استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن معركة الموصل ودلالاتها.. ماذا بعد؟!

الجمعة 22 سبتمبر 2017 08:09 ص

لا القتال الشرس الذي خاضه تنظيم الدولة في الموصل فاجأنا، ولا النتيجة النهائية أيضاً، فهذا سيناريو تابعناه من قبل في ديالى وتكريت والرمادي والفلوجة وعين العرب وتدمر، ونعرف نتيجته من دون ذلك.

هنا تنظيم يقاتل بقدر كبير من الإقبال تبعاً لقناعاته العقائدية، لكن ذلك لا يكسر ميزان القوى المختل بالكامل لصالح الطرف الآخر، وحين يصرخ أتباع سليماني في المقابل بأنهم ينتصرون لأنهم على الحق، فهم لا يستحقون غير الازدراء، إذ لولا طيران أميركا من فوقهم (وعموم ميزان القوى طبعاً)، لكان حالهم مختلفاً (الطيران الروسي في سوريا). ثم إذا كان الحق هو الذي ينتصر بالضرورة حسب قولهم، فلماذا خسر الحسين معركته أمام يزيد إذن؟!

نتوقف هنا عند بُعدين؛ الأول دلالة ذلك على التنظيم وفكرة المعارك والقتال وموازين القوى، أما البعد الثاني فيتعلق بتأثير معركة الموصل وبعدها الرقة على عموم الصراع مع العدوان الإيراني.

في البعد الأول نقول إنه في كل تلك المحطات التي انطوت على سيطرة للتنظيم بـ«شبه دولة»، كانت النتيجة النهائية بالنسبة إلينا واضحة، فيما كانت غير ذلك بالنسبة لقادته ومؤيديه، ممن يعتقدون أن إرادة الإيمان تكفي وحدها لتحقيق النصر مهما بلغ خلل ميزان القوى مع العدو، في قراءة خاطئة للسيرة والنصوص وتجارب التاريخ، تأخذ بعضها وتترك آخر مثل قوله تعالى: «إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ..».

أي واحد مقابل عشرة (الحد الأقصى الذي لم تخرج عنه أي معركة باستثناء «مؤتة» ونتيجتها معروفة). ثم هناك «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ»؛ ومثلها « يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ..»،

تلك القراءة (الخاطئة) يشترك معهم فيها أكثر الإسلاميين ممن خاضوا مواجهات مشابهة كانت نتيجتها محسومة للسبب ذاته، كحال مواجهة «الإخوان» للنظام السوري مطلع الثمانينيات، ومواجهات مصر (الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد)، ومواجهة الجزائر الشهيرة وسواها.

قلنا مراراً إن تنظيماً يعاديه العالم أجمع، في زمن التكنولوجيا وثورة المواصلات والاقتصاد المسيطر عليه، والمنظمات الدولية المتفق عليها من الطيران إلى البحار، وجوازات السفر وحتى الجامعات، والقادرة على فرض عقوبات على دول كبرى، وليس في زمن «الخيول والمشاة»، والأوضاع الدولية المختلفة على كل صعيد..

إن تنظيماً كهذا لا يمكن أن ينتصر ويحافظ على انتصاره، حتى لو حظي بدعم شعبي ما، فكيف وقد عادى، حتى من ينتمون إلى ذات مدرسته الفكرية (السلفية الجهادية)؟!

في حالات من هذا النوع، يمكن للإرادة ومعها بعض الظروف الموضوعية أن تصنع انتصاراً ما، ثم صموداً لزمن يطول أو يقصر، لكن النتيجة النهائية ستكون مختلفة في ظل ميزان قوى مختل على نحو سافر.

حالات المقاومة ضد محتلين غرباء (حروب العصابات) بوجود حاضنة شعبية، وبعض المدد الخارجي، تختلف عن مواجهات الجيوش والدول التي يتفوق فيها الطيران، فضلاً عن استخدام سياسة الأرض المحروقة، بدليل أن التنظيم سجل إنجازاً تاريخياً بجانب فصائل المقاومة بإفشال الغزو الأميركي للعراق.

لكنه ما لبث أن خسر «دولته» في الأنبار بعد ذلك حين وقع البلد بيد حلفاء إيران وبدعم أميركا، قبل أن تبدأ جولة جديدة بعد 2011، حين رد المالكي على انحياز العرب السنّة للعملية السياسية بالطائفية والإقصاء.

حركة طالبان لم يكن ينقصها الإيمان حين هُزمت أمام الأميركان في 2001، يوم كانت دولة تواجه طيراناً من الجو، وقوى معادية من الأرض، لكنها صمدت بعد ذلك ولا تزال كقوة مقاومة ضد احتلال تستنزفه بحرب عصابات.

يتداخل هذا الكلام مع البعد الثاني، ممثلاً في مصير المعركة مع عدوان إيران بعد الموصل والرقة، وهنا نقول إن تنظيم الدولة خدم من حيث لا يدري ولا يريد عدوان إيران (القول إنه صناعة إيرانية كلام بلا قيمة)، وذلك بمنحها بطاقة الإرهاب كي تتاجر بها في العالم.

ما ينبغي قوله أيضاً هو أن إيران لا تحارب التنظيم، بل تحارب غالبية الأمة، وتشارك في المعركة أنظمة وشعوب وفصائل، ومن يواجهها في سوريا واليمن، ليس التنظيم، وأزمتها مع شيعة العراق، بدعمها لطبقة سياسية فاسدة، حاضرة، وأزمة أدواتها مع السنّة أيضاً (الصراع مع طموحات الأكراد فصل آخر).

ويكفي أن نرى دولاً تصارع إيران، بينما تخوض معركة ضد تنظيم الدولة أيضاً، ما يعني أن المعركة ستتواصل بأشكال مختلفة، ومعها نزيف الجميع، حتى يدرك خامنئي أن لا أفق لأطماعه في إعادة تشكيل حقائق التاريخ والجغرافيا، ولا بد من تسوية شاملة.

خلاصة أخيرة عابرة للأزمنة والأمكنة: ما لم يفقه الإسلاميون بشتى تصنيفاتهم الفكرية معادلة موازين القوى بكل تفاصيلها وتشعباتها الداخلية والخارجية (سياسياً وعسكرياً وعلى كل صعيد)، فسيواصلون خوض المعارك الخاسرة إلى يوم الدين، ليس العسكرية فحسب، بل السياسية أيضاً.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية

العراق الموصل ميزان القوى العدوان الإيراني حرب العصابات