استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تداعيات انخفاض أسعار النفط

الأربعاء 31 ديسمبر 2014 03:12 ص

وفقاً للأهمية الكبيرة التى يحتلها النفط على صعيد الاقتصاد العالمى، فإن حدة الاتجاه الحالى لأسعار البترول وانخفاضها الكبير حتى الآن أكثر من 40% خلال بضعة أشهر منذ شهر يونيو الماضي لا بد وأن يكون لها تداعيات مهمة لا يستهان بها أو التقليل من شأنها سواء على الصعيد الاقتصادى أو المالى وحتى على الصعيد الصناعى والتقني على حد سواء.

فيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية فإن هذا الحدث يمثل نوعاً من تحويل الثروة من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة للنفط . هذا التحويل يقدر حتى الآن بما يتجاوز 3 .1 تريليون دولار سنوياً.

من التداعيات الاقتصادية الأخرى كذلك هو ان هذا الانخفاض المهم في أسعار النفط من شأنه أو يفترض ان يساعد على سرعة نمو وتعافي الاقتصاد العالمى . كذالك فإن هذا الانخفاض يتوقع ان يكون في مصلحة الدول المستوردة للنفط والتي ستشهد تحسناً ملموساً في فاتورة استيرادها من المنتجات النفطية .

أما على صعيد التداعيات المالية فهي من دون شك كبيرة جداً، حيث من ناحية فان ميزانيات الدول المنتجة للنفط ستخضع لإعادة نظر بما يشمل خفض النفقات ليس بالضرورة النفقات الجارية التى فى الغالب يصعب التراجع فيها لكن المرجح وكما هو معتاد ان يكون ذلك على حساب النفقات الرأسمالية التي هي في الأصل تمثل النسبة الأقل في الميزانية وان كانت ضرورية ومطلوبة .

من التداعيات المالية الأخرى هو احتمال تدني التصنيف الائتماني لبعض الدول المنتجة للنفط والتي قد لا تكون مراكزها المالية بالقوة المطلوبة الأمر الذي سوف يرفع من تكاليف اقتراضها خاصة وان احتمال لجوئها للاقتراض مجدداً ضمن هذه الظروف هو احتمال مرجح.

هذا الأمر في الواقع لا يقتصر على الدول، ولكنه ينسحب أيضاً على شركات النفط وخاصة تلك العاملة فى مجال النفط الصخري والتي توسعت اعتماداً على الاستدانة والاقتراض . والسؤال في هذا الصدد هو عن مصير المصارف التى أقرضت لهذه الشركات خاصة، إذا وصلت هذه الشركات بسبب تدهور أسعار النفط إلى مستوى تعجز فيه عن تسديد التزاماتها المالية أو في حالة وصولها إلى حافة الافلاس على ضوء استمرار مثل هذه التطورات التي حسبما يبدو غير محسوبة . في الواقع إن التداعيات الفنية والصناعية الخاصة بقطاع وسوق النفط هي في المحصلة التي سوف تحدد التوازن واستقرار أسعار النفط . إن أول هذه التداعيات هو ما شاهدناه من تغيير ملحوظ في سياسة واستراتيجية منظمة الدول المصدرة للبترول "الأوبك"، حيث في المعتاد تقوم هذه المنظمة بتخفيض إنتاجها من النفط لرفع الأسعار إلى ما كانت عليه . لكننا هذه المرة وجدنا المنظمة تتبع استراتيجية مختلفة لكنها مبررة قائمة على ترك السوق من خلال العرض والطلب أن يقوم بتحديد السعر المناسب.

لقد ضحت المنظمة ولفترة طويلة من أجل استقرار أسواق النفط بالرغم من ان لديها ميزة نسبية على غيرها من المنتجين الذين ليسوا بالضرورة من الأكفاء أو الأقل تكلفة، الأمر الذي شجع كثيراً المنتجين الهامشيين على دخول سوق النفط ومنافسة دول منظمة الأوبك. وأخذ حصة متزايدة من سوق النفط على حساب الأوبك ان الاستراتيجية الجديدة للمنظمة سوف تعيد الأمور إلى نصابها وتحفظ للمنظمة حصتها العادلة من سوق النفط، هذا إضافة الى استبعاد المنتجين الأكثر كلفة في هذا القطاع . الاشكالية التي قد تواجه المنظمة في هذه الاستراتيجية هي إلى أي حد يمكن لجميع أعضاء المنظمة التماسك والصمود في هذا الموقف خاصة وأن بعض الأعضاء في حالة مالية صعبة مثل إيران والعراق وفنزويلا.

هناك أيضاً الاحتمال بأن تكون هذه الاستراتيجية فى صالح منافسي الأوبك وبالذات الشركات العاملة في النفط الصخري، حيث من شأن هذه الاستراتيجية وإن أدت إلى ضغوط كبيرة على هذه الشركات إلى الحد الذي يمكن ان يخرج بعضها من السوق إلا ان مثل هذا الوضع يمكن أن يؤدي الى مزيد من التحسن في تكنولوجيا النفط الصخري، وبالتالي امكانية استمرار الانتاج في هذا القطاع بتكاليف أقل.

على كل حال فإن التقديرات تشير إلى أن سوق النفط يعاني في الوقت الحالي فائضاً في حدود مليون إلى مليون ونصف المليون برميل في اليوم . وهذا الفائض راجع أساساً إلى عاملين، الأول هو زيادة المعروض من النفط، والثاني يرجع الى ضعف الطلب بسبب تدني الأوضاع الاقتصادية في كثير من دول العالم، خاصة في الدول الأوروبية والصين وغيرها التي تعاني ضعف معدلات النمو الاقتصادي.

وسواء تعلق الأمر بالمعروض أو بمستوى الطلب على النفط فكلا الأمرين لا يبدو أنه قابل للحل في المدى القصير، حيث ان العملية حسبما يبدو تحتاج لبعض الوقت لإعادة هيكلة سوق النفط وفقاً للمستجدات الاقتصادية والمالية والتكنولوجية. وإلى أن نصل إلى تلك المرحلة فإن سوق النفط سيظل خاضعاً لضغوط تصحيحية تعيد في النهاية إلى السوق التوازن المنشود.

 

* د. جاسم المناعي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي سابقا. 

 

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط هبوط التصنيف الائتماني عجز الموازنة إجهاض التنمية