«واشنطن بوست»: أزمة قطر تهز شرق أفريقيا

الخميس 31 أغسطس 2017 08:08 ص

على الرغم من أن شرق أفريقيا بعيد عن الخليج، فقد اهتز للأزمة الدبلوماسية القطرية، التي بدأت بمقاطعة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر لقطر في محاولة لعزلها في أوائل يونيو/حزيران الماضي.

وفي الأعوام الأخيرة، حققت قطر والدول الأخرى الغنية بالطاقة تقدما في القرن الأفريقي، من خلال إنشاء قواعد عسكرية وإدارة الموانئ والإغداق بالمساعدات الخارجية على الدول الصديقة.

ومع ارتفاع حدة التنافس بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، تصبح دول شرق أفريقيا رابحة أو خاسرة في المنافسة الشرسة على النفوذ، ومع وجود السعودية وحلفائها في حرب عبر البحر الأحمر في اليمن، أصبحت هذه المنطقة ذات قيمة استراتيجية بشكل كبير، أكثر من أي وقت مضى.

وقال «كريستيان كوتس أولريخسن»، الباحث في معهد جيمس بيكر الثالث للسياسة العامة في جامعة رايس: «أعتقد أننا نشهد لعبة شطرنج جيوسياسي يجري تنفيذها».

التوسع العسكري

ويمكن رؤية أهمية القرن الأفريقي لدول الخليج بمجرد إلقاء نظرة على الخريطة. ويبعد ساحل القرن الأفريقي بمسافة 30 كلم فقط عبر البحر الأحمر من اليمن بالقرب من باب المندب، وهو مضيق حرج في البحر الأحمر تعبر خلاله ناقلات النفط المتجهة من الخليج إلى أوروبا.

ولأعوام، مثلت شواطئ شرق أفريقيا نقطة حاسمة للمهربين للوصول إلى اليمن، فضلا عن كون المنطقة مساحة صيد غنية كان روادها هدفا للقراصنة. وتأتي عملية تأمين المنطقة ذات الأهمية الجديدة لدول الخليج منذ مارس/آذار عام 2015، عندما شن التحالف الذي تقوده السعودية حربه ضد المتمردين الشيعة وحلفائهم الذين استولوا على العاصمة اليمنية.

ومنذ بدء الصراع، أنشأت الإمارات وغيرها قواعد عسكرية في شرق أفريقيا. وفي إريتريا، تملك الإمارات قاعدة في ميناء عصب. وسيتم بناء قاعدة عسكرية إماراتية أخرى في «أرض الصومال».

وقال «أولريخسن»: «إن الإمارات حريصة جدا على إظهار أنها توفر الأمن، وليس مجرد مستهلك للأمن».

وناقشت السعودية في الوقت نفسه وضع قاعدة لها في جيبوتي الصغيرة، التي كانت موطنا لقاعدة عسكرية صينية قيد الإنشاء، وقاعدة أمريكية تطلق مهام الطائرات بدون طيار إلى الصومال واليمن.

ويعتقد المحللون أن كل هذه المنشآت العسكرية الخليجية ستصبح سمات دائمة في شرق أفريقيا.

وقال «عمر كريم»، الباحث في جامعة برمنجهام: «إنهم ليسوا منخرطين فقط في بلدان القرن الأفريقي، بل لقد أصبحوا فاعلين استراتيجيين في المنطقة بأسرها على المدى الطويل».

التنافس في الصومال

وفي الصومال، التي تحارب حكومتها المدنية الأولى، بعد عقود من الفوضى، ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، تظهر دول الخليج كثيرا.

تعتبر السعودية أكبر متبرع للحكومة الصومالية، في حين دربت الإمارات الجيش في البلاد، وأطلقت الدعوات رفيعة المستوى هذا العام من أجل جلب المساعدات للبلاد. وفي الوقت نفسه، سمحت الصومال للطائرات القطرية بالتحليق بشكل متزايد عبر مجالها الجوي، مع إغلاق الدول العربية أبوابها أمام التحليق القطري.

