مغربيات يقتحمن مهن الذكور: إصلاح السيارات وصناعة الأسمنت

الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 10:09 ص

لم تعد بعض الوظائف المعروفة بسيطرة الجنس الذكوري عليها، حكرا عليهم وحدهم، وأصبح بإمكان المرأة العربية خوض غمار أي وظيفة تطمح أليها، مادامت ستحقق فيها النجاح المطلوب كأي رجل آخر.

وأجرت «دويتشه فيلله» تقريرا مفصلا عن المهن الرجالية التي تمارسها بعض السيدات المغربيات، وذلك في مواجهة منهن للصورة النمطية المعتادة، ولكسب قوت يومهن بطريقة يحببنها.

إلا أن وجود نساء مغربيات في عالم المهن الذكورية قد لا يكون بالضرورة بسبب الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية فقط، بل قد يكون دافعه التصميم والإرادة لدى النساء من أجل تقلد هذه المناصب، التي يراها المجتمع حكرا لعالم الرجال.

لم تكن بنيتهن الجسمانية ولا الأفكار المسبقة للمجتمع حول تصنيف مهن عشقنها حاجزا للتخلي عنها، بقدر ما دفعت بهن للعمل والتحصيل وإثبات ذواتهن في مجتمع ذكوري. 

أرادت العمل فتعرضت للتحرش

تفتتح كلامها قائلة: «تعرضت للتحرش اللفظي مرات عديدة، فهم لم يألفوا بعد إمرأة تعمل بينهم». هكذا تقول «نسرين الكتاني» من مدينة القنيطرة شمال غرب المغرب، وهي تصف ما حصل لها من قبل زملاءها في العمل في مجال صناعة الاسمنت والبناء.

واختارت «نسرين» العمل وحيدة ضمن مئات من العاملين الذكور. لافتة: «اقتحمت فضاء احتكروه لسنين» كما تقول.

وقبل أن تختار هذا العمل بإرادتها درست «نسرين» لمدة ست سنوات متواصلة حتى تحصل على منصبها هذا.

إصلاح السيارات ليس عيبا

تتمدد «نورة الهواري» من مدينة ازرو، تحت سيارة أجرة، تحاول معرفة نوع العطب، وتطلب من مساعدها أن يمدها بمفك الحديد جانبه، وتمارس هذا العمل بشكل يومي منذ أربع سنوات.

لم تتجاوز «نورة» عقدها الثالث بعد، وتعمل مصلحة سيارات بعد أن حصلت على دبلوم تقني في ميكانيك المركبات.

وتقول «الهواري» لـ«دويتشه فيلله» أن شغفها بالمهنة وحبها للعمل «الذكوري»، كما وصفته، كانا من ضمن الدوافع التي أدت إلى استكمال دراستها في هذا المجال، وإتمام تدريب في محل خاص يعنى بإصلاح السيارات، من أجل الحصول على عملها الحالي. 

وتتابع نورة حديثها: «كان يثير فضولي دائماً، سبب وصف هذه المهن بأنها ذكورية، في حين يمكن للأنثى أن تقوم بها أيضا؟».

وتؤكد الشابة المغربية أن الأوصاف التي ينعتها بها البعض بأنها؛ «مسترجلة»، و«ذكورية» لم تمنعها من المضي قدما نحو هدف رسمته بإرادتها.

امرأة تحكم بين الرجال

تحولت «أسماء بنخضرة» من لاعبة كرة سلة، إلى منصب حكم على المستوى الوطني بالرغم من عدد سنوات عمرها التي لا تتجاوز 26 عاما. تحدت طوال القامة وفصلت بين اللاعبين بكل حياد.

واستطاعت «أسماء بنخضرة» ابنة مدينة صفرو، شمال شرق المغرب، أن تحجز مكانا لها بين نساء قليلات في مجال لا تجرؤ عليه الكثير من النساء.

وتقول «أسماء» أنها أحبت مهنة التحكيم لم تتخل عن حلمها الموازي؛ وهو أن تصبح مهندسة مدنية.

مضيفة أنها حققتهما معا وصارت مهندسة مدنية وحكما وطنيا، مهنتين من نوع «ذكوري» في وقت واحد.

وتعتبر «أسماء» أن المضايقات الحقيقية التي تتعرض لها عادة في موقع العمل بصفتها مهندسة حين يسأل بعض الرجال عن قدرة فهم المرأة في أشغال البناء. 

المساواة ملغومة

 وبالرغم من أن الدستور المغربي ينص على تساوي الجنسين في جميع الحقوق، كما هو مذكور في الفصل الـ 19 والذي نص على: «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية»، إلا أن الناشطة الحقوقية المغربية، «خديجة الرياضي» ترى أن هذا الوصف «ملغوم وغير دقيق».

وأكدت «الرياضي» في حوار مع «DW عربية»: «أن المساواة هي مجرد  لفظ لا وجود له على أرض الواقع، لأن الهدف الرئيس من دستور 2011 هو اسكات الشعب وليس تحقيق مطالبه»، بحسب قولها.

ولدى سؤالها عن حق المرأة في مزاولة مهن ذكورية، اعتبرت الناشطة الحقوقية الأمر «حقا من حقوق المرأة». وأكدت على كون عمل المرأة «حق خاص بالشعب بأجمعه، وليس بالمرأة فقط»، مادامت هذه الأخيرة تعتبر عاملا هاما في تقدم المجتمعات.

وبينت «الرياضي»: «أن وضعية المرأة في أي مجتمع هي من تحدد نسبة تطوره أو تخلفه».

وفي هذا الصدد، أشارت الخبيرة المغربية إلى «التهميش الذي تعيشه المرأة المغربية على المستويين الديني والسياسي، وكذلك الثقافة المجتمعية، التي وضعت المرأة داخل خانة نمطية كما خصصت للرجل مهنا دون أي سند منطقي».

تطور لصالح المجتمع

وحول عمل النساء في ميادين ذكورية، يعتبر عالم الاجتماع المغربي، «علي الشعباني» أن الأمر ظاهرة جديدة فرضها التطور الذي يشهده العالم بأكمله وليس المغرب فقط.

ويرى «الشعباني» أن هذه الظاهرة «إيجابي وأن هذا التطور يصب لصالح المجتمع». وأكد أنه يعتبرها «بمثابة انفتاح على تقاسم الأدوار النمطية التي عرفها المجتمع في السابق».

وأكد الخبير المغربي أن التغيير في تصنيف هذه المهن مطلوب ما دامت المرأة قد أبانت براعتها في ميادين العمل المتعددة، وفق تعبيره. ويضيف: «ليست الظروف فقط من تملي على النساء تقلد مناصب رجالية، بل إرادتها وتصميمها كذلك».

المصدر | الخليج الجديد + دويتشه فيلله

  كلمات مفتاحية

المرأة المرأة المغربية عمل مهن وظائف وظيفة مجتمع الذكور

المغرب يترقب اتفاقية استثمارية لإنشاء مصنع سيارات محلية