و.بوست: تداعيات السماح للمرأة بالقيادة على الاقتصاد السعودي

السبت 30 سبتمبر 2017 07:09 ص

فاجأت المملكة العربية السعودية العالم، هذا الأسبوع، بمرسوم ملكي طال انتظاره، كان مفاده حصول المرأة أخيرا على رخص قيادة السيارات في السعودية، في يونيو/حزيران عام 2018، وهو ما أنهى الحظر المفروض في المملكة على قيادة النساء للسيارات.

إنها خطوة كبيرة إلى الأمام حقا، وربما تكون حتى قفزة عملاقة للمجتمع السعودي، وهي علامة على أن الحداثيين قد أصبح لديهم سلطة تفوق المحافظين في الحرب الثقافية داخل المملكة، ويشير إلى ما يمكن أن تحققه الاحتجاجات الشجاعة التي تقودها النساء.

ومع ذلك، يحتاج التغيير أيضا إلى الدراسة في ضوء محاولات الرياض المستمرة لإعادة تصور مستقبل الاقتصاد السعودي لحقبة ما بعد النفط. فبمجرد السماح للبلد بأكمله بالقيادة، يمكن أن يكون لذلك تأثير اقتصادي كبير على المملكة وقد يدر بعض المال في الاقتصاد المتعثر.

الخاسرون

وعلى مدى عقود، أدت القيود المفروضة على قيادة النساء في المملكة إلى اقتصاد فرعي يختص بالرجال الذين يقودون للنساء. وكانت الأسر السعودية الأكثر ثراء تستأجر عموما سائقين بدوام كامل، وكان أغلبهم من العمال المهاجرين. وفي الآونة الأخيرة، بدأت تطبيقات تشارك الركوب، مثل أوبر (المملوكة جزئيا الآن لصندوق الاستثمار العام في الدولة السعودية)، ومقرها دبي، بتقديم بدائل أرخص.

وفي بلد يبلغ عدد سكانه 32 مليون نسمة، كان هذا الاقتصاد الفرعي جزءا من التغيير. ووفقا لـ «أراب نيوز»، فهناك ما لا يقل عن 800 ألف رجل، معظمهم من جنوب آسيا، يعملون كسائقين للمرأة السعودية، ويحصلون على رواتب تصل إلى 400 دولار شهريا لكل سائق مقابل الخدمة، بالإضافة إلى العديد من التكاليف الأخرى. وتشير الأرقام التي نشرتها أوبر إلى أن ما يصل إلى 80% من مستخدميها في المملكة من الإناث، في حين أن غيرها من تطبيقات تشارك الركوب تعتمد أيضا على المستخدمين الإناث.

وقال «مدثر شيخة»، مؤسس «كريم» لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، عام 2015: «تستأجر بعضهن (النساء) من 5 إلى 10 رحلات معنا كل يوم. ولا نرى هذا النوع من حركة المرور في أي مكان آخر».

وإذا بدأت السعوديات القيادة بشكل جماعي، فإن هذه الصناعة سوف تخسر الكثير. وقد يضطر مئات الآلاف من السائقين المستأجرين للبحث عن عمل جديد أو حتى مغادرة البلاد. وعلى الرغم من أن كل من أوبر وكريم قد عرضا بفخر الدعم للسائقات الإناث بعد المرسوم الملكي الثلاثاء، إلا أن مستقبلهما الاقتصادي في السعودية يبدو أقل بكثير مما كان عليه قبل أسبوع.

الرابحون

لكن إذا كان أولئك الذين يقدمون خدمات القيادة في المملكة يواجهون نوعا من التشكك حول مستقبل عملهم، فإن أولئك الذين يبيعون السيارات هم أكثر أملا في ما هو قادم. وليس من المستغرب أن شركات صناعة السيارات مثل فورد وفولكس فاجن أصدرت، فور إعلان المرسوم، إعلانات تهنئة للمرأة على سياسة القيادة الجديدة. واستخدمت السعوديات وسما على تويتر لمناقشة نوع السيارة التي قد يرغبن في شرائها.

ومن الصعب التأكيد على أن هذا القانون سيتبعه ارتفاع في معدل شراء السيارات. وقد توفر الأسر الأكثر ثراء المال عن طريق السماح للسائقين بالذهاب، لكن الكثير منهم يمتلكون بالفعل سيارة قد يستخدمها أفراد الأسرة. وفي الوقت نفسه، قد لا تتمكن الأسر الفقيرة من تحمل تكلفة سيارة جديدة، ناهيك عن التكاليف الأخرى التي قد تشمل تعليم القيادة.

وسيعتمد الكثير على كيفية قيام المملكة بتنفيذ سياستها الجديدة في مجال القيادة. وتم منح لجنة 30 يوما لتحديد كيفية تنفيذ المرسوم الملكي. ويبدو أن قوانين الوصاية الصارمة في المملكة ستبقى كما هي، وهو ما قد يعرقل حصول المرأة على رخصة القيادة إذا حرمها من ذلك أقاربها الذكور.

تعقيدات

وكانت الأنظمة الملكية السعودية المتعاقبة قد أظهرت رغبة في إعطاء المرأة المزيد من الحريات، لكن المعتقدات المجتمعية المحافظة بين عامة السكان قد أعاقت الإصلاحات. ومع ذلك، كان هناك دائما قدر ضئيل من النظرة السياسية والاقتصادية في تطبيق قاعدة حظر القيادة. فعلى سبيل المثال، لم تكن المرأة البدوية تحصل على الرخصة منذ فترة طويلة، في انعكاس لظروفها الريفية. فيما سمح للنساء بالقيادة في مجمع الظهران التابع لشركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط الوطنية الأضخم في البلاد.

وأشار بعض المراقبين إلى اكتتاب أرامكو العام المقبل كمبرر اقتصادي لسماح الرياض للنساء بالقيادة، وهو ما يعني المزيد من السائقين والمزيد من الأرباح للشركة.

وهناك علاقة اقتصادية كبيرة بين أرامكو والمرسوم الملكي، ولكن السبب في الواقع أكثر تعقيدا من ذلك. ودفعت أعوام من انخفاض ​​أسعار النفط الحكومة السعودية إلى إعادة التفكير في اقتصادها في المستقبل بعد عصر البترودولار، ومن ثم اكتتاب أرامكو.

وأوضحت هذه الخطة الإصلاحية الكبيرة، التي أطلق عليها اسم «رؤية 2030»، بقيادة ولي العهد «محمد بن سلمان»، البالغ 32 عاما، أن فتيات المملكة اللواتي يعانين من نقص فرص العمل، لكنهن متعلمات تعليما جيدا، يشكلن جزءا لا يتجزأ من مستقبل البلاد الاقتصادي.

وقال «بن سلمان» إن الحكومة تهدف إلى زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة من 22% إلى 30% بحلول عام 2030. وقد يكون رفع القيود المفروضة على رخص القيادة أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى العائلة المالكة السعودية بشكل أو بآخر، لكنها طريقة واضحة لدفع الاقتصاد في الاتجاه الصحيح.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

قيادة المرأة السعودية الاقتصاد السعودي أرامكو أوبر