لماذا تجاهل السيسي الصفعة الأمريكية؟

الجمعة 25 أغسطس 2017 08:08 ص

بعد قرار الإدارة الأمريكية وقف مساعدات للحكومة المصرية بقيمة 95.7 مليون دولار وتأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى «لعدم إحرازها تقدما على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية» كان متوقّعا من إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي ردّ فعل يتناسب مع حجم مصر المعروف.

أو على الأقل، ردّ فعل يتناسب مع ردود فعل القيادة المصرية نحو كافّة شؤون العالم، كما حصل من احتجاجها على إجراءات روسيا المؤلمة بعد سقوط طائرتها المدنية عام 2015، أو غضب المكسيك بعد استهداف الطيران الحربي المصري لسياحها في 2015، أو على مواقف إيطاليا بعد تعذيب وقتل الطالب جوليو ريجيني عام 2016.

الذي حصل كان مضحكاً، فبعد أن عبرت الخارجية المصرية عن «استيائها» من قرار حجب المساعدات، واعتبرته «سوء تقدير لطبيعة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، قام السيسي بـ«بلع» الصفعة وتجاهلها واستقبل الوفد الأمريكي، وكيف لا يستقبله، وعلى رأس هذا الوفد كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هو صهره أيضاً جاريد كوشنر.

وبعد «تمنّع» الخارجية المصرية عن لقاء الوفد عاد وزيرها سامح شكري والتقى كوشنر على انفراد بعد أن حضر اجتماعه مع السيسي.

تجاهل السيسي وأعضاء إدارته للصفعة الأمريكية يمكن تتبع خيوطه على مسارين: سياسي ونفسيّ.

فمنذ لقاء السيسي الأول بترامب حين كان مرشحاً للرئاسة ووصولاً للقائه اللاحق به بعد أن صار سيّد البيت الأبيض، وليس انتهاء بلقائه الأخير به خلال جمع السعودية لزعماء عرب ومسلمين على أرضها للاجتماع بترامب خلال زيارته الرياض وتلك «اللحظة الخالدة» التي أغدق السيسي فيها المديح على ترامب بالقول «أنت شخصية فريدة قادرة على فعل المستحيل» والذي رد عليه وقتها: «أنا معجب بحذائك»! 

قرار حجب المساعدات بدا لبعض المحللين الأمريكيين «اوباميّ» الطابع، كونه يهتمّ بشؤون حقوق الإنسان، وهو أمر ليس من اهتمامات إدارة ترامب الكبيرة.

لكن بعض المتعمقين أكثر في الموقف، مثل كاتبي «نيويورك تايمز» غاردينر هاريس وديكلان وولش والكاتب في «واشنطن بوست» كيفن سيف، ربطوا الصفعة الأمريكية بعلاقات القيادة المصرية مع كوريا الشمالية والتي تعود إلى أيام الحرب الباردة، وأحدث مظاهرها قيام شركة اوراسكوم المصرية بمساعدة بيونغيانغ بتأسيس شبكة هواتف جوالة.

تقرير للأمم المتحدة كشف مؤخرا أن القاهرة تريد أن تتلاعب على طرفي النزاع في واشنطن وبيونغيانغ، وقد اتهم التقرير الحكومة المصرية بالحصول على صواريخ سكود كورية شمالية بطريقة غير قانونية، وقد حاولت الإدارة الأمريكية السابقة الضغط على القاهرة في هذا الخصوص.

وضعيّة الإمساك بالإدارة المصرية متلبّسة، إضافة إلى حالتها النموذجية التي خبرناها في الاستكبار على الضعفاء وتملّق الأقوياء، وربّما لمعرفة النظام المصري أن المقصود ليس انتهاكاته لحقوق الإنسان ولكن تلاعبه مع كوريا الشمالية، كل هذا يفسّر لماذا تجاهل السيسي الصفعة واكتفى بالابتسام!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر الصفعة الأمريكية قرار الإدارة الأمريكية حقوق الإنسان المعايير الديمقراطية عبد الفتاح السيسي كوريا الشمالية جاريد كوشنر المساعدات الأمريكية لمصر