أضعنا نافذة فرص.. الأسد وإيران انتصرا

السبت 16 سبتمبر 2017 04:09 ص

نافذة الفرص التي فتحت امام اسرائيل، والتي تسمح لها بان تكون شريكا في ائتلاف عربي سني في مواجهة خطر التوسع الايراني – بداية في سوريا ولاحقا في الشرق الاوسط كله – آخذة في الانغلاق.

فالانجاز السياسي – العسكري لروسيا، التي نجحت في استقرار نظام الاسد، والتوسع الايراني نحو معاقل داعش التي تركت في سوريا، أديا الى بالعالم العربي السني الى اعادة تفكير في كل ما يتعلق بعلاقاته مع الاسد.

فمنشورات علنية تروي مثلا عن جهود اردنية للوصول الى تفاهمات مع نظام الاسد، تتضمن ضمن امور اخرى اعادة فتح المعابر الكبرى بين الاردن وسوريا لاغراض التجارة، الى جانب استئناف التفاهمات الاستخبارية بين الدولتين. هذا احد مظاهر الفشل الاكبر لاسرائيل وللتحالف الغربي في سوريا، برئاسة الولايات المتحدة.

ولكن ليست الدول وحدها تبحث طريقها نحو نظام الاسد المؤيد  لايران. فقد افاد رئيس جهاز المخابرات نداف ارغمان في جلسة الحكومة هذا الاسبوع عن توثيق العلاقات بين ايران، حزب الله وحماس، الخطوة التي قد تكون لها آثار أمنية بعيدة المدى. والحقيقة هي أن علاقات الذراع العسكري لحماس مع حزب الله ومع ايران شهدت ارتفاعات وهبوطات، ولكنها لم تقطع ابدا.

أما الان، على خلفية انجازات ايران في سوريا، تسعى حماس غزة الى الانضمام الى "القوى الرائدة الجديدة" في الشرق الاوسط، وتسمح قيادتها لنفسها بالاعلان علنا عن تأييدها للاسد والتسوية الجديدة اللذين قررهما الروس والايرانيون في سوريا. واعلن زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار في بداية الشهر عن أن علاقات حماس وايران ليس فقط عادت الى مسارها بعد سنوات من المصاعب بل هي اكثر من ممتازة. ايران، كما اضاف، هي اليوم الداعمة الاهم للذراع العسكري.

وبالفعل، حسب منشورات اجنبية تحول ايران نحو 70 مليون دولار في السنة للذراع العسكري لحماس في غزة، وبالتوازي تمنح المنظمة مساعدة لوجستية وفنية. ويصل رجال الذراع العسكري لحماس الى ايران ودول اخرى ليتلقوا هناك تدريب عسكري من مدربين ايرانيين. وحسب السنوار، كما أسلفنا، فان هذه العلاقات تتوثق فقط.

العلاقة بين حماس غزة والايرانيين وحزب الله ليست طبيعية ولا تقع على ارض ناضجة. الرأي العام في غزة، الذي يتابع بقلق النشاط الشيعي ضد السنة في العراق، معاد لايران. ولكن فشل السياسة الامريكية في سوريا وهبوط نجم الغرب في الساحة يجبران دول المنطقة، بما في ذلك منظمات مثل حماس، للوقوع في اذرع ايران، او على الاقل محاولة الحوار معها.

من يتصدر التقارب بين حماس وايران وحزب الله هو رئيس فرع حماس في لبنان، صالح العاروري. فالعاروري الذي يعتبر المسؤول العسكري للاهارب الحماس في الضفة، مقرب من خالد مشعل، الرئيس السابق لمكتب حماس السياسي – وكلاهما يشكلان معارضة لقيادة حماس في غزة برئاسة السنوار. والشرخ بين الطرفين وجد تعبيره في المؤتمر الذي ينعقد هذه الايام في القاهرة، ويشارك فيه اكثر من 20 عضو من قيادة حماس. وبينما يشد السنوار باتجاه الاعتماد على مصر واتحاد الامارات، يدفع العاروري ومؤيدوه في اتجاه الاعتماد على تركيا، قطر وايران. وعودة حماس الى اذرع ايران ستقع دوما على حساب مصر، وعلى أي حال ستشكل انتصارا للمعارضة برئاس مشعل. وبالمناسبة، يطلب العاروري اليوم لنفسه منصب نائب اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس.

لم تكن لدى اسرائيل الادوات، وبالاساس السياسية، كي تحاول التأثير على السياقات في سوريا. وبشكل لا مفر منه اعتمدت على التحالف الامريكي – الذي خيب الامال. والان، بعد خمس سنوات، حين يستقر الايرانيون في سوريا بموافقة التحالف العربي السني، ينبغي اصلاح الامر.

خسارة. لقد كانت لاسرائيل فرصة طيبة للوصول الى قاسم مشترك مع سلسلة من الدول السنية في المنطقة بشأن مستقبل الشرق الاوسط ومكانتها فيه، بما في ذلك حل متفق عليه في المسألة الفلسطينية بتسليم من الدول السنية الرائدة.

لكن شيء ما فوت في الطريق. احد ما انتظر اكثر مما ينبغي، لعب مع السعوديين، لعب مع الاردنيين، كان واثقا من أن "المعجزة" في سوريا ستستمر على مدى الزمن.

غير أن الأسد لم يسقط، الإيرانيون وحزب الله تعززوا، وإسرائيل تسجل لنفسها فشلا سياسيا آخر.

* أليكس فيشمان محلل سياسي وعسكري إسرائيلي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل إيران سوريا نظام الأسد الدول السنية حل المسألة الفلسطينية حماس