لماذا تستضيف قطر المنفيين السياسيين على أراضيها؟

الاثنين 14 أغسطس 2017 05:08 ص

كشفت الفضيحة الأخيرة في أزمة مجلس التعاون الخليجي الحالية عن تسريب إلكتروني للسفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة «يوسف العتيبة» يتمثل في رغبة بلاده في استضافة سفارة لطالبان، وقبل أسبوع من هذا ، تحدث سفير أبوظبي في واشنطن علنا عن شكوكه في استضافة قطر لطالبان في مقابلة مع «تشارلي روز»، قائلا: «لا أعتقد أنه من قبيل المصادفة أن تجد داخل الدوحة كل من قيادة حماس، وسفارة طالبان، ولديك قيادة الإخوان المسلمين».

وقد جاء هذا وسط وابل من المقالات في الصحافة الإماراتية والسعودية التي تدعي كشف الروابط التاريخية بين الحكومة القطرية والإخوان المسلمين، على الرغم من أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي استقبلت أعدادا كبيرة من المتعاطفين مع الإخوان خلال الخمسينات والستينات، حيث شغلوا مناصب عامة قوية في أواخر السبعينات، ولكن المفقود في هذا الإنتاج الإعلامي المتزايد والخطابات الرسمية، هو فحص أولا من هو الذي وجد الملجأ في قطر، وثانيا إلى أي مدى تقوم القيادة القطرية باستضافة شخصيات بارزة على أساس الروابط الأيديولوجية.

يعد الشيخ «يوسف القرضاوي»، أشهر اللاجئين السياسيين المعروفين داخل البلاد، وربما كان أقدمهم (غادر مصر في عهد جمال عبد الناصر – بعد معاداة جماعة الإخوان المسلمين في عام 1961). والواقع أن زوجة الرئيس البعثي العراقي الراحل صدام حسين «ساجدة خير الله» ووزير خارجيته «حسين ناجي صبري الحديثي» ومساعده «حسين أرشاد ياسين» قد وجدوا جميعا الملجأ في قطر، كما يوجد أيضا الرئيس الموريتاني السابق «معاوية ولد سيد أحمد طايع»، الحاكم العسكري الاستبدادي الذي أغضب الإسلاميين في بلده من خلال متابعة العلاقات مع (إسرائيل).

ولعل أشهر الشخصيات من غير الإسلاميين الذين وجدوا ملاذا لهم في قطر هو «عزمي بشارة» وهو قومي عربي ومسيحي فلسطيني وعضو سابق في الكنيست، ومن المعروف أنه مستشار مؤثر للأمير «تميم»، بالإضافة إلى كونه مديرا للمركز العربي للبحوث ودراسات السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا.

أما الشخصيات الإسلامية التي وجدت ملاذا في قطر، فهي لا ترتبط بالضرورة بجماعة «الإخوان المسلمون»، ولكن هناك ميل متزايد إلى رسم جميع الإسلاميين تحت تسمية «الإخوان المسلمون».

وبصرف النظر عن «القرضاوي»، فإن زعيم حماس «خالد مشعل» هو الأكثر شهرة، على الرغم من أن حماس مرارا وتكرارا، وخلال العام الماضي، سعت إلى فصل نفسها عن جماعة «الإخوان المسلمون».

وعلاوة على ذلك، وجد الواعظون المثيرون للجدل مثل «بلال فيليبس» الكندي المولود بجامايكا والداعية «وجدى غنيم» ورجل الدين الليبي «على الصلابي» والزعيم الجزائري السابق للجبهة الإسلامية للإنقاذ «عباس مدني» الملجأ في قطر، وكان الرئيس الشيشاني السابق المنفى «ينداربييف» قد فعل ذلك أيضا، على الرغم من أنه قتل في سيارة مفخخة في الدوحة في عام 2004، وقد بدا أيضا أكثر ارتباطا بالسلفية أكثر من أيديولوجية «الإخوان المسلمون».

على الرغم من أن هذه الشخصيات الإسلامية تأتي من جنسيات مختلفة وخطوط أيديولوجية مختلفة، فإن وجودها يفسر على أنه دليل على تعاطف الحكومة القطرية مع «الإخوان المسلمون».

