«محمد بن سلمان».. كشف حساب السلطة المطلقة

السبت 30 سبتمبر 2017 07:09 ص

احتاج ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، البالغ من العمر 32 عاما، أقل من 3 أعوام لجمع خيوط السلطة في جعبته، الأمر الذي أدى إلى نشوء ديناميكية غير مسبوقة في المملكة التي كان يحكمها غالبا الملوك في سن السبعينات أو الثمانينات. إلا أن التحركات السريعة التي قام بها ولي العهد قد جلبت النجاحات وكذلك الفشل.

ويعتبر المرسوم الملكي، الذي صدر هذا الأسبوع، ويقضي بإنهاء الحظر المفروض على قيادة المرأة، أكثر التغييرات الدرامية في عهد الأمير.

وبصفته الابن المفضل للملك «سلمان»، يشرف الأمير على كل جانب من مجالات الدفاع والاقتصاد والأمن الداخلي والإصلاحات الاجتماعية والسياسة الخارجية. وهو تباين كبير مع ما كان قبل 3 أعوام، عندما كان شابا عديم الخبرة مع سجل ضعيف. وقد أطاح باثنين من كبار العائلة المالكة في خط الخلافة ليرث العرش. ولكن منذ أن أصبح والده، البالغ 81 عاما، ملكا عام 2015، كان الابن يصعد بشكل مطرد.

والآن، «محمد بن سلمان» هو ولي العهد. وبعدم وجود ولي له، فهو الوريث الوحيد للتاج وبسلطات مطلقة، وقد يتسلم العرش في وقت مبكر من العام المقبل إذا قرر الملك التنازل عن العرش، كما يتوقع المحللون.

وتم تمهيد المسار لـ«بن سلمان» من خلال مؤامرات السلطة والصراعات الخارجية والقتال. وأحرز في هذه الجولات بعض الانتصارات والأخطاء، نستعرضها معا.

إصلاح المملكة

وحظي المرسوم الملكي الذي رفع الحظر على قيادة المرأة بالترحيب والإشادة من قبل جماعات حقوقية وقادة في جميع أنحاء العالم. وكانت المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تحظر قيادة المرأة.

ويشكل هذا القرار جزءا من خطط «بن سلمان» واسعة النطاق لتحويل المملكة. وتدعو خطته «رؤية 2030» إلى إصلاح الاقتصاد السعودي وتخفيف القيود الاجتماعية من أجل الحفاظ على الاستقرار في مواجهة انخفاض أسعار النفط وتزايد عدد الشباب، مع فرض تدابير التقشف.

كما قام «بن سلمان» أيضا بإنشاء هيئة ترفيهية تهدف إلى زيادة الإنفاق المحلي. ونظمت حفلات موسيقية بعد حظر دام عقدين تقريبا، وعرضت أفلاما على الرغم من عدم وجود دور سينما في المملكة، وأقامت حتى مهرجان كوميك كون.

وكان هناك إصلاح رئيسي آخر تماشيا مع مخطط ولي العهد، وهو إعلان السماح للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس الحكومية للمرة الأولى، هذا العام.

اعتقال المنتقدين

ورغم كونه وراء عدد من الإصلاحات الاجتماعية، فإن «بن سلمان» أيضا وراء حملة الاعتقالات ضد الأشخاص الذين تجرأوا على انتقاد أو طرح بعض الأسئلة حول سياساته المثيرة للجدل، مثل الحرب في اليمن ومواجهة حكومته مع قطر.

وقال ناشطون سعوديون إن 30 شخصا على الأقل قد تم اعتقالهم هذا الشهر. ومن بين المعتقلين ناشطون بارزون في مجال حقوق الإنسان وعلماء دين وكتاب وأكاديميون.

كما شهدت التوترات مع إيران الشيعية تصاعدا في ظل سيطرة ولي العهد على السياسة الخارجية. وتعرضت الأقلية الشيعية السعودية للاعتداءات وسط التداعيات السياسية.

