استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

البنك الدولي ومنطق الاحتلال

السبت 16 سبتمبر 2017 11:09 ص

ليست «سنغافورة» سلام فياض فقط تلك التي تتراءى لدى قراءة التقرير الأخير للبنك الدولي وهو يطرح رؤية جديدة للاقتصاد الفلسطيني، بل أيضاً السلام الاقتصادي الذي يدعو اليه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وتبنته الإدارة الأميركية.

ما من شك في أن التقرير مهم، إن لم يكن لأنه معد لتقديمه الى «لجنة الارتباط الخاصة» في اجتماعها في نيويورك بعد غد، وهو اجتماع على مستوى بلورة سياسات المساعدة الإنمائية الى الشعب الفلسطيني، فلأن التقرير صادر عن البنك الدولي بما هو أحد أدوات الرأسمالية العالمية، وفي الوقت ذاته أحد مرجعياتها الأساسية.

التقرير مهم، لكنه خطير. ومع أنه يشير الى الانعكاسات السلبية لقيود الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني، إلا أنه يضع توصياته بافتراض عدم وجود اتفاق سلام فلسطيني- إسرائيلي.

باختصار، المشكلة في أن التقرير لم يعد يتحدث عن تنمية مستدامة في إطار اتفاق سلام، بل تنمية على المدى المتوسط تتعايش مع الاحتلال. ليس هذا فحسب، بل يأتي التقرير في وقت يتم الترويج للسلام الإقليمي والتطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ويتزامن مع تقارير أخرى تفضح ضمناً العلاقة بين التمويل الدولي للفلسطينيين والضغوط السياسية الممارسة عليهم.

مرة أخرى، الفلسطيني يجد نفسه وجهاً لوجه أمام فكرة السلام الاقتصادي. هذه الفكرة ليست جديدة، بل كانت دائماً متضمنة في السياسات الإسرائيلية منذ المراحل الأولى للاحتلال الذي استخدم التسهيلات والمحفزات في إطار سياسة العصا والجزرة، وصولاً الى اتفاق أوسلو الذي أفسد شريحة كبيرة من الفلسطينيين بالمنح والمساعدات والإغداق المالي ووعود الاستثمار والقروض.

كان دائماً الهدف إعطاء الأولوية للحل الاقتصادي على الحل السياسي، أي بناء الثقة عبر التعاون تمهيداً وتأسيساً لعملية السلام، إلا أن السلام الاقتصادي الآن أصبح في مكان آخر. لم يعد هدفه إحلال السلام في إطار حل الدولتين المتوافق عليه دولياً، بل بات المقصود تحسينات لحياة الناس في صيغة سقفها حكم ذاتي وفق رؤية نتانياهو وائتلافه اليميني الحاكم.

لنأخذ لغة التقرير مثالاً، إذ يرى أن «الإجراءات الصحيحة» على المدى المتوسط «قد» تؤدي الى ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد الى 7 في المئة سنوياً، وأن «الجهود الجريئة» يمكن أن تجتذب الاستثمار وتخلق الوظائف وتعيد تشكيل الاقتصاد، ويتوقع مكاسب اقتصادية واجتماعية قد تكون هائلة بحلول عام 2025.

لكن هذه الآفاق رهن بـ «التزامات جادة تبديها الأطراف»، وبدور رئيس للقطاع الخاص في النمو، وأن توفر له إسرائيل والسلطة «البيئة المواتية». وهذه لا تخرج عن الإجراءات التي يقترحها نتانياهو في إطار السلام الاقتصادي، من تحسين الأوضاع على المعابر الحدودية، الى إزالة القيود المفروضة على الوصول الى المنطقة «ج» المحتلة في الضفة الغربية، ورفع الحصار عن غزة. أما من جانب السلطة، فالمطلوب إصلاحات قانونية ومالية وتعزيز الحوكمة، وكأن المسألة متعلقة بالجدارة الفلسطينية.

لا أحد يختلف مع الرأي القائل إن تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين مطلب أساسي وفي صلب الصمود، لكن تقرير البنك الدولي يؤسس لتنمية موقتة ومحدودة ومفاتيحها لدى الاحتلال، وهذا لا تصالح معه لأن القضية مسألة وجود، ولأن اقتصاده قائم على سرقة الأرض الفلسطينية ومواردها، ولأنه يتحكم بالحركة على المعابر للأفراد والبضائع.

ثمة فرق كبير بين الصمود والتعايش مع الاحتلال، والخط الفاصل بينهما هو شكل الحل السياسي المأمول. وإن كان تقرير البنك الدولي يدعم التعايش ويزينه، فما من عقل اقتصادي يقبل منطقه.

* فاتنة الدجاني كاتبة صحفية

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

البنك الدولي منطق الاحتلال نموذج «سنغافورة» تقرير البنك الدولي الاقتصاد الفلسطيني السلام الاقتصادي الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الإدارة الأميركية «لجنة الارتباط الخاصة» سياسات المساعدة الإنمائية الرأسمالية العالمية اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي تنمية مستدامة تنمية تتعايش مع الاحتلال