يعد موقف قطر تجاه «الإخوان المسلمون» تحديدا، والإسلاميين بشكل عام، أكثر صداقة بالتأكيد من السعودية أو الإمارات، ومع ذلك فإنه يعكس على الأرجح فهما لتفضيلات السكان المحليين للإسلام المحافظ، بدلا من الروابط الأيديولوجية أو المؤسسية مع القيادة السياسية، في الواقع، لم تستخدم الحكومة وجود مثل هذه الشخصيات لفرض السياسات الإسلامية داخل قطر، على الرغم من أن بعض برامجها الاجتماعية المحافظة من المرجح أنها تحظى بشعبية.

وفي مقال نشرته «المونيتور» مؤخرا، تم تقييم عدد من أعضاء المعارضة العراقية الذين يعيشون في قطر، بمن فيهم «عبد الحكيم السعدي»، شقيق «عبد الملك السعدي»، الذي يعتبر أهم رجل دين سني في العراق؛ وطارق الهاشمي، نائب الرئيس السابق الذي أدانه العراق بالإرهاب، فضلا عن غيره من المعارضين للقيادة الشيعية في العراق.

ويتوقع التقرير أن تضع الحكومة القطرية قيودا على الأنشطة المعارضة التي يمكن أن تحدث داخل الدولة، وعلى الرغم من ذلك، فان تطوير مجلس تنسيق عراقي سعودي لتعزيز العلاقات الاستراتيجية وزيارة «مقتدى الصدر» إلى المملكة في أواخر يوليو/تموز قد يشير إلى مزيد من التعاون بين الحكومة العراقية الحالية والدول المناهضة لقطر، ما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على قطر لطرد أعضاء المعارضة العراقية، على الرغم من أنها ليست مرتبطة بـ«الإخوان المسلمون».

ويبدو أنه يتم يتجاهل قدرة النظام القطري على استضافة الأفراد ذوي النفوذ ليس بسبب الانتماء الأيديولوجي، بل ببساطة لأنهم مؤثرون في الخارج، وقد ظل هذا التوجه قائما منذ عقود، فقد قام الشيخ «خليفة بن حمد آل ثاني»، وهو «مصلح تقدمي» داعم للقومية العربية، الذي حكم من 1972-1995، بتطوير صداقة قوية مع «القرضاوي» الذي أعطاه تعليما دينيا.

وكان الشيخ «خليفة»، هو نفس الحاكم الذي أطاح بوزير تعليم تابع لجماعة «الإخوان المسلمون» من أجل آخر قومي، ولا يعني الإصرار على الوجود المستمر للقرضاوي في الإمارة العربية على تأييد «الإخوان المسلمون» كمنظمة أو حتى كأيديولوجية ولكنه يعكس تفهم الشيخ خليفة بأن تجنس «القرضاوي» كان مناسبا سياسيا بسبب موقف الواعظ البارز في العالم الإسلامي.

عند النظر إلى قطر، من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار ما هي بالضبط السياسة المعتمدة وما هي السياسة الناجمة عن الرغبة في توسيع نطاق التأثير على الصعيد العالمي.

لا توجد علاقة أيديولوجية بين القيادة القطرية و«الإخوان المسلمون» أكثر من وجود علاقة بين عائلة آل ثاني ونظام البعث بقيادة «صدام حسين».

إن وجود اللاجئين السياسيين ليس دليلا على الانتماء الأيديولوجي، وإنما على الرغبة في توسيع النفوذ إقليميا ودوليا.

يقول «ديفيد روبرتس» في مقال في مجلس سياسة الشرق الأوسط لعام 2014 إن توفير الملاذ للمنفيين هو جزء من الرؤية التأسيسية لدولة قطر، فقد قام عضو مؤسس في عائلة آل ثان بكتابة قصيدة تشبه قطر على أنها «كعبة المحرومين».

أما بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى ملجأ، فإن قطر، قدمت بديلا، ومنذ ذلك الوقت، دعت قطر بشكل استباقي الشخصيات السياسية والاجتماعية المؤثرة من مختلف الأيديولوجيات كوسيلة لتعزيز موقفها في النزاعات الأيديولوجية الأولية في المنطقة.

المصدر | كورتني فرير - إنترناشيونال بوليسي دايجست

  كلمات مفتاحية

قطر حصار قطر يوسف القرضاوي