ويعتقد أن دول الخليج قد انحاز كل منها لطرف في انتخاب البرلمان الصومالي لرئيس البلاد «محمد عبدالله محمد» في فبراير/شباط الماضي. وقد عين «محمد» مراسل سابق لقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية مديرا عاما للقصر الرئاسي. وكانت الإمارات قد دعمت مرشحا مختلفا.

وفي الوقت نفسه، ستفتتح تركيا قريبا قاعدة عسكرية خارجية فى مقديشو. في الوقت الذي توسع فيه قاعدتها الأجنبية الأخرى في قطر، التي تدعمها أنقرة في أزمة المقاطعة.

وقال «رشيد عبدي»، مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية: «لا يمكن أن تجد أي مكان أكثر استراتيجية للقوى العربية من الصومال. وهذا ما يفسر شدة اهتمام هذه القوى بالصومال».

إريتريا تدخل المعمعة

وبالنسبة لإريتريا، قد يكون الخلاف الدبلوماسي القطري أمرا جيدا.

وفي ظل حكم رئيس استبدادي قمعي، تشهد إريتريا فرار عشرات الآلاف من مواطنيها من التجنيد الإجباري الوطني الذي قد يستمر لأكثر من عقد من الزمان، وهو ما تقول مجموعات حقوقية إنه صورة من الرق (العبودية). وتحتل المستعمرة الإيطالية السابقة المرتبة الأخيرة بين الدول في الحرية الشخصية وحرية الصحافة.

ولكن عندما بدأت أزمة الخليج، سحبت قطر 400 فرد كانوا يعملون كقوات حفظ سلام من جزيرة متنازع عليها في البحر الأحمر تطالب بها كل من إريتريا وجيبوتي. وسرعان ما أرسلت إريتريا قواتها الخاصة للاستيلاء عليها.

وفي الوقت نفسه، تستضيف إريتريا قاعدة عسكرية لدولة الإمارات في عصب، بينما تقف إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. ويأمل القادة الإريتريون في تحسين صورتهم، بعد أن أصبحت بلادهم لاعبا رئيسيا في المنطقة.

التوتر يتزايد في إثيوبيا

وبالنسبة لإثيوبيا، التي خاضت حروبا ضد الصومال وإريتريا في الأعوام العشرين الماضية، تضيف أزمة الخليج الجارية توترات جديدة. وتملك البلاد أحد أقوى الجيوش في المنطقة، لكنها ترى نفسها محاطة بالقواعد العسكرية الأجنبية من كل مكان.

وقد كافحت إثيوبيا من أجل البقاء على الحياد في النزاع. وفى يوليو/تموز الماضي، اعترف رئيس الوزراء الإثيوبي بمخاوفه في خطاب ألقاه أمام البرلمان.

وقال رئيس الوزراء إن «إثيوبيا قد تتأثر في حالة زعزعة الاستقرار الإقليمي».

وقد تتمكن إريتريا، التي تكتسب سلطة جديدة، من دفع إثيوبيا باتجاه خسارة الكثير من المكاسب التي حصلت عليها في حربهما المكلفة التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الناس. وتمر جميع التجارة الخارجية لإثيوبيا، غير الساحلية، تقريبا عبر الميناء في جيبوتي، الذي تديره الآن دبي العالمية. وتظل مصر، التي تشكل جزءا من الدول العربية التي تقاطع قطر الآن، قلقة بشأن سد عملاق جديد في إثيوبيا سيؤثر على نصيبها من النيل.

وقال «ميهاري تادل»، المحلل السياسي: «يشكل الخلاف في الخليج والمعسكر الذي تقوده السعودية، وأعمال دولة الإمارات كسلطة لإدارة الموانئ فضلا عن السعي لتكون قوة عسكرية كبيرة في القرن الأفريقي، تهديدا كبيرا لإثيوبيا».

  كلمات مفتاحية

قطر الأزمة الخليجية أثيوبيا الصومال إريتريا