استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انفصال «بارزاني» يضرب وحدة العراق

الاثنين 18 سبتمبر 2017 06:09 ص

يبدو أن ضعف العرب عموما، والعراق خصوصا، قد أغرى بهم بعض اخوانهم وأصدقائهم وشركاء المصير، كأكراد العراق.. فها هو مسعود بارزاني يقرر، منفردا، استقلال "الاقليم الكردي" في شمالي العراق وجعله دولة مستقلة.. ويضيف كركوك إلى اقليمه، منذرا المعترضين، مؤكدا انه سيحارب من اجل موقع كركوك في الدولة الكردية العتيدة.

ولقد عرفت مسعود بارزاني قليلا، وعبر لقاءات قصيرة في دمشق، لم تتسع لحوار شامل وان أوضحت أنه "ابن ابيه". وكنت عرفت قبله والده الملا مصطفى بارزاني، الزعيم الكردي الذي قاتل طويلا، وفاوض حكم صدام حسين حتى توصل معه إلى تسوية تمثلت بصيغة فيدرالية يكون فيها للإقليم الكردي نوع من الحكم الذاتي داخل الدولة المركزية بعاصمتها بغداد.

كان الأب صاحب تجربة سياسية عريضة، عرف خلالها القتال ضد حكومة بغداد، والمنفى في الاتحاد السوفياتي لفترة طويلة، ثم العودة إلى العراق بعد وساطة سوفياتية أرست صيغة الفيدرالية بالتفاهم مع بغداد.

وتبدى بعد الاجتياح الأمريكي للعراق في مارس/آذار 2003 واسقاط صدام حسين ــ ثم تسليمه للغوغاء الشيعية التي اعدمته بطريقة مستفزة صار عبرها "بطلا قوميا" ــ أن ازمة الاكراد هي جزء من الازمة الوطنية التي كان يعيشها العراق في ظل دكتاتورية صدام، وان حلها لا بد أن يكون ركنا من أركان الصيغة الجديدة لحكم العراق الجديد، بعد انهاء الاحتلال الأمريكي.

وبالفعل تمكن " قادة العراق الجديد" من ابتداع هذه الصيغة:

فتمت تسمية كردي لرئاسة الدولة (جلال الطالباني ومن بعده فؤاد معصوم)، وأقيمت حكومة اتحادية كان فيها للأكراد حصة وازنة، أبرز وجوهها هوشيار زيباري كوزير للخارجية، فضلا عن مواقع قيادية في الجيش والأمن وسائر الادارات.

لكن عراق ما بعد صدام، وفي ظل الاحتلال، كان مثخنا بالجراح، وقد استثمر الأمريكيون والاتراك والإيرانيون في الطائفية والمذهبية، وحرضوا العراقيين ضد بعضهم البعض بينما الدولة (المعاد بناؤها) ضعيفة البنيان، تنهشها الطائفية والمذهبية والعنصرية، فضلا عن التدخلات الخارجية ومطامع الدول، بعيدها والقريب، في هذا البلد الغني بموارده الطبيعية (نهران، دجلة والفرات) فضلا عن النفط في "ارض السواد".

* * *

ضربت الطائفية الكيان السياسي، مستولدة الفساد الذي استشرى في الدولة الخارجة منهكة من الحكم الطويل والحافل بالحروب (ضد ايران، لمدة ثماني سنوات، وبعدها غزوة الكويت حيث جمعت أميركا دول "التحالف الدولي" لمحاربة صدام حتى اسقاطه).. ثم الفوضى العارمة التي اجتاحت العراق (المحرر)، وحروب الطوائف، ومحاولة "اعيان الشيعة" العائدين بمعظمهم من الخارج الهيمنة على الحكم في ظل رفض السنة التخلي عن "انجازات صدام حسين".

في هذه الاثناء، كان مسعود بارزاني يأخذ حصته من الموازنة من السلطة في بغداد، ويقيم في الوقت نفسه اركان "دولته" في الشمال الكردي، مقررا ضم كركوك إلى دولته (ولو بالقوة) مستفيدا من انفراده بالسلطة بعد أن غيب المرض "شريكه " الطالباني عن موقع القرار. وكان طبيعيا أن تعترض بغداد على هذه القرارات الانفرادية، لا سيما ما يتصل بكركوك، فضلا عن اعلان استقلال بارزاني بدولته في الشمال.

لكن بارزاني ضرب عرض الحائط بالاعتراضات جميعا، وأصر على موقفه، بعدما سحب معظم وزرائه وكادراته من الحكومة المركزية في بغداد، وبدأ باستخدام "لغة حربية" لا تأخذ في الاعتبار اعتراضات الداخل العراقي والخارج الدولي ( تركيا اساسا، وايران ، وسوريا ضمنا) حيث نسبة من شعوب هذه الدول هي من الاكراد، وتشكل ثقلا بشريا وجزءا لا يتجزأ من دولها.

موعد الاستفتاء يقترب في جو من التوتر المرشح للتصاعد، خصوصا في ظل موقف ملتبس للإدارة الأمريكية التي ما أن يغادر مسؤول كبير فيها اربيل حتى يجيء مسؤول آخر، قد يكون أكبر.

أما حكومة العبادي فقد أكدت رفضها لهذا المشروع الانفصالي، وحذرت بارزاني من مغبة قراره الانفرادي المتعجل، معلنة في رد فعل فوري، أن المسألة أخطر من أن يحلها قرار غير مسؤول من شأنه أن يضرب وحدة العراق وينغص عليه فرحته بالإنجازات العسكرية الباهرة التي حققها جيشه مؤخرا بتحرير الموصل من عصابات "داعش"، وبعدها مدينة تلعفر، وتقدمه نحو الحدود السورية لتطهيرها من آثار هذا التنظيم المتوحش الذي أهان الشعار الاسلامي فحاول أن يغطي به جرائمه.

والجميع يتمنى أن يعيد بارزاني حساباته فلا يعرض العراق، بعربه وكرده، إلى مأساة وطنية قد تذهب بما تبقى من وحدته وسيادته وكرامة شعبه الذي فرض عليه أن يعيش دهرا من الاحزان يكاد أن يكون بلا نهاية.

* طلال سلمان - كاتب صحفي قومي مخضرم مؤسس ورئيس تحرير «السفير»

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية

العراق استفتاء كردستان انفصال بارزاني هوية كردية أراضي العراق حكومة العبادي إيران تركيا الطائفية الكيانية العراقية