«فستان اللجوء» و«صنادل العبد» .. سقطات الموضة في دعم القضايا

الأربعاء 16 أغسطس 2017 10:08 ص

لطالما كان ارتباط الموضة بقضايا السياسة والاجتماع والاقتصاد وحتى المناخ، وهو أمر وفقًا للمصادر المطلعة على ذلك المجال ليس مستجدًا، إلا أن تحول الملابس في السنوات القليلة الماضية إلى منصات لإيصال الرسائل المختلفة سلط عليها الضوء كأداة بصرية شديدة التأثير والرواج.

وكما قد تلعب الأداة في القضايا الإشكالية دورًا إيجابيًا، فإن لها سقطاتها التي تنقلب سلبًا على اللباس وعلى القضية. وبالنسبة للجانب الإيجابي، يمكن تسجيل العديد من المحطات التي تعود إلى أيام «ثورة كوكو شانيل» أو حتى قبلها.

ومؤخرًاً، واكبت الموضة الانتخابات الأمريكية برسائل انتقدت سياسات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، وأخرى رفضت قرار حظر السفر أو الحائط الحدودي مع المكسيك، كما اعترضت على ظواهر الإسلاموفوبيا والعنصرية وغيرها. في حين، دخلت أسماء عديدة في عالم الموضة إلى سوق المحجبات من ملابس رياضية ولباس بحر وغيرها.

في المقابل، ذهبت بعض الصيحات إلى إهانة قضايا معينة والإساءة إليها. انطلاقًا من مفهوم أن هذا العالم تحركه المصالح التجارية بشكل جوهري، مرورًا بالسعي نحو التميز والإثارة والارتكاز على عامل الصدمة، وصولًا إلى الالتزام بقضايا سياسية واجتماعية والدفاع عنها.

كل ذلك لا يعني الدعوة لابتعاد الموضة عن هذه القضايا، بالعكس ثمة نظريات عدة تؤكد ضرورة انخراطها بها، ولكن الاستغلال السيء والمبالغة تأثرًا بعوامل التجارة والإثارة، له ما له من مفعول سلبي على تلك القضايا، كما على سمعة دور الأزياء والماركات التي تروّج لها.

ومن بين المنتجات التي حرضت الجميع على انتقاداها، قطع مثل «فستان اللجوء»، و«صنادل العبد»، و«كنزة الشرطي»، و«اللجوء الشيك».. وأسماء أخرى أثارت جدلًا واسعًا عندما أعلنت عنها دور الأزياء وأسمت بها ملابسها وأحذيتها.

الفستان الخطأ

ولكن «اللجوء ليس موضة»، حسب العنوان الذي اختارته صحيفة «نيويورك تايمز» لتقريرها الذي تناول مسألة سقوط الموضة في فخ الاستفادة واستغلال قضايا راهنة باعتبارها عنصر جذاب ورائج ومثير.. إلخ، بغض النظر عن تأثير مثل تلك المسميات على الضحايا والمتضررين.

وفي مطلع الشهر الحالي، أثار متجر «Uzi» الأمريكي للملابس الجدل بعد إعلانه عن فستان جديد اسمه «فستان اللجوء - Refugee Dress».

تم تقديم الفستان باعتباره الخيار الأنسب للصيف الحار، فهو مريح ومجعد في تصميمه بما لا يسمح للتعرق والحر أن يتركا آثارهما عليه. وإن بدا فستانًا عاديًا وبسيطاً، بل بالأحرى مهملًا وغيز مُهندمًا، إلا أن سعره يبلغ 119$.

من ناحيتها، نشرت فتاة من «أوكسفورد» صورة للفستان منتقدة الاسم، وأعقب ذلك موجة من الاعتراضات، الأمر الذي دفع الشركة إلى سحب الاسم واستبداله ليصبح «فستان أوكسفورد - Oxford Dress»، وحظر الفتاة من صفحتهم.

وفي حديث مع «نيويورك تايمز»، أوضحت مؤسسة المتجر «ماري غوستافسون» الخيار الأول لإسم التصميم، كما بررت الاسم السياسي بالقول: «عندما تصنع شيئًا عليك أن تمنحه اسمًا. لكن معظم شركات الأزياء تلجأ إلى أسماء مملة لأنها لا تريد أن تجري محادثات جادة، ولكن من الضروري الانخراط في هذه القضايا».

