للتناقض عنوان.. 2.5 مليار دولار لترفيه 30 مليون «معدم» مصري

الاثنين 7 أغسطس 2017 07:08 ص

«40% من سكان مصر تحت خط الفقر» و«نخطط لبناء مدينة ترفيهية بـ2.5 مليار دولار».. تصريحان متناقضان لوزيرين مصريين، يكشف الفجوة بين الواقع الذي يعيشه الشعب وبين رؤية الحكومة للتعاطي مع الأزمة الاقتصادية الحالية.

ففي الوقت الذي تعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة، وارتفاع البطالة والتضخم، وزيادة القروض لتصل إلى أرقام قياسية، تتجه السلطات إلى إنشاء مشروعات ترفيهية، بدعوى زيادة الاستثمار في البلاد.

«ديزني لاند»

البداية مع تصريح لـ«سحر نصر» وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، قالت فيه إن بلادها تسعى لجلب استثمارات لإنشاء مدينة ترفيهية عالمية متكاملة، على غرار «ديزني لاند»، بتكلفة تبلغ 2.5 مليار دولار.

جاء ذلك، خلال تفقدها، أمس الأول، عددا من مناطق محافظة مرسى مطروح (شمال غرب)، بصحبة مستثمرين ورجال أعمال، ضمن ما يسمى «مشروع تنمية غرب مصر».

وبحسب الوزيرة، التي زارت قرية أبو المرقيق بالمربع الذهبي، فإنه من المقرر إنشاء أكبر مناطق ترفيهية سياحية في مصر، على غرار مدينة «ديزني لاند» العالمية، بتكلفة 2.5 مليار دولار، بحسب ما نقلته عنها صحف محلية.

وأشارت وزيرة الاستثمار إلى أن «مشروع تنمية غرب مصر»، سيكون مركزا اقتصاديا واستثماريا، يعتمد على تحسين المناخ الاستثماري ويسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي والقومي ويحقق التنمية لكل القطاعات الأخرى كالسياحة والزراعة وتنمية عمرانية متكاملة، وتوفير الآلاف من فرص العمل.

فقر مدقع

جاء تصريح الوزيرة المصرية، رغم كشف وزير التنمية المحلية المصري «هشام الشريف»، الذي قال إن 40% من سكان مصر تحت خط الفقر المدقع.

وتعيش مصر، منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، أوضاعا اقتصادية صعبة لم تشهدها من قبل، أتت بالسلب على قطاع عريض من المواطنين، بعد أن سجلت أسعار السلع والخدمات في السوق المصري، ارتفاعا متباينا، وصل إلى 150% خلال الأشهر الماضية، متأثرة بقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبحسب تقرير رسمي صدر عن وزارة المالية مطلع العام 2017، فإن 21.7 مليون مصري باتوا غير قادرين على الحصول على احتياجاتهم الأساسية في مصر، وأن 3.6 ملايين مواطن عاجزون عن سد احتياجاتهم الغذائية.

ورصد التقرير الرسمي ارتفاع معدلات الفقر في مصر إلى 17.6٪ في الحضر، و32.4٪ في المناطق الريفية، بينما وصلت نسبة الفقر بين قاطني المناطق العشوائية إلى 42٪.

كما أن دائرة الفقر اتسعت في مصر لتشمل فئات جديدة، حيث صرح عضو مجلس النواب (البرلمان) «طلعت خليل»، مؤخرا، بأنه يعيش تحت خط الفقر ويسكن في شقة بالإيجار.

وقال «خليل»، في تصريح صحفي، إن دخله بالكامل بعد 25 عاما من العمل في القطاع الحكومي يضعه تحت خط الفقر حاليا، مشيرا إلى أنه لا يستطيع التنازل عن بطاقة التموين.

بينما يتوقع اقتصاديون أن ترتفع نسب الفقر بين المصريين لتصل إلى 70%، فـ«من يتقاضى 1200 جنيه (الحد الأدني للأجور) راتبا (نحو 67 دولارا) أصبح الآن تحت خط الفقر (فقر مدقع)».

وارتفعت نسبة الفقر المدقع في مصر إلى 5.3% من السكان في 2015، ارتفاعاً من 4.4% في 2012، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي).

كما تجاوز معدل البطالة في مصر 12.5% من إجمالي قوة العمل، بحسب بيانات رسمية.

ارتفاع التضخم

في مارس/آذار الماضي، اندلعت أعمال شغب بسبب الخبز في مصر، وقام آلاف المتظاهرين الغاضبين بإغلاق الطرق حول المخابز التابعة للدولة احتجاجا على قرار الحكومة بتخفيض عدد أرغفة الخبز المدعوم التي يمكن لكل أسرة شراؤها، ووقعت اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين المحتجين في الأماكن الفقيرة في كل من الإسكندرية وكفر الشيخ والمنيا وأسيوط.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، رفعت الحكومة أسعار الأدوية بنسبة 50%، مما أدى، بالإضافة إلى تخفيض قيمة العملة، إلى حدوث نقص مأساوي.

