باحث بـ«كارنيغي»: صفقة السلاح القطرية البريطانية تحمل رسائل سياسية

الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 12:09 م

قال الباحث الرئيسي في مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط في بيروت، الدكتور «يزيد صايغ»، إن توقيع بريطانيا اتفاقية مع قطر لبيع 24 طائرة حديثة من طراز «تايفون»، هي صفقة اقتصادية لكنها تحمل دلالة سياسية تتمثل في محاولة التأكيد على أن دولا غربية رئيسية تنظر إلى قطر كحليف موثوق يستطيع الحصول على أسلحة متطورة.

وأضاف في حوار مع إذاعة «دويتشه فيله» الألمانية، أن الصفقة تدعم أن «قطر ليست مصدرا للإرهاب أو أنها ليست في صف إيران، وقد سبق لقطر أن عقدت صفقة مشابهة مع الولايات المتحدة، بعد اندلاع الأزمة الخليجية، فالدلالة ليست عسكرية لأن وصول الأسلحة يستغرق فترة طويلة»، متابعا: «إذن، مغزى الصفقة هو سياسي بالجوهر، وهو نوع من الاستمالة، يعني استمالة دول غربية رئيسية للدفاع عن قطر ضد المزيد من الضغط من قبل الأطراف المعادية لها في الخليج».

ووقعت قطر، الأحد الماضي، اتفاق نوايا مع بريطانيا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز «يوروفايتر تايفون». (طالع المزيد)

وردا على سؤال عن كون الصفقة التي وصفتها وزارة الدفاع البريطانية بأول صفقة كبيرة مع قطر، انحيازاً بريطانياً إلى جانب الدوحة في الأزمة، قال: «من الواضح أن بريطانيا من خلال عقد هذه الصفقة، ترسل رسالة سياسية واضحة أنها تقف إلى جانب قطر بما يتعلق بتأكيد سيادتها وأمن وسلامة أراضيها وحمايتها من أي عدوان خارجي».

واستدرك: «لكن هذا لا يعني انحيازا بريطانيا كاملا مع قطر ضد الأطراف المقابلة لها في مجلس التعاون الخليجي، خصوصا السعودية والإمارات، لذلك يمكن أن نعتبر انحياز بريطانيا لقطر هو انحياز شكلي وجزئي فقط، لأنها انحازت فقط لتأكيد ما هو واضح أصلا، وذلك أن قطر عضو بالأمم المتحدة، ولا يجوز الاعتداء عليها عسكريا، كما لا يجوز فرض حظر بحري أو جوي عليها بقوة السلاح».

وتابع أن «بريطانيا عمليا لا تقوم بشيء سوى تأكيد ما هو مؤكد أصلا، وهذا لا يعتبر انحيازا كاملا لقطر على حساب الدول الأخرى، خصوصاً أن هناك علاقات تجارية واقتصادية بريطانية واسعة جداً مع السعودية والإمارات، فهي تزود السعودية بالذخائر التي تستخدم في الحرب باليمن، لذلك فمن الصعب أن تعتبر السعودية بريطانيا منحازة لقطر، وإن كانت ستنزعج لهذه الرسالة السياسية الواضحة».

جانب اقتصادي

وفي الوقت ذاته، ذهب «الصايغ»، إلى أن الصفقة لها أيضا «جانب اقتصادي، ولكن ليس له علاقة مباشرة مع البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، فبريطانيا تقوم ببيع الأسلحة لدول الخليج منذ عشرات السنين، مثل صفقات اليمامة 1 و2 مع السعودية في الثمانينات، وهذه المسألة ليست جديدة، وشركات الأسلحة البريطانية دائماً تبحث عن أسواق لها، خاصة في الخليج، فمع أو بدون البريكست كانت الصفقة ستعقد».

