استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

معوقات مواجهة تنظيم «الدولة»

الأربعاء 31 ديسمبر 2014 02:12 ص

تنظيم «داعش» في العراق والشام يزداد خطورة ووحشية، ولا يبدو أن سنة 2015 ستكون مختلفة في مواجهته، فكل المؤشرات حتى اللحظة تشير إلى صعوبة بناء تحالف فاعل لمحاربة التنظيم، والأكثر خطورة من تكوين التنظيم لـ«دولة»، هو تحوله إلى فكرة، كما حدث في الاعتداءات على أجانب في السعودية من متعاطفين معه، هذه الحالة حولت تنظيم القاعدة سابقاً إلى ما يشبه الماركة التجارية التي ينسب إليها كل شيء، على رغم عدم وجود تنظيم حقيقي عالمي ممتد بالطريقة التي يمكن تصورها.

صعوبة محاربة التنظيم نابعة من تاريخ تكوينه وتاريخ مواجهته، فهذه ليست المرة الأولى التي يتمدد ويتغول في المنطقة، لاسيما العراق، وحتى اللحظة تبدو الحكومة العراقية والولايات المتحدة عاجزتين عن بناء استراتيجية لمواجهته، كما فعلت في 2007، من خلال تجنيد ما بات يعرف بالصحوات لاحقاً.

قصة صعود التنظيم مرتبطة بالاحتلال الأميركي؛ فالتنظيم بدأ حركةَ مقاومةٍ أسسها أبو مصعب الزرقاوي، ثم أعلن بيعته لأسامة بن لادن، لتصبح راية التنظيم هي راية القاعدة أو «قاعدة الجهاد في العراق».

لكن تعقيدات الوضع العراقي، بفعل استخدام ميلشيات شيعية كفيلق بدر من الأميركيين؛ لإخماد المقاومة، غيَّر مبدأ المقاومة عند التنظيم؛ ليتحول إلى طرف في حرب أهلية ضروس اجتاحت العراق في 2005 و2006، هنا بدأ التنظيم يكتسب صيتاً سيئاً، ويتغول في وحشيته، حتى إن أسامة بن لادن نفسه سجل اعتراضاته على الزرقاوي، رافضاً استهداف المدنيين العراقيين.

الاستراتيجية السابقة، التي من خلالها قُضي على التنظيم في 2007- استفادت بشكل مباشر من فقدان التنظيم لحاضنته الشعبية السنية، بعد أن بدأ يستهدف الفصائل المقاومة المنافسة له، وحاول فرض نفوذه «كدولة» وإن لم يعلنها على السكان المحليين، وهو ما جعل تكوين «الصحوات» من الحكومة المركزية العراقية والقوات الأميركية أمراً سهلاً لمواجهة التنظيم، سهولة نابعة من رغبة العشائر الذاتية في مواجهته، ورغبتهم في الحصول على السلاح الأميركي، والنفوذ في بغداد.

العشائر السنية في تلك الفترة، كانت تطمع بالحصول على جزء من الكعكة السياسية في العراق، من خلال الانخراط في الحرب على «الإرهاب»، لكن آمالها خابت بسبب سياسات نوري المالكي الإقصائية، التي انتهت إلى نفور حلفائه من أحزاب الإسلام السياسي الشيعية منه في النهاية، واستبداله بالعبادي لاحقاً، بعد خراب روما.

الأميركيون يحاولون بناء استراتيجية مشابهة لتلك التي بنيت في 2007، لكن الظروف لم تساعدهم حتى اللحظة، ولا يبدو أنها ستساعدهم لإعادة التاريخ.

لمرات عدة يعلن رئيس هيئة الأركان الأميركية مارتن ديمسي أن مفتاح الحل في العراق يكمن في إدماج سنة العراق في العملية السياسية، التي يشعر هؤلاء بأنهم مستبعدون منها، من أجل القيام بخطوة لاحقة وتجنيد هؤلاء في مواجهة التنظيم، ولاسيما العشائر، لكن لا يبدو أن هذه الهدف في متناول اليد، لأسباب مختلفة.

فالتنظيم ممتد بين العراق وسورية، بمعنى أن بناء استراتيجية لمواجهة هذا التنظيم في دولة واستبعاد أخرى لن يساعد في القضاء عليه، لذا تُجنَّد ميلشيات سورية؛ لمواجهة التنظيم، مع التحفظ على إعطائهم سلاحاً استراتيجياً، ربما خشية استخدامه ضد الأسد، إذ كان الفيتو الأميركي دائماً موجوداً لتنظيم تسليح الثوار في سورية، إذ يستمر النزاع من دون حسم؛ للوصول إلى نقطة إنهاك يتفق بعدها الجميع على تسوية سياسية بعد دمار سورية.

في العراق الظروف مختلفة، فالعشائر العراقية لدغت في 2007، إذ تمكنت من تدمير التنظيم، في مقابل وعود سياسية لم تتحقق، بل على العكس، لم يتم استبعاد السنة سياسياً فقط، بل التنكيل بهم من «قوات المالكي»، كما يتم الإشارة إلى القوات العراقية في المناطق السنية، هذا التنكيل بجزء من الشعب العراقي أسهم لاحقاً في قيام ما سمي «الربيع العراقي»؛ إذ انطلقت احتجاجات في الأنبار قرابة السنتين؛ رافضةً سياسات المالكي الاستبدادية.

هذه النقمة أسهمت لاحقاً في تمدد تنظيم داعش، باعتباره استعاد حاضنته الشعبية، التي -ربما- لم تحتضنه حباً فيه، لكن كراهيةً في النظام الطائفي الحاكم في بغداد، ورغبةً في الثأر، الثأر الذي يتكرر باستمرار في أدبيات «داعش» في العراق والشام، إن كان في أناشيده، أو تصريحات المنتمين إليه، أو حتى صياغة أفلام القتل التي تنشر باستمرار وتضع القتل والتنكيل بالخصوم في سياق استعادة الكرامة والانتقام من وحشية هؤلاء، سواءً «قوات المالكي» أم شبيحة بشار الأسد.

المتغير الآخر فكرة «الدولة» التي حاول التنظيم ترسيخها، فالتنظيم بحسب التقارير يدفع جيداً للمنتمين إليه، الذين ليسوا بحاجة إلى أموال بسبب إيمانهم العقائدي بفكرة التنظيم، لكن لهذا دلالة أعمق على مستوى الرسوخ والتمدد، وهو ما يعني أن مواجهته ستكون أصعب وهو «دولة» تسيطر على مدن وحقول نفط، وتملك تنظيماً إدارياً وعسكرياً ودخلاً يومياً مليونياً. كل هذا يجعل التنظيم أغنى وأقوى اليوم منه في 2007.

كل هذه المتغيرات تجعل بناء استراتيجية لمواجهة تنظيم الدولة أصعبَ، فالعودة إلى الاستراتيجية القديمة أمرٌ مستبعد بسبب تغير معطيات الواقع كقوة التنظيم ونقمة حاضنته الشعبية على حكومة بغداد، وتمدده بين العراق وسورية، كما أنه لا يوجد اتفاق سياسي عراقي-أميركي حتى هذه اللحظة يجعل مواجهة التنظيم أمراً في متناول اليد في المدى المنظور.

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

سوريا العراق الربيع العراقي الدولة الإسلامية نوري المالكي الطائفية