحاً اقتصادياً فتاكاً بالسيطرة عليها. وبما أن التمادي في العنف سيفرض على روسيا المزيد من العقوبات فإنه من غير الواضح القيام بتلك الخطوة من عدمها.

وسيكون الهجوم على سوق سندات الخزانة الأمريكية هو الخطوة الأكثر فاعلية، حيث تعتبر روسيا من أكبر حاملي تلك السندات .

فبقيامها بتلك الخطوة فإنها تستخدم سلاحاً مزدوجاً أولهما أنها تمكن الدب الروسي من الحصول على المزيد من العملة الأجنبية التي يحتاج إليها (الدولار الأمريكي)، فضلاً عن إحداثها ضرراً كبيراً للاقتصاد الأمريكي بإرغامه على فرض أسعار فائدة أكبر. وباستحواذها على الدولار فإنه يمكن لروسيا استخدامه للدفاع عن عملتها وسداد ديون الشركات المملوكة للدولة أو خلافاً لذلك شراء كميات من الذهب. 

ولن يكون لحماية العملة أثر كبير، حيث سيستمر البنك المركزي الروسي في معركته مع المضاربين . كما أن سداد مديونية الشركات المملوكة للدولة سيصب في صالح المؤسسات الروسية أكثر من مواطنيها . وفي حال تهددت قيادة الرئيس بوتين بسبب الاضطرابات الاجتماعية نتيجة التضخم فستكون روسيا أول الدول التي تدعم عملتها بالذهب، وهي الخطوة التي ستؤدي فوراً إلى حل مشكلة التضخم واسترضاء المواطنين. 

حتماً فإننا لا نعلم ما هي الخطوة التالية في الوقت الذي يؤكد فيه البعض أن السوق سيحاول استباق التوقعات، وهي لعبة احتمالات أكثر منها حقائق . ويتمثل قلقي في ألا يدرك السياسيون الصورة الكاملة للحرب المالية الوشيكة.

المصدر | سي إن بي سي | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

حرب العملات حرب مالية الأزمة المالية العالمية الكبرى 2008 معركة أسواق مالية سلاح النفط سوق السندات الأمريكية البنك المركزي الروسي

لا مبرر للعداء في حرب عملات مصطنعة

حروب العملة.. انتصار صيني!

الصين تخفض اليوان أكثر وتعزز مخاوف من حرب عملات