وزير المالية القطري يكتب لـ«بلومبيرغ»: آن أوان إنهاء الحصار

الخميس 3 أغسطس 2017 04:08 ص

قضت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حصارًا غير قانوني وغير مبرر على قطر منذ شهرين. وقد حاولت دول الحصار استخدام الوسائل التجارية والاقتصادية كأسلحة، عن طريق إغلاق الحدود، ومنع الصادرات إلى قطر، وفرض رقابة على المعلومات.

وقد صمدت قطر بنجاح أمام هذه المحاولات للانتقاص من سيادتها، حيث استجاب مواطنوها ومقيموها بهدوء أمام كل تحدٍ وعقبة. وتعود قوة قطر إلى استقلالها عام 1971، عندما اتخذت قرارًا مبكرًا بالسعي دائمًا إلى الحوار والدبلوماسية مقابل التهديدات وعرض القوة. وفي الوقت نفسه، عقدت العزم على توجيه القرارات الاقتصادية والاستثمارية من خلال اتخاذ وجهة نظرٍ قوية نحو مصالحها في الداخل والمنطقة والعالم.

وقد أثمر هذا النهج ثماره. ويعتبر مشروع سيتي سنتر دي سي في العاصمة الأميركية مثالًا رائدًا على ذلك، وهو استثمار من قبل شركة الديار القطرية تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار في هذا المشروع التجاري والسكني، وهو أكبر استثمار للقطاع الخاص في واشنطن، وقد خلق فرص عمل وقدم فرصًا للتنمية المستقبلية في المدينة.

ويتم تكرار نجاح المشروع بالقرب من ممر سابين بولاية تكساس، حيث دخلت قطر للبترول مع شركتين رئيسيتين أخريين هما إكسون موبيل وكونوكو فيليبس، لبناء واحدة من أكبر محطات الغاز الطبيعي المسال في العالم. وسيولد هذا المشروع، الذي تبلغ قيمته 10 مليار دولار، آلاف الوظائف في الولايات المتحدة، وينتج مليارات الدولارات تسهم في التنمية الاقتصادية.

وتأتي هذه المشاريع بالإضافة إلى 27 مليار دولار استثمرتها قطر في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، وما يقرب من 10 مليارات دولار إضافية من المقرر استثمارها في المشاريع الجديدة والقائمة في الأعوام المقبلة.

كما حققت قطر استثمارات كبيرة في الداخل. واليوم، تملك قطر واحدًا من أكبر المطارات الحديثة في العالم، والذي يستوعب الآن زيادة في حجم الشحن الجوي من الشركاء التجاريين العالميين، للتخفيف من القصور الناتج عن الحصار من قبل الدول المحاصرة. وكان ميناؤها الجديد حيويًا في تمكين تدفق المواد الغذائية، ومواد البناء في البلاد. وبهذا استمرت الحياة اليومية في قطر دون انقطاع.

وعلى نفس القدر من الأهمية، لا تزال قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولم يتم تفويت شحنة واحدة أو تأخيرها، حتى تلك التي تم حجبها من قبل الإمارات. وبينما مُنعت الصادرات عن قطر، واصلت قطر توفير 40% من استهلاك الإمارات من الغاز الطبيعي المسال يوميًا عبر خط أنابيب دولفين.

وتفعل قطر ذلك لأنّها لم ترغب في استخدام الأدوات الاقتصادية لإيذاء الشركاء التجاريين. كما أنها لا تستفيد من الصفقات التجارية لتحقيق مكاسب سياسية. ويريد القطريون من الشركات والبلدان التي تستثمر في قطر أو تستثمر فيها قطر أن تعرف أنّ قطر تُبقي الأعمال التجارية منفصلة عن السياسة. ولهذا، حافظت قطر على اتفاقياتها التجارية مع مصر والسعودية، وتبقي على سمائها مفتوحة لجميع شركات الطيران.

وقد سبق وطردت هذه البلدان المواطنين القطريين دون سابق إنذار، الأمر الذي دفع العديد منهم لإغلاق أعمالهم التجارية التي أنشئوها وعملوا على تنميتها لأعوام. وهناك التكلفة الإنسانية المؤسفة، حيث تفرقت العائلات التي يكون فيها أحد الوالدين قطري والآخر لا.

وعلى الرغم من سلوك البلدان المحاصرة، لن تغير قطر نهجها. ودعا الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» أمير دولة قطر، خلال حديثه إلى الشعب الأسبوع الماضي، إلى مزيدٍ من المبادرة والاستثمار لتنويع الاقتصاد، وإلى تحقيق قطر استقلالٍ اقتصاديٍ أكبر، من خلال التعاون الثنائي الإقليمي والعالمي، والشراكات القائمة على المصالح والاحترام المتبادلين.

ولا تزال قطر ترغب في تحقيق العلاقات الجيدة والنمو الاقتصادي والفرص التي كان قادة دول الخليج يتصورونها عندما أنشئوا مجلس التعاون الخليجي عام 1981. ومع استمرار الحصار، فإنّ أعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين يفعلون عكس ذلك.

ولن يكون إصلاح الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي سببها ذلك سهلًا. لكن يجب البدء بإنهاء الحصار والسماح بإجراء حوارٍ معقول. وكما قال هنري فورد: «التجمع بداية، والبقاء معًا تقدم، والعمل معًا نجاح». فلننهي هذا المأزق الكارثي، ونبدأ بتحقيق النجاح.

  كلمات مفتاحية

قطر حصار قطر ترامب الاستثمارات القطرية