ما هي حقيقة طلب الوساطة العراقية بين السعودية وإيران؟

الخميس 17 أغسطس 2017 12:08 م

لليوم الثالث على التوالي يرفض وزير الداخلية العراقي، «قاسم الأعرجي»، طلباً من رئيس الحكومة، «حيدر العبادي»، بإصدار بيان يتراجع فيه عن تصريحاته التي أطلقها من طهران، الأحد الماضي، حول طلب السلطات السعودية من العراق تأدية دور الوسيط مع إيران، وذلك بسبب إحراج السعوديين بعد الإعلان عن الوساطة، التي كان من المفترض أن تكون غير معلنة، وتتعلق بعدد من الملفات، أبرزها الملف اليمني.

وفاقم كشف وزير الداخلية عن الوساطة من توتر العلاقة المتأرجحة أصلاً مع «العبادي»، خصوصاً بعدما نفت الوزارة إصدار أي بيان حول تراجع «الأعرجي» عن تصريحاته بشأن الوساطة، وفقاً لمصادر رفيعة المستوى في الحكومة أكدت أن «العبادي فهم منذ البداية رغبة الرياض بأن يكون موضوع الوساطة غير معلن».

وأكد مستشار وزارة الداخلية العراقية، «وهاب الطائي»، وهو أحد أعضاء الوفد العراقي إلى السعودية، الثلاثاء، أن ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، طلب ذلك شخصياً، وأن الوزارة لن تنفي كلام الوزير حول طلب الرياض الوساطة العراقية مع إيران، مبيناً أنه حضر الاجتماع مع «محمد بن سلمان»، وكان من أول ما تحدث به هو مساعدة بغداد في أداء دور الوسيط مع طهران لتخفيف التوتر الحالي.

وقال «الطائي»، إن «الكلام الذي تحدث به الوزير حول طلب السعودية وساطة عراقية مع إيران صحيح بالكامل».

وأضاف: «أنا كنت مع الوزير خلال الاجتماع مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وكان طلباً واضحاً لا غبار عليه، وهو أن يقوم العراق بوساطة بين الرياض وإيران»، مبيناً أن وزارة الداخلية لم تنفِ، ولم تصدر بياناً يتراجع عن التصريحات التي أعلن عنها الوزير أو ينفيها، مستدركاً بأنه تم طرح نفس الموضوع على رئيس الوزراء خلال زيارته السابقة إلى المملكة.

تكليف شفهي

وحول تفاصيل الوساطة المعلنة، أكد وزير عراقي بارز أن التكليف كان شفهياً من قبل ولي العهد، لرئيس الوزراء العراقي، لكن المستغرب هو تكرار بن سلمان نفس الموضوع مع وزير الداخلية الذي لا علاقة له بمثل تلك الملفات التي تعتبر من اختصاص وزارة الخارجية ورئيس الوزراء.

ورجح الوزير العراقي أن تكون علاقة وزير الداخلية العراقي، القيادي السابق في ميليشيا بدر، «قاسم الأعرجي»، الوطيدة جداً مع طهران، وتحديداً المرشد الإيراني، «علي خامنئي»، دفعت بولي العهد السعودي إلى تكرار فتح الموضوع معه.

وكان من المفترض أن يتم أول لقاء غير معلن بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين، على مستوى دبلوماسيين من سفارتي طهران والرياض في العراق، في بغداد بعد عطلة عيد الأضحى الشهر المقبل، تحت عنوان تخفيف التوتر بين الجانبين برعاية عراقية، لكن الكشف عن الوساطة تسبب بوقف الاتصالات بين العراق والسعودية حالياً.

وكشف الوزير أن الإيرانيين هم من طلبوا من «الأعرجي» وضغطوا عليه للإعلان عن الوساطة خلال زيارته، ولم يكن الإعلان ناجم عن عدم دراية أو قلة خبرة بمثل تلك الأمور، وفقاً لقوله.

وبين أنه «لا يوجد طلب رسمي مكتوب، وإنما شفهي، تم عقب لقاء العبادي مع العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، ومن قِبل ولي العهد ورحب بذلك رئيس الوزراء على أن يتم بصورة غير معلنة».

وأكد أن مدير مكتب ولي العهد السعودي، «بدر العساكر»، اتصل بمكتب العبادي طالبا تراجع «الأعرجي» عن تصريحه، وهو سبب طلب «العبادي» من «الأعرجي» التراجع عن تصريحه، لكن الأخير رفض ذلك.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، «سعد الحديثي»، إنه لا يوجد طلب رسمي موجه إلى رئيس الوزراء حول الوساطة حتى الآن، مضيفا: «لا يمكن لي نفي أو تأكيد الوساطة التي أعلنها وزير الداخلية، لكن أنا أتحدث عن أن العبادي طرح خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية، وجهة نظر العراق وأهمية إدراج الحوار والابتعاد عن التنافس والتصارع بين البلدين، والجميع تفهّم طرح رئيس الوزراء حينها».

طلب حقيقي

وأعلن مقرر لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، «إسكندر وتوت»، لـ«العربي الجديد»، أن إعلان الوزير عن الوساطة صحيح، ولدينا ما يثبت ذلك، وأضاف أن السعودية، على لسان «محمد بن سلمان»، طلبت بشكل شفهي من العراق الوساطة، وكان الحديث عن لعب العراق دوراً في تخفيف التوتر الحالي بين بلاده وإيران، ورحبنا بذلك، ولا أعرف لماذا ينفون الآن بعد إعلان الوزير العراقي عنها.

وتابع: «السعودية للأسف الشديد في موقفها هذا تحرج العراق أيضاً بعد أن وافقنا على أن نكون في دور المهدئ للمنطقة وعامل استقرار، فقد أنهكت دول المنطقة بالصراعات وحان وقت التحاور»، وفقاً لقوله.

وكان وزير الداخلية العراقي، قد أعلن، الأحد، في تصريح أدلى به خلال مؤتمر صحفي في طهران مع نظيره الإيراني، «عبدالرضا رحماني فضلي»، أن السعودية طلبت من بلاده رسميا التوسط من أجل تخفيف التوتر بين السعودية وإيران.

وقال «الأعرجي» إن ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، طلب منه رسميا، أن يتوسط العراق بين إيران والسعودية، لكبح التوتر بين البلدين، كما سبق للملك «سلمان بن عبد العزيز» أن قدم هذا الطلب.

وأضاف أنه أبلغ الجانب السعودي برأي الجانب الإيراني بأن الخطوة الأولى التي يمكنها أن تؤدي لتخفيف التوتر بين طهران والرياض تتمثل في إبداء الرياض الاحترام إلى الحجاج الإيرانيين ومعاملتهم بأفضل نحو، وأن تسمح لهم بزيارة مقبرة البقيع، قائلا: إن «الجانب السعودي وعد بتطبيق ذلك وأكد أن البقيع مفتوحة الآن أمام الحجاج الإيرانيين».

وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران أزمة حادة؛ عقب إعلان الرياض، في 3 يناير/كانون الثاني 2016، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران؛ على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارتها بطهران، وقنصليتها بمدينة مشهد، شمالي إيران.

كما يخيم التوتر على العلاقات بين البلدين بسبب عدد من الملفات، أبرزها الملف النووي الإيراني، الذي ترى الرياض أنه يهدد أمن المنطقة، وكذلك الملفان اليمني والسوري.

المصدر | العربي الجديد + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران العراق العلاقات السعودية الإيرانية