«ستراتفور»: «حماس» و«فتح» تغنيان نفس الأغنية القديمة

الأربعاء 4 أكتوبر 2017 11:10 ص

تعتبر إمكانية المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين، «حماس» و«فتح»، من أكثر الأمور الصعبة في السياسة في الشرق الأوسط، وقد وصلت الجماعتان السياسيتان إلى مأزق في عام 2007 وقد اجتمعا منذ ذلك الحين سنويا تقريبا لمعالجة خلافاتهما، ولكن نادرا ما حققا نتائج دائمة.

في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري اجتمع الطرفان مرة أخرى وبينما يشير التاريخ إلى أن الحواجز المألوفة في منع تصالحهما قد تستمر في إعاقة التقدم، فإن الضغوط التي تدفع كلا الطرفين إلى طاولة المفاوضات أقوى مما كانت عليه في الماضي، وهناك بالفعل دلائل تشير إلى أن المفاوضات ستبدأ بقوة.

اللحن القديم

وكانت «حماس» و«فتح» قد خضعتا لخطر كبير خلال العقد الأخير، حيث إن فوز «حماس» في الانتخابات عام 2006 أزعج المشهد السياسي وأجبر حركة «فتح» التي تتخذ من الضفة الغربية مقرا لها على إتاحة المجال لـ«حماس» في قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية.

وعلى مدى العامين الماضيين، أصبح العداء بين المجموعتين مكثفا لدرجة أن «حماس» شكلت هيئة إدارية منفصلة تهدف إلى منع «فتح» التي تملك الأغلبية في السلطة الوطنية الفلسطينية، من أداء واجباتها في قطاع غزة.

وبالنسبة لـ«حماس»، فإن تكريس الهيمنة في قطاع غزة أمر حاسم، سواء من أجل التجنيد لقوتها المسلحة (كتائب القسام)، أو للمحافظة على الدعم السياسي بين المدنيين.

ويواجه الجانبان اليوم حواجز مألوفة تشير إلى أن النتائج الحقيقية ستكون بطيئة في الوصول إليها وفي صعوبة المحافظة عليها، إن حركة «حماس» وحركة «فتح» لا يثقان في بعضهما البعض، وقد أصر كلاهما على إدارة المعابر الحدودية لقطاع غزة على مدى العقد الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، لم تتراجع أي من المجموعتين في خلافاتها الأساسية مع (إسرائيل)؛ «حماس» تقف وراء هدفها لتدمير (إسرائيل) واستعادة الأراضي الفلسطينية، في حين أن فتح تحافظ على حل الدولتين ودعم المقاومة السلمية (والعنيفة في بعض الأحيان) لوجود المستوطنات في الضفة الغربية.

لذلك، حتى لو حلت «حماس» و«فتح» بعض منازعاتهما هذا الأسبوع، وفي الأسابيع المقبلة، فما يزال الطرفان بعيدان عن التمكن من التوحد في دفع قضية السلام العربي - الإسرائيلي قدما.

أنغام جديدة

ومع ذلك، قد تبدو المفاوضات مختلفة هذه المرة لشيء واحد، حيث إن «حماس» الآن تحت ضغط أكثر من أي وقت مضى محليا أو على صعيد الداعمين الخارجيين.

وعلى الصعيد الداخلي، أصبح التدهور الاقتصادي في قطاع غزة متفاقما إلى درجة يخشى معها مسؤولو «حماس» من فقدان ثقة الجمهور، حيث يشكو سكان غزة من انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة على نحو غير عادي وصعوبة الحصول على إمدادات المياه والطاقة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تأتي مئات الملايين من الدولارات لإعادة الإعمار في أعقاب الصراعات المدمرة في عامي 2008 و2012 و2014 من دول الشرق الأوسط الأكثر ثراء الكويت والسعودية والإمارات وقطر وتركيا، وتواجه هذه البلدان ضغوطا دولية لجلب الأحزاب السياسية الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، ومن المحتمل أن «حماس» ترجح الحفاظ على علاقات صحية مع هذه الدول.

وفي الوقت نفسه، فإن حركة «فتح»، وهي الحزب الحاكم الرئيسي والمسيطر على السلطة الوطنية الفلسطينية، تشعر بالضعف بسبب الدعم الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا لـ(إسرائيل)، وداخل الحركة، هناك بعض الخلاف، حيث هناك خطط متتالية لاستبدال الكادر الحاكم الحالي، وفي مواجهة خطر احتمال فقدان السلطة، قد يرغب القادة الحاليون في إحراز تقدم في علاقات المجموعة كوسيلة لإثبات أنها هيئة حاكمة قادرة.

تبدو الظروف مهيأة لتوصل «حماس» و«فتح» إلى اتفاق مشترك مؤقت لتقاسم السلطة، وقد أحضرت «فتح» وفدا رفيع المستوى لمرافقة مسؤوليها من السلطة الوطنية الفلسطينية إلى غزة، وهى خطوة غير شائعة كانت تشير إلى أن هذه الاجتماعات تؤخذ على محمل الجد.

ومن الجدير بالذكر أن اجتماع مجلس الوزراء الفلسطيني هذا الأسبوع هو أول اجتماع يعقد في غزة منذ ثلاث سنوات، وقد بذلت جهود تنظيمية كبيرة من الطرفين.

وعلاوة على ذلك، يزور المسؤولون المصريون قطاع غزة هذا الأسبوع كجزء من اتفاق أمني جديد لزيادة الرقابة المصرية مقابل تنازلات لقيادة «حماس»، في جوانب مثل المعابر الحدودية وتحديدا في رفح.

ويلعب الدعم المصري دورا مهما في استقرار الأراضي الفلسطينية وعلاقتها مع (إسرائيل)، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تأييد (إسرائيل)، كما تواجه قطر ضغوطا دولية للحد من مشاركتها مع الجماعات الإسلامية مثل «حماس».

ويشير الوجود المصري والاهتمام الدولي اللاحق في المنطقة هذا الأسبوع إلى أن «فتح» و«حماس» ملتزمان بعمق بإحراز تقدم أكثر من أي وقت مضى، كما يشارك مسؤولون أتراك في زيارة لقطاع غزة هذا الأسبوع لبحث المساعدات الاقتصادية التي تشكل عنصرا حاسما في العلاقات بين تركيا وغزة.

كما قامت «حماس» مؤخرا بتعديل في أماكن أشخاص في أعلى مستويات القيادة، وعلى الرغم من أن هذا القرار لم يغير من فلسفة الجماعة على أنها حركة مقاومة ضد (إسرائيل)، فقد بشر بجيل جديد من القيادة التي تريد ضمان بقاء الحركة على المدى الطويل، حتى لو كان ذلك يعني التغييرات التنظيمية.

وقد تطورت «حماس»، بصفتها الكيان السياسي الرئيسي لقطاع غزة، من كيان عسكري يتمتع بقدرات سياسية إلى كيان سياسي يتمتع بقدرات عسكرية، وبينما ترغب الحركة في الحفاظ على السمتين، فإن واقع الوضع الحالي قد يجعلهم أكثر استعدادا للتفاوض مع «فتح» أكثر من أي وقت مضى.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

حماس فتح مصر السيسي المصالحة الفلسطينية