«بلومبيرغ»: كيف حصل نظام «الأسد» على 18 مليون دولار من الأمم المتحدة؟

الخميس 3 أغسطس 2017 05:08 ص

دفعت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 18 مليون دولار العام الماضي لشركاتٍ لها علاقات وثيقة مع «بشار الأسد»، وبعضها يديرها محسوبي الرئيس السوري الموجودين على القوائم السوداء الأمريكية وقوائم الاتحاد الأوروبي.

ومُنحت عقود الاتصالات والأمن لمشغلين من النظام مثل «رامي مخلوف»، ابن عم «الأسد». وقال تقرير الأمم المتحدة السنوي عن المشتريات لعام 2016، وهو وثيقة مؤلفة من 739 صفحة نُشرت في يونيو/حزيران، أنّ موظفي الأمم المتحدة قد قاموا بسداد فاتورة بقيمة 9.5 مليون دولار في فندق فور سيزونز في دمشق، التابع لوزارة السياحة السورية. وقد ذهب حتى بعض أموال الأمم المتحدة إلى جمعية خيرية أقامتها زوجة الرئيس.

ولدى الأمم المتحدة قائمة سوداء عالمية خاصة بها وغير ملزمة بالعقوبات التي تفرضها الدول الأعضاء أو الكتل الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإنّ توزيع الأموال على حلفاء «الأسد» يزيد من الانتقادات الموجهة للمنظمة العالمية، وفشلها بشدة في سوريا، حيث أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 6 أعوام عن مقتل ما لا يقل عن 400 ألف شخص.

وقد أدانت هيئات الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا فظائع الصراع. وكانت الدول الغربية والعربية قد حمّلت معظم اللوم على «الأسد»، بيد أنّ حق النقض الذي تمارسه روسيا، المؤيدة للنظام السوري، قد منع مجلس الأمن الدولي من الموافقة على إجراءاتٍ أكثر صرامة أو إضافة أقارب «الأسد» إلى قائمته السوداء.

مكافأة على القتل

وقالت «كاثلين فالون»، المتحدثة باسم «الحملة من أجل سوريا»، وهي مجموعة مناصرة مستقلة: «تبين أي أموال تذهب إلى الأسد وحلفائه أنّ الأمم المتحدة ليست محايدة، بل هي في الواقع تساعد أكبر لاعبٍ في الصراع». وأضافت: «إنّ النظام مسؤولٌ عن أغلبية القتلى، ثم يكافئون على ذلك. وهذا يرسل برسالة خاطئة'».

ويشير مسؤولو الأمم المتحدة إلى صعوبة العمل خارج رعاية الحكومات في بلدان مثل سوريا، علاوةً على حماية موظفيها. وفي عام 2003، عندما بدأ الغزو الأمريكي للعراق يتطور إلى حرب أهلية مشابهة للنزاع السوري، قُتل مبعوث الأمم المتحدة «سيرجيو فييرا دي ميللو» وعدد من موظفيه في هجومٍ بسيارة ملغومة على فندق بغداد، الذي كانوا يستخدمونه كمقر.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة: «نحن نتعامل محليًا، وهناك العديد من الأماكن التي يكون فيها الاقتصاد المحلي مملوكًا للدولة وتكون لدينا خيارات محدودة جدًا». وعن إنفاق الأمم المتحدة في الفورسيزونز، الذي يشترك في ملكيته الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، قال: «هذا مكان واحد في دمشق تم تجهيزه لمراعاة الأمن».

وأنفقت الأمم المتحدة 140 مليون دولار على السلع والخدمات في سوريا العام الماضي، وفقًا للتقرير.

وحصلت «سيرياتل»، التي تعود إلى «مخلوف»، على مبلغ 164300 دولار من قبل ثلاث هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وقد دفعت وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، مبلغ 105043 دولارًا إلى شركة قاسيون، وهي شركة أمنية يملكها مخلوف.