وتم إعدام 4 من أفراد الأقلية الشيعية في المملكة هذا العام لمشاركتهم في احتجاجات عنيفة ضد الحكومة عام 2011، خلال موجة انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة، ويواجه أكثر من 12 آخرين احتمالات الإعدام. وهدمت قوات الأمن في مايو/أيار المركز التاريخي لمدينة شيعية اشتكى سكانها منذ فترة طويلة من التمييز وطالبوا بحقوق متساوية.

قطع العلاقات مع قطر

وكان «بن سلمان» وولي عهد أبوظبي الأمير «محمد بن زايد» خلف هجوم دبلوماسي على قطر بدأ في مطلع يونيو/حزيران الماضي. وبدعم من مصر والبحرين، شنت اللجنة الرباعية العربية هجوما غير مسبوق على قيادة قطر، واتهمتها بدعم الإرهاب والمتطرفين في المنطقة، والوقوف وراء الاضطرابات في الشرق الأوسط.

ونفت قطر هذه المزاعم، وقالت إن التحركات ضد الدوحة لها دوافع سياسية.

ورغم الحصار السعودي والإماراتي، لم تتأثر الحياة بشكل كبير في قطر. وفشل النزاع في إجبار قطر على تغيير سياساتها تجاه الجماعات الإسلامية، التي تعتبرها السعودية والإمارات تهديدا للاستقرار الإقليمي.

واكتسبت قطر بدلا من ذلك دعم تركيا. ورفضت الحكومة أيضا قائمة مطالب مثيرة للجدل، اعتبرت إلى حد كبير تعديا من قبل السعودية والإمارات على سيادة قطر.

وأضرت الأزمة بالعلاقات القديمة بين المواطنين في الخليج، وأثارت المخاوف في واشنطن، حيث يقول المسؤولون إن النزاع يضر بالجهود العالمية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

تعزيز العلاقات مع واشنطن

وسجل «بن سلمان» انقلابا سياسيا عندما أصبح أول زعيم عربي يجتمع مع الرئيس «دونالد ترامب» بعد فوزه في الانتخابات.

وفور دخول «ترامب» إلى البيت الأبيض، طار «بن سلمان» إلى واشنطن والتقى مع الرئيس الجديد في مارس/آذار لإحياء العلاقات الأمريكية السعودية، التي كانت قد أصبحت متوترة تماما تحت إدارة سلفه «باراك أوباما». وبعد شهرين، اختار «ترامب» المملكة لتكون أول بلد يزورها كرئيس.

واستخدمت المملكة زيارة «ترامب» لاستعراض قوتها ووصولها، ونظمت مجموعة مذهلة من الأحداث، شملت مؤتمرا جمع قادة من عشرات الدول ذات الأغلبية المسلمة. وكان ينظر إلى الزيارة على أنها فرصة لـ بن سلمان لمواءمة مصالح الولايات المتحدة مع السعودية.

حرب مدمرة في اليمن

وأشرف «بن سلمان» في دور وزير الدفاع على حرب استمرت أكثر من عامين في اليمن، أدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص في أفقر بلدان العالم العربي، ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة، وتسببت في أكبر تفشي للكوليرا في التاريخ الحديث في أي بلد في عام واحد.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين في جرائم حرب.

وفشلت الحرب فى طرد المتمردين المتحالفين مع إيران من العاصمة صنعاء. وكان المتمردون الشيعة اليمنيون المعروفون باسم «الحوثيين» طردوا الحكومة المدعومة من السعودية هناك من السلطة، في أواخر عام 2014. كما أثار الصراع اليمني إدانة واسعة النطاق من جميع أنحاء العالم، ودفع إلى قرارات من قبل الهيئات التشريعية الغربية لوقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة.

المصدر | تايمز أوف إنديا

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان رؤية 2030 حصار قطر اعتقال الدعاة حرب اليمن