لماذا يخطط بن سلمان لتأجيل اكتتاب أرامكو؟

السبت 16 سبتمبر 2017 08:09 ص

ذكرت تقارير إخبارية دولية أن الحكومة السعودية تقوم حاليا بوضع خطة طوارئ للتأجيل المحتمل لأكبر اكتتاب عام في التاريخ. وقد يحقق إدراج 5% من جوهرة تاج المملكة العربية السعودية، وأكبر شركة نفط في العالم، أرامكو السعودية، ما يتراوح بين 150 و200 مليار دولار، استنادا إلى تقييم أرامكو بين 1.5 و2 تريليون دولار.

وقد تم بالفعل تخصيص النقد الناتج عن الاكتتاب العام لصندوق الاستثمار العام السعودي، حيث سيتم استخدامه كدعم مالي لـ «رؤية 2030» وبرنامج التنويع الاقتصادي المقترح من قبل ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»

وكانت الشكوك قوية حول عملية التقييم، ولكن نجاح الاكتتاب نفسه مضمون، حيث الاهتمام الدولي آخذ في الازدياد، وتكثر تقارير وسائل الإعلام التي تقيم أو تنتقد أو تدعم استراتيجية الاكتتاب العام. وقد تم بالفعل تعيين مستشارين ومصارف دولية لإدارة هذا الاكتتاب، ولكن لم يتم بعد اتخاذ قرار (رسمي) بشأن مكان إدراج أرامكو. ويذكر أن بورصات نيويورك ولندن وفرانكفورت وهونج كونج في مقدمة السباق، إلا أن رصاصة الانطلاق لم تسمع بعد من أروقة القصر الملكي السعودي.

ويرى بعض المحللين أن التأخير المحتمل للاكتتاب يعد علامة على المشاكل التي تواجهها أرامكو والحكومة السعودية حاليا. ويعتقد أن يكون عدم وجود الشفافية، والقضايا المتعلقة باحتياطيات النفط والغاز، ودور الحكومة السعودية بصفتها الجهة المعنية الرئيسية، كلها أسباب لهذا التأخير المحتمل. ومع ذلك، تستند معظم هذه التخمينات فقط إلى المسائل المحيطة بالاكتتاب العام نفسه. بيد أن السبب الحقيقي لهذا التأخير يحتمل قد يكمن وراء المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المعقدة في المملكة.

وأحد الأسباب الواضحة للتأجيل هو سعر النفط العالمي الذي لا يزال منخفضا عن المستويات التي ترغب بها المملكة. ومن شأن وصول السعر لأعلى من 60 دولار للبرميل أن يؤدي بالتأكيد إلى زيادة الفائدة الإجمالية من الاكتتاب العام. وما دامت الدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول غير الأعضاء في المنظمة، مثل روسيا، مستمرة في الكفاح من أجل السيطرة على سوق النفط، فهناك إمكانية لخسارة كبيرة. ولا شك في أن هبوط أسعار النفط سيكون له أثر ضار على الإيرادات المتوقعة من الاكتتاب العام.

ولا يبدو أن المحللين ينظرون إلى أبعد من هذا التفسير البسيط المتعلق بسعر النفط، لكن ينبغي معالجة عدة عوامل رئيسية أخرى لإنجاح الأمر.

ومن شأن من 1 إلى 2 تريليون دولار في الاقتصاد السعودي الحالي أن يكون له تأثير كبير. ويعد تنفيذ رؤية 2030 في السعودية بمثابة مخطط واسع وطموح. وهناك حاجة إلى تنويع كامل للاقتصاد لضمان استمرار العمل والمرتبات للشباب السعودي في المستقبل، مع تخفيض أو إلغاء الإعانات الحكومية.

مخاوف التضخم

ومن المرجح أن يؤدي مخطط الاستثمار بعدة تريليونات في اقتصاد محلي صغير نوعا ما إلى اضطراب كلي وتضخم وربما مخططات استثمارية غير فعالة. وقد تؤدي جاذبية استثمار المبلغ الإجمالي إلى تضخم مذهل وارتفاع التكاليف بشكل باهظ وبدء مشاريع لا لزوم لها.

ويبدو أن تأخير مثل هذا التدفق النقدي كان أكثر جاذبية، الأمر الذي يعطي الحكومة السعودية والصناعات المحلية مزيدا من الوقت للتكيف ووضع الخطوات الصحيحة لمستقبل اقتصادي مستدام وجذاب تجاريا.

ويعتمد مستقبل ولي العهد، ومستقبل مؤيديه، أيضا على هذا المسعى. ومن شأن الانتعاش الاقتصادي وإعادة الهيكلة على نحو كامل أن يهدد وسطاء السلطة والكيانات الدينية في المملكة. ويبدو أن «بن سلمان» يسيء فهم أهمية هذه القضايا، لكنه يتهيأ حاليا لإزالة بعض العقبات الظاهرة. وقد تكون سياسته الحالية بالإطاحة بالزعماء الدينيين (جزء منهم مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين) خطوة يرى أنه يجب اتخاذها للسيطرة على المعارضة وتعزيز موقفه.

اضطرابات محتملة

وفي الوقت نفسه، سيتحدد مستقبل «بن سلمان» قريبا، حيث تتزايد الشائعات عن تخلي الملك «سلمان» عن العرش لابنه، الوريث الجديد، والاستقرار أمر مطلوب للتحضير لهذه الخطوة التي لم يسبق لها مثيل. وتم بالطبع وضع الأمن الداخلي في الحسبان، حيث قد يتأثر باكتتاب أرامكو. وسوف تغتنم جماعات المعارضة الفرصة للاحتجاج على الوضع الجديد تحت مظلة صفقة البيع الفاشلة لجوهرة تاج المملكة، بينما تتعامل المملكة أيضا مع التوترات الإيرانية. وقد يكون تأجيل الاكتتاب دليلا على أن استقرار ومستقبل آل سلمان قد أصبح أولية عند «محمد بن سلمان» تتجاوز رغبته في المضي قدما في عملية الاكتتاب.

ومع أخذ هذا كله في الاعتبار، تصبح خطوة تأجيل عملية الاكتتاب العام لشركة أرامكو حتى عام 2019 خطوة ذكية. حيث أصبحت الخطوة التي أتت في إطار رؤية 2030 صعبة للغاية. وكانت تصريحات الأسبوع الماضي حول تمديد تعديل التحول الوطني، وهي الخطة الأساسية التي تنبني عليها رؤية 2030، أول علامة على ذلك.

ويعد التغيير أمرا صعبا دائما، لكن السعودية تواجه مهمة شاقة. وهناك حاجة إلى التباطؤ في التنفيذ من أجل الحد من المخاطر التي تتعرض لها الحكومة السعودية. وتعتبر جاذبية أرامكو غير قابلة للنقاش، وسيحدث الاكتتاب، مهما حدث. ومع ذلك، فإن مستقبل مملكة النفط معرض للخطر إذا لم يتم إدارة هذا التحول بعناية.

المصدر | أويل برايس دوت كوم

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان رؤية 2030 أرامكو تأجيل اكتتاب أرامكو