أبعاد الدعم الإسرائيلي لانفصال كردستان العراق

الاثنين 2 أكتوبر 2017 05:10 ص

قال الباحث التركي «أفق ألوتاش» في مقال له في مجلة «كريتر» الشهرية في عددها الـ١٧ لشهر أكتوبر/تشرين الأول، إن (إسرائيل) كانت الداعم الدولي الواضح الوحيد للزعيم الكردي «مسعود بارزاني» الذي يواصل كفاحه من أجل تحقيق الانفصال بمزيد من الحجج القومية والعاطفية، دون دعم دولي.

حيث حثت الولايات المتحدة، وهي من الجهات الفاعلة ذات النفوذ في شمالي العراق، على إلغاء موعد إجراء الاستفتاء مع التركيز على وحدة العراق، كما عارضت إيران  تقسيم العراق؛ خشية أن تصبح الدولة الجديدة مركز عمليات لـ(إسرائيل)، كما تشعر تركيا بالقلق من أن الفجوة التي ستنشأ بعد الاستفتاء ستعزز حزب «العمال الكردستاني»، وستهدد أمن الحدود.

ويقول الباحث إن الجميع عارض الاستفتاء لأسباب مختلفة سواء من الدول الأوروبية إلى الدول العربية، وكان الدعم  الوحيد والأكثر وضوحا لمبادرة الانفصال من (إسرائيل)، في حين أن الدعم الإسرائيلي للانفصال جاء مع حجج عاطفية وجيوسياسية.

وكان تقدير دعم تل أبيب في شمال العراق ملحوظا أيضا، وقد أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» عن حرصه على استقلال الأكراد العراقيين الذين وصفهم بأنهم «شجعان ومؤيدون للغرب».

علاقة تاريخية

ويرى «أولوتاش» أن العلاقة بين (إسرائيل) والأكراد العراقيين ليست جديدة، حيث إن العلاقات بين (إسرائيل) والأكراد العراقيين، وإن كانت سرية، فهي تمتد إلى منتصف الستينات، حيث دعمت (إسرائيل) الأكراد العراقيين ضد «صدام حسين».

ومن خلال المساعدات العسكرية والمالية، فقد أنتجت (إسرائيل) وكيلا من أكراد شمال العراق من خلال عدو مشترك ضد التهديد المتصور من العراق، وقبل عام 1979، دعمت (إسرائيل) الأكراد العراقيين في عمليات بالشراكة مع إيران، وبعبارة أخرى، تم إنشاء تحالف ضد صدام بين (إسرائيل) وشمال العراق وإيران حتى نهاية الثورة.

وبعد عام 1979، استخدم الأكراد العراقيون مرة أخرى كأداة استخباراتية ضد إيران هذه المرة، ومع قربها من إيران واتصالاتها مع المجتمع الكردي في إيران، قدم أكراد شمالي العراق شراكة مفيدة لـ(إسرائيل) ضد إيران والعراق.

ويشير الباحث إلى أن التحالف مع الأكراد العراقيين كان  في الواقع جزءا من «الاستراتيجية» التي وضعها «بن غوريون»، وهي إحدى أهم الاستراتيجيات الأمنية في (إسرائيل)، وكان الأكراد العراقيون أحد الشركاء المهمين لهذه الاستراتيجية، ونتيجة للتحالفات مع الجماعات غير العربية ضد الأعداء المشتركين، أصبحت (إسرائيل) قريبة من الأكراد، وتركيا، وإيران، وإثيوبيا، في أوقات مختلفة.

كما أن الفكرة القائلة بأن «دولة كردية مستقلة» ستكون المنطقة العازلة ومركز العمليات ضد إيران هي أحد أهم أسباب دعم (إسرائيل) الانفصال في الوقت الحاضر.

إيران ليست المتضرر الأكبر

ولكن الباحث يرى أن هذا لا يسبب مشكلة لإيران، لأن تأثير إيران في جغرافية شمال العراق كبير، حتى في حالة الانفصال، فإن إيران ستظل واحدة من أكثر الجهات الفاعلة تأثيرا في هذه الجغرافيا، بل إن إيران توسعت لتصبح جارة مع (إسرائيل) من خلال وكلائها، وهي في الوقت الحالي تستولي على دير الزور وتعمل على فتح خط طهران - بيروت لاستخدام الميليشيات الشيعية.

ومع حدوث الانقسامات السياسية في شمال العراق، زادت إيران نفوذها عبر حركة «غوران»، حتى مع فريق «الطالباني» الذي دخل في تحالف استراتيجي مع إيران.

وبهذا المعنى، سوف يتنافس الإسرائيليون مع إيران في شمال العراق لجعل أنشطتها هناك أكثر صعوبة مما يفترض أن تكون.

ومع ذلك، فإن شمال العراق لديه القدرة على تقديم فرص جيوسياسية واجتماعية وسياسية لـ(إسرائيل) لا يمكن للجهات الفاعلة الأخرى تقديمها.

تفسيرات عاطفية

ويقول الباحث إنه في كثير من الأحيان لجأت تل أبيب إلى أوجه الشبه العاطفية بين (إسرائيل) والأكراد، كون اليهود كانوا «شعب بلا دولة» قبل الدولة، وهو مستوحى من العلاقة بين اليهود و(إسرائيل).

والواقع أن هذه المشاعر لا تكفي لشرح الانسجام بين الأكراد و(إسرائيل)؛ لأنه، في البداية، هناك عديمو الجنسية (الشعب الفلسطيني)، و(إسرائيل) هي السبب الأكثر وضوحا لعدم وجود دولة لهذا  الشعب.

وهناك اعتبارات تحظى بقبول الجمهور الإسرائيلي مثل اعتبار أكراد العراق مفيدين من حيث الموالاة للغرب مقابل العراق وإيران والعمل ضد «داعش»، وكون الأكراد علمانيين.

ويرى الباحث  أنه بصرف النظر عن التفسيرات العاطفية، تريد (إسرائيل) تحويل شمال العراق إلى مركز عمليات ضد التوسع الإيراني في سوريا والعراق.

إن التحدي الأكبر على هذا المسار سيكون مرة أخرى باتجاه التأثير المتزايد لإيران في المنطقة في السنوات الأخيرة، وحتى مع نشوء صراع بين أكراد العراق وجيرانهم، فإن هذا سيقدم تسهيلات تشغيلية جديدة لـ(إسرائيل).

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الأكراد إقليم كردستان العراق استفتاء الانفصال إيران