«السيد 10 في المئة»

وكان «مخلوف»، أحد أغنى رجال الأعمال في سوريا، مدرجًا في القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية منذ عام 2008.

وقال «جوشوا لانديس»، وهو خبير في شؤون سوريا ويرأس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إنّه «يُعرف بالسيد 10 في المئة في سوريا، لأنّه مشارك في اقتصاد البلاد بشكلٍ كبير».

وأُضيف «محمد حمشو»، وهو رجل آخر من رجالات النظام، إلى قائمة العقوبات الأمريكية عام 2011. وحذا الاتحاد الأوروبي حذوها عام 2015، قائلًا أنّه «يستفيد من النظام السوري ويقدم له الدعم من خلال مصالحه التجارية».

ويسيطر «حمشو» على شركة جوبيتر للاستثمار، وفقًا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومُنحت الشركة عقدين لمساحات المكاتب وأماكن الإقامة من قبل عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لمراقبة منطقة مرتفعات الجولان بين سوريا و(إسرائيل). وقال تقرير المشتريات في الأمم المتحدة لعام 2016 أنّ الشركة تلقت عقود بقيمة 1.5 مليون دولار. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة عبر البريد الإلكترونى أنّ الهيئة الدولية لديها خيارات لتمديد عقود الإيجار التي تبلغ قيمتها الإجمالية 7.7 مليون دولار.

أنت لا تعرف

وقال متحدثٌ باسم وزارة الخزانة أنّ العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا «تحظر على الأشخاص الأمريكيين الدخول في مجموعة واسعة من المعاملات، ومنع الحكومة السورية من أنشطة معينة»، بينما رفض التعليق على شركاتٍ معينة.

وقالت «ليندا روبنسون»، المحلل السياسي الرئيسي في مؤسسة راند، إنّ «سمعة الأمم المتحدة قد تضررت» في سوريا، لكنّها اعترفت بالصعوبات التي تواجهها. وأضافت: «لدى الأسد القدرة على وقف عمل الجهات الفاعلة المستقلة والحد من خيارات من يمكنك العمل معهم. وفي بعض الحالات، لا يكون من الواضح من يملك أو يدير الشركات».

وفي الوقت نفسه، استهدفت حكومة «الأسد» جهود الأمم المتحدة لتقديم الإغاثة الغذائية والطبية إلى سوريا. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قصفت الطائرات السورية قافلة مساعدات تحمل الأدوية والإمدادات إلى مدينة حلب، التي كانت تحت حصار جيش «الأسد» وفي قبضة المعارضين

إنجاز الأمور

لكنّ المنظمات غير الحكومية السورية والدولية اشتكت من أنّ المساعدات ذهبت بشكل غير متناسب إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وقد تلقت تلك المناطق 88% من المعونة الغذائية الموزعة في دمشق في أبريل/نيسان عام 2016، وفقًا لتقرير برنامج الأغذية العالمي. وفي سبتمبر/أيلول، كتبت 73 منظمة غير حكومية إلى الأمم المتحدة تدين التلاعب في جهود الإغاثة.

إحدى المجموعات المحلية التي تعاملت مع عمليات تسليم المساعدات هي صندوق سوريا للتنمية، وهي جمعية خيرية تترأسها «أسماء الأسد»، زوجة «بشار الأسد». وقد حصلت من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على مبلغ قدره 751129 دولار العام الماضي.

وقال «رينود ليندرز»، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الحربية في كلية كينغز في لندن: «تريد الأمم المتحدة أن تكون أقرب ما يمكن إلى النظام لإنجاز الأمور. ومع ذلك، من المحير أنّ الأمم المتحدة تتجاهل القوائم السوداء الأمريكية،  خاصةً وأنّ الولايات المتحدة هي الممول الرئيسي لها».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

سوريا بشار الأسد الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية أسماء الأسد رامي مخلوف