بحسب الصحيفة، فإن «غوستافسون» مصممة على ما قالته وعلى رؤيتها، مشيرة إلى أن «Uzi» سلك الطريق خاطئًا في تنفيذه.

 

«صنادل العبد» الملونة

في العام الماضي، سقطت «دولتشي & غابانا» في الفخ نفسه. حينما أعلنت عن صنادل جديدة لاقى شكلها رواجًا ضخمًا، فهي ملونة ومريحة ومميزة.

لكن المشكلة كانت في الاسم الذي اختارته الشركة لمنتجها: «صنادل العبد - Slave Sandals».

حيث بلغ سعر الصندل الواحد 2395$، لكن الاسم أحرج دار الأزياء بعد موجة من الاعتراض عبّرت عن الاستهجان، بل وحتى «القرف» منها، واتهمتها بـ«تمجيد العبودية»، ما اضطرها إلى تغييره.

«أوشفيتز» و«الهجرة الأنيقة»

قبل الشركة الإيطالية، أثارت «زارا» الاستياء من كنزة «الشريف - Sheriff» للصغار، والتي تعيد التذكير بملابس معسكر «أوشفيتز» النازي. الكنزة طلبها عدد من الأشخاص لكنها لم تُرسل إليهم، في حين أعلنت الشركة عن إتلاف ما يوجد منها في مستودعاتها.

أما «Ethnic Woman - المرأة العرقية»، هو الخط الذي ركزت عليه المصممة «دوبرياكوفا» في إحدى مجموعاتها، وقد أثارت كذلك الضجة واتهمت بالعنصرية، فلجأت المصممة إلى تغيير الاسم.

والحال نفسه، طال كنزة ارتدتها الممثلة الهندية العالمية «بريانكا شوبرا» مكتوب عليها «لاجئ/ مهاجر/ دخيل» مع خط أحمر فوقها، في حين بقيت كلمة «رحال» كخيار دون خط أحمر.

وأتى الجواب على الكنزة بأن «اللجوء ليس خيارًا»، وفي مثل هذه الملابس إهانة لكل الظلم الذي يعانيه من تضطرهم الحرب للهرب.

وقد اعتذرت الممثلة لاحقًا، كما اعتذرت المسؤولة في مجلة «فوغ» الأمريكية، «آنا وينتور» عن تسمية «الهجرة الأنيقة - Migrant Chic» عند حديثها عن أحد عروض الأزياء لمهاجرين.

من هنا، لا يمكن الحكم بضرورة تجنب المسؤولين في عالم الأزياء الخوض في القضايا الإشكالية، بل توخي الحذر عند مقاربتها، و«القيام بذلك بسلاسة وذكاء»، حسب الصحيفة.

الموضة المفيدة

على جانب آخر أكثر إيجابية في مقاربة قضايا اللجوء في الأزياء، تظهر تجربة «Slow Factory»، لصاحبته «سيلين سمعان»، التي تسعى لتسليط الضوء على الأزمات بشكل جديد.

حيث تأتي إحدى تجاربها، في إطلاق شالات للمحجبات وأغطية للرأس، عليها رسوم لمدن من اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان والصومال وإيران، وهي الدول التي طالها قرار «ترامب» بحظر السفر.

في غضون ذلك، دخلت «برادا» العام الماضي على خط تسليط الضوء على أزمات اللجوء والسفر غير الشرعي والغرق في البحر والحروب، بخط من الملابس كان فيها من القطع البحرية والتمزيق والأصفاد، ما يكفي لإيضاح الفكرة.

وبشكل أكثر عمليه، وفيه رسالة وفائدة، يُظهر هذا الفيديو كيف أطلقت «أنجيلا لونا» من «Adiff»، سترات واقية من المياه يمكن أن تتحول إلى خيم للنوم.

وتختتم الصحيفة، بالإشارة إلى أنه ينطبق على هذا النوع من الأزياء ما قالته «كوكو شانيل» قديمًا: «الموضة ليست في الملابس.. هي في الشارع وفي السماء.. الأزياء مرتبطة بالأفكار وبالطريقة التي نعيش بها»، وعليه تصبح الموضة فكرة، والفكرة عملًا.

المصدر | الخليج الجديد + رصيف 22

  كلمات مفتاحية

أزياء تصميمات موضة ملابس الأزياء القضايا دعم القضايا إهانة تسويق ابتكار