استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أن تعيش في قرنين!

الخميس 31 أغسطس 2017 08:08 ص

شاءت الأقدار أن نكون ضمن أولئك الذين عاشوا في قرنين مختلفين: العشرين والحادي والعشرين. ولستُ متأكداً ما إذا كان ذلك يجعل منا محظوظين لأننا عشنا ذلك «الانتقال» من قرن إلى قرن، أم بالعكس، لأننا لم نشعر بانتقال فعلي من مرحلة إلى أخرى أو من وضع إلى آخر، وإن حدث هذا الانتقال، فإنه، وللأسف، نحو الأسوأ، لا نحو الأفضل، كما يفترض عادة إذا ما آمنا بالمسار التقدمي للتاريخ، الصاعد إلى الأمام دوماً، وغير المتراجع إلى الوراء.

لكن كوننا عشنا في قرنين يمنحنا ميزة لم تتوفر لجيل سابق لنا، ولد أبناؤه وبناته وماتوا في القرن العشرين، ولجيل تالٍ بعدنا ولد أبناؤه وسيموتون في القرن الجديد، حكماً من المعدل الطبيعي لأعمار البشر الذي يجعل من يعيشون قرناً كاملاً حالات نادرة لا يمكن القياس عليها.

لعلكم تتذكرون مثلي، أيها العائشون في قرنين، النقاشات والسجالات التي دارت ونحن نودع القرن الآفل ونستقبل القرن الجديد، وما قلناه وقرأناه وسمعناه يومها عن ضرورة الاستعداد للقرن الحادي والعشرين وتحدياته واستحقاقاته، وما قلناه وقرأناه وسمعناه أيضاً في وداع القرن العشرين، الذي رغم هول الكوارث والحروب التي عاشتها البشرية فيه، كان أيضاً قرن الثورات الكبرى لا في المجتمع وحده، وإنما في العلوم والصناعة والتقنيات، وقبل ذلك كله في الأفكار.

وبمقارنة بين بدايات ذلك القرن وما استقبلنا به القرن الذي دخلناه منذ نحو عقدين، يمكن القول إن البشرية ولجت القرن السابق مسلحة بآمال أكبر، وبطاقة تغيير إيجابية عالية، هي نفسها التي حملتها في نهاية المطاف على قهر حربين عالميتين مدمرتين، وأن تخرج منهما غير فاقدة للأمل، رغم ما قدمته فيهما من ضحايا وما أصاب الحضارة من تخريب ودمار.

لكننا ولجنا قرننا الجديد بشحنة من التشاؤم والإحباط، فعلى خلاف فلسفات التغيير وأفكار الثورة التي حملتها البشرية من أواخر القرن التاسع عشر وهي تلج القرن التالي، فإننا دخلنا القرن الحادي والعشرين بفلسفات تبشر بنهاية التاريخ وموت الإنسان وفقدان المعنى وغير ذلك من تبشير ب «نهايات» تكاد تسد الأمل في وجه البشر كي يواصلوا كفاحهم كي يجعلوا من عالمهم أكثر عدالة ومن كوكبهم أكثر جمالاً.

هذا إذا تحدثنا على الصعيد الكوني، أما على صعيد واقعنا العربي، فإن الصورة بدت أكثر سوداوية، ونذر الشؤم التي أطلت برأسها في نهايات القرن الماضي، تحولت، وقد دخلنا القرن الجديد، إلى شؤم حقيقي ما زالت فصوله تتوالى حتى اللحظة.

وليس في هذا ما يبدو غير منطقي. فالأمم المسلوبة الإرادة ما عساها فاعلة وهي فاقدة لتلك الإرادة؟

* د. حسن مدن كاتب عربي من البحرين

  كلمات مفتاحية

العيش في قرنين استلاب الإرادة عجز الأمم الأمة العربية المسار التقدمي للتاريخ نقاشات وسجالات القرن الماضي