«فاينانشيال تايمز»: آثار تعويم العملة تطارد صناعة التطوير العقاري في مصر

الأحد 10 سبتمبر 2017 08:09 ص

من خلال تصفح جرائد الأسبوع في مصر، يظهر لك في الغالب كما لو كانت العقارات هي العمل الوحيد الذي يجري في البلاد. حيث تقدم العديد من الإعلانات عروض المنازل في مناطق التطويرات الجديدة في ضواحي القاهرة المزدحمة أو في وجهات على البحر الأبيض المتوسط ​​وساحل البحر الأحمر.

ويقول المحللون إن سوق العقارات في حالة جيدة، على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ في أعقاب تعويم الجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني. ومنذ ذلك الحين، فقد الجنيه أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار، وبلغ معدل التضخم 33%. وفي هذه الظروف، فإن تملك العقارات، التي ينظر إليها المصريون منذ فترة طويلة باعتبارها الشكل الأساسي للحفاظ على القيمة، تحتفظ بجاذبيتها.

وقال أرقام كابيتال، وهو بنك استثماري إقليمي مقره الإمارات العربية المتحدة، إن المطورين العقاريين قد تفاعلوا من خلال زيادة الأسعار بالقيمة الاسمية بنسبة 30% في المتوسط ​​مقارنة بالعام الماضي. ويشير البنك إلى أن الطلب قد تعزز من خلال مشتريات المصريين الوافدين الذين يكسبون بالدولار، حيث زادت قوتهم الشرائية محليا نتيجة التعويم.

وقال «محمد كمال»، المحلل في «أرقام»، إن «تخفيض قيمة العملة قد أدى إلى زيادة مشتريات المنازل من قبل المصريين المقيمين في الخارج في دول مجلس التعاون الخليجي».

ويقول «طارق عبد الرحمن»، الرئيس التنفيذي لشركة بالم هيلز للتطوير العقاري، وهي الشركة التي تقف وراء بعض المشاريع السكنية الأكثر فخامة في البلاد، إن المشترين الوافدين يشكلون حاليا حوالي 16% من عملائه، في حين كانوا يشكلون في الماضي ما بين 8 إلى 9% من المبيعات. لكنه يقول إن السبب الأساسي لمرونة السوق هو ندرة العرض فيما يتعلق بالطلب المتزايد.

ويقول «عبد الرحمن» إن مطوري العقارات في مصر يقدمون 20 ألف وحدة جديدة سنويا. والكثير منها بعيد عن متناول المصريين الأشد فقرا، الذين يعتمدون على المساكن الأكثر تواضعا في القطاع الخاص.

ومع ذلك، يعتقد «عبد الرحمن» أنه في بلد يبلغ فيها عدد الزيجات نحو مليون زواج في العام، فإن الطلب من قبل الطبقات المتوسطة والعليا على المساكن الجديدة يتراوح بين 70 ألف و80 ألف وحدة سنويا.

ويقول: «هذا طلب هائل. ويريد العديد من هؤلاء الناس أيضا الخروج من القاهرة والعيش في مجتمعات جديدة (على مشارف القاهرة)».

ويضيف: «في البداية، كان فقط الأغنياء هم من يفعلون ذلك. ولكن الآن المدارس وأماكن العمل تتحرك أيضا، والكثير من الناس يريدون أن يكونون هناك لخفض وقت التنقل.

وقد رفعت شركته، التي تبيع ما بين 2000 و2500 وحدة سنويا، متوسط ​​سعر الشقق بنسبة 47% والمنازل بنسبة 68%، هذا العام.

ويقول: «يشتري» الناس العقارات قبل أن ترتفع تكلفتها بشكل أكبر، ومن لديه بعض النقود الإضافية يضع بعضها في العقارات، ويحولون بعضها إلى دولارات».

ولكن العديد من المطورين يواجهون ضغوطا بسبب ارتفاع التكاليف التي تهدد هوامش الربح، وفقا للسيد «كمال من أرقام كابيتال. ويقول إن هوامش الربح التي يحصل عليها المطورون خارج نطاق الطبقة العليا في السوق آخذة في التقلص.

ويضيف «علي ربيع»، رئيس مجلس إدارة شركة أبراج مصر، وهي شركة تطوير مشاريع في القاهرة وعلى السواحل المصرية، إنها «تبطئ» بعض خططها لمراعاة ارتفاع تكاليف البناء، وأنها تقدم الآن خطط تمويل للعملاء بدون مقدم، بدلا من مقدم 15%. كما قاموا بتمديد مدفوعات الأقساط إلى 7 أعوام بدلا من 5 أعوام.

ويتابع إن شركته أجلت قبل بضعة أشهر إطلاق مشروع مساحته 1.5 مليون متر مربع في غرب القاهرة، لأنهم «يعيدون تصميم نموذجه المالي»، وذلك لمراعاة التكاليف المتزايدة.

كما يلاحظ «ربيع» أنه بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع معدلات التضخم، تجد الشركات أن الاقتراض أكثر تكلفة بسبب تعويم العملة. وفي محاولة لمعالجة التضخم، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 7 نقاط مئوية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليصل معدل الفائدة على الإقراض إلى 19.75%. وأضاف «ربيع» أن حسابات الودائع ذات الفائدة المرتفعة التي تقدم عوائد سنوية بنسبة 20% تتنافس مع العقارات كملاذ للثروة والمدخرات.

ويؤكد «كمال» على أن الأسعار المرتفعة التي يطالب بها المطورون العقاريون بلغت الحد الأقصى وقد كسرت مستويات القدرة على تحمل التكاليف. غير أنه أشار إلى أن هذا لا يعني أن السوق سوف تتعطل، بسبب خصوصيات القطاع العقاري في مصر، فالناس يشترون نقدا وليس عبر الرهون العقارية، وهم على استعداد للاستمرار في مشترياتهم لفترة طويلة.

وقال «كمال»: «لا توجد مؤشرات حتى الآن تشير إلى أي عوامل تحفيز قد تؤدي إلى تصحيح كبير للأسعار». وأضاف: «لكن يمكنني القول إن المطورين يدركون قدرة الناس على تحمل التكاليف، وقد وصلوا إلى الدرجة القصوى من زيادة الأسعار».

  كلمات مفتاحية

مصر تعويم العملة صناعة العقارات الاقتصاد التعويم

«فاينانشيال تايمز»: تعويم العملة ورفع الفائدة يقوضان قطاع الأعمال في مصر