وفي الأشهر الأخيرة من العام الماضي، عانى المصريون من نقص حاد في السكر وبعض السلع الغذائية والدوائية.

وفي يوم تحرير سعر صرف الجنيه المصري، قرر النظام العسكري الحاكم في البلاد، مضاعفة أسعار الوقود، قبل أن يرتفع مجددا الشهر الماضي، في خطوة نحو إلغاء دعم الوقود نهائيا.

كل ذلك، رفع معدل التضخم السنوي الأساسي إلى 31.95% في يونيو/ حزيران الماضي، وسط توقعات أن يصل إلى 36% خلال الأشهر المقبلة.

اقتصاد قروض

وكان التضخم بدأ موجة صعود حادة، عندما تخلت مصر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي، ورفعت حينها أسعار الفائدة 300 نقطة أساس، قبل أن ترفعها مجددا 200 نقطة أخرى الشهر الماضي.

وتنفذ حكومة «شريف إسماعيل» سلسلة إصلاحات اقتصادية منذ نهاية 2015، وحتى الآن، سعيا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو، وشملت الإصلاحات بالإضافة إلى زيادة أسعار الطاقة والدواء، وتحرير سعر الصرف، إقرار قوانين جديدة للاستثمار، وتعديلات على قانون ضريبة الدخل، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، والموافقة مبدئيا على قانون للإفلاس.

هذه الخطوات، جاءت نتيجة نصائح صندوق النقد الدولي، الذي وافق نهاية العام الماضي على إقراض مصر 12 مليار دولار.

ولكن تكمن مشكلة وصفات صندوق النقد الدولي، هي عموميتها، التي لا تأخذ خصوصية كل بلد على حدة، لذلك فهي تعطي هذه الوصفات لكل البلدان التي تضطرها ظروفها إلى الاقتراض منه ويمارس ضغوطاً على الحكومات المقترضة حتى تحقق حزمة الإصلاحات المطلوبة.

ومنذ الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، توسع النظام المصري في الاقتراض الداخلي والخارجي بنسب كبيرة خلال السنوات الأخيرة في ظل انهيار السياحة وتراجع تحويلات المغتربين وقناة السويس والصادرات وهروب الاستثمارات الأجنبية.

وحصلت الحكومة المصرية على قروض داخلية وخارجية بمليارات الدولارات، من «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي» و«البنك الأفريقي للتنمية»، و«الصندوق الكويتي للتنمية»، وعدد من البنوك المحلية.

وتضمن مشروع موازنة السنة المالية 2018/2017 الذي أقرته الحكومة المصرية أواخر مارس/آذار الماضي، زيادة بنحو 25% في فوائد الديون.

ومن المقرر أن تسدد مصر كامل المستحقات والمديونيات المتراكمة لشركات النفط الأجنبية والبالغة 3.5 مليار دولار وذلك بحلول يونيو/حزيران 2019، وفق بنود اتفاقها للحصول على قرض من «صندوق النقد الدولي» البالغ 12 مليار دولار على 3 سنوات.

ويؤكد خبراء أن الديون المستحق سدادها خلال العام المالي الجاري، تتضمن قيمة الوديعة التى حصلت عليها مصر من الممكلة العربية السعودية بقيمة 2 مليار دولار خلال عام 2013، و2 مليار دولار وديعة من الإمارات العربية المتحدة، و2 مليار دولار وديعة من الكويت، بالإضافة إلى وديعة بقيمة 2 مليار دولار أيضا حصلت عليها من ليبيا عام 2013.

وتشير وثائق قرض صندوق «النقد الدولي» لمصر، إلى أن القاهرة مطالبة بتدبير 20,4 مليار دولار، خلال 5 سنوات لخدمة الدين الخارجي سواء فوائد أو أقساط مستحقة.

وتبعاً لوثائق صندوق «النقد الدولي»، فمن المقرر أن تسدد مصر 3,5 مليار دولار خلال 2018/2017، و3,4 مليار دولار في 2019/2018، و3,6 مليار دولار في 2020/2019، و4 مليارات دولار في 2021/2020.

يشار إلى أن صندوق النقد الدولي توقع أن ترتفع ديون مصر الخارجية إلى 102,4 مليار دولار، مع انتهاء برنامج الاصلاح الاقتصادي في 2021/2020، مقارنة بـ55,7 مليار دولار خلال العام المالي الماضي.

وكان وزير المالية المصري «عمرو الجارحي»، ذكر أن حجم الديون التي اقترضتها مصر من 2011 وحتى الآن وصل إلى 104% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تضاعف من تريليون جنيه عام 2011، إلى 3.2 تريليون جنيه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مدينة ترفيهية مصر التضخم قروض فقر ديزني لاند اقتصاد أزمة اقتصادية