غير أنه استدرك بالقول: «لكن لو لم يحصل البريكست ربما كانت بريطانيا تريثت قليلا بعقد الصفقة، يعني من المحتمل أنها كانت ستقوم بتأجيل الصفقة، ولكن ليس إلغاءها، وطالما أن الصفقة كبيرة فإن الجانب الاقتصادي سيكون مهما جدا للبريطانيين، لكن هذا لا يعني أن بريطانيا وصلت لليأس ومستعدة أن تفعل أي شيء لبيع أسلحتها، لأن ذلك كان سيكلف بريطانيا كلفة اقتصادية أخرى، وهي أن تقرر السعودية أو الإمارات مثلا ألا تشتري الأسلحة من بريطانيا، فتشتريها من ألمانيا أو فرنسا، ليعاقبوا بريطانيا بنفس الحجم».

وأشار الباحث الرئيسي في مركز «كارنيغي» إلى أن «بريطانيا لن تضحي بعلاقاتها مع السعودية وستبحث عن مصلحتها في الطرفين، لكنها ستقول للطرفين إنها لن تلتزم بحظر يمنعها من ممارسة نشاطها الاقتصادي الطبيعي مع قطر أو مع أي طرف آخر، وبالتأكيد فإن بريطانيا قد قامت بدراسة الموضوع قبل توقيع الصفقة ورأت أنه لا توجد مجازفة كبيرة في عقدها».

وعن إمكانية إثارة الصفقة قلق الدول الخليجية المقاطعة لقطر، قال: «قد تبدي تلك الدول انزعاجها رسميا أو يتأسف بعض مسؤوليها، لكن لن تصدر منها أية ردة فعل كبيرة، لأنّ من المؤكد أن بريطانيا قد حسبت المضاعفات السياسية من وراء هذه الصفقة قبل عقدها، فمن الممكن أن تكون بريطانيا قد اتصلت بالسعوديين وأخبرتهم أنهم ليسوا مستهدفين من الصفقة التي ستعقدها مع قطر».

واستبعد «الصايغ» أن تكون بريطانيا قد أعلمت وزارة الخارجية أو الدفاع الأمريكية بعقد الصفقة «لأن الشركات البريطانية والأمريكية تتنافس على هذه الأسواق، فبريطانيا الآن عرفت كيف تستفيد من الأزمة السياسية لتدخل على الخط.

وبيّن أنه «بالنسبة لقطر فالموضوع مثل بوليصة التأمين، فهي اشترت سلاحا لن تحتاجه فعليا، وكأنها اشترت فقط رسالة سياسية من بريطانيا، ولكن هذا ليس شيئا جديدا على دول الخليج التي كانت تفعل الشيء المماثل ضد إيران مثلا، فهي تشتري السلاح من الدول الغربية لكي تأتي لنجدتها عندما تقع في أزمة».

يشار إلى أن الاتفاق يأتي بعد صفقة شراء كبيرة من الولايات المتحدة تم إعلانها في يونيو/حزيران الماضي، وتقضي بتزويد قطر بطائرات مقاتلة «إف-15» مقابل 12 مليار دولار.

كذلك أبرمت قطر في 2016 اتفاقاً لشراء 24 مقاتلة من طراز «داسو رافال» من فرنسا في صفقة بقيمة 6.7 مليار دولار.

وضاعفت قطر مشترياتها العسكرية خلال السنوات الأخيرة بنسبة هائلة.

وتعصف بالخليج أزمة بدأت في 5 يونيو/حزيران الماضي، إثر قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة، بدعوى «دعمها للإرهاب»، وهو ما تنفيه قطر بشدة، وسط دعوات إقليمية ودولية لإنهاء الأزمة وإجراء حوار مباشر بين أطرافها.

وفي يوليو/تموز الماضي، أكد وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون»، دعم بلاده لوساطة دولة الكويت التي يقود مساعيها أمير البلاد الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح»، لحل الأزمة ورأب الصدع.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر بريطانيا سلاح أسلحة العلاقات القطرية البريطانية