خبراء: القاعدة التركية بمقديشو لدعم الجيش ولا تخدم إلا الصومال

الأربعاء 4 أكتوبر 2017 12:10 م

قال خبراء صوماليون إن القاعدة العسكرية التركية في مقديشو أُنشئت بموافقة منظمة الأمم المتحدة، وليست طرفا في الصراع بين الدول العظمى على القارة السمراء، مشددين على أنها تحقق للصومال فوائد عديدة، خاصة أن تركيا «شريك موثوق بوعوده».

وأضاف الخبراء في أحاديث لوكالة «الأناضول» التركية، أن من بين فوائد القاعدة، التي افتتحت نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي: إعادة بناء ودعم الجيش الصومالي، ومن ثم المساهمة في مكافحة الإرهاب وإحلال السلام والاستقرار، بما يزيد من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الصومال.

ومنذ سنوات، تقاتل القوات الحكومية الصومالية وقوات بعثة الاتحاد الأفريقي (أميصوم) مسلحي حركة «الشباب»، الذين يتبنون تفسيرا متشددا للشرعية في البلد الذي يعاني أوضاعا أمنية واقتصادية متردية للغاية.

ويكتسب دور القاعدة التركية أهمية كبيرة في مساعدة الجيش الصومالي، في ظل استعداد القوات الأفريقية، البالغ عددها 20 ألف عسكري، للانسحاب من الصومال.

وأعلن وزير الدفاع الصومالي، «عبد الرشيد عبد الله محمد»، في وقت سابق، أن انسحاب القوات الأفريقية سيبدأ نهاية العام الجاري، وسيتم تدريجيا، مع تقييم الوضع الأمني وتسليم مواقعها إلى الجيش الصومالي، الذي سيبلغ تعداده نحو 20 ألف عسكري.

ووفق الخبير والعسكري الصومالي المتقاعد، «شريف روبو»، فإن «القاعدة العسكرية التركية في مقديشو تشكل بعدا استراتيجيا وأمنيا بين البلدين، فالصومال (شرقي أفريقيا) يحتل موقعا جيوساسيا مهما في القارة السمراء، رغم التحديات والفوضى الأمنية التي عاناها في السنوات الماضية».

وتابع «روبو» أن «القاعدة التركية لا تخدم سوى الصومال، فهي الأكبر خارج تركيا من حيث السعة والتجهيزات، لذا ستساهم في إعادة بناء الجيش الصومالي، الذي انهار عام 1991، منذ الإطاحة بالحكومة المركزية».

وبحسب مقديشو وأنقرة، فإن القاعدة العسكرية تمثل أحد أوجه الدعم التركي للصومال في الجانب الأمني، بهدف تطوير قدرات الجيش الصومالي، الذي يعد أحد أهم ركائز الحكومة لبسط سيطرتها على جميع أرجاء البلد.

عقيدة قتالية موحدة

وفي دول أفريقية عديدة تنتشر قواعد عسكرية لدول غربية، وسط اتهامات لتلك الدول الغربية بالعمل على نهب ثروات الدول الأفريقية.

وقال «حسن شيخ نور»، خبير في الاستراتيجيات الأمنية، إن «قاعدة التدريب العسكري التركية بالصومال ليست طرفا في حلبة الصراع على القارة السمراء، التي تتنافس فيها دول عظمى، وإنما تأتي ضمن سياسة الصومال لإعادة تأهيل جيشه لضبط أمنه الداخلي».

وبشأن إمكانية أن تساعد القاعدة التركية في تحقيق اكتفاء بخصوص تدريب القوات الصومالية، قال «نور»، إن «القاعدة ستمهد الطريق لإيجاد جيش صومالي قوي ذي عقيدة قتالية موحدة، وهو ما يفتقده حاليا، حيث كان أفراده يتلقون تدريبات في مناطق ودول مختلفة، لعدم وجود قواعد تدريب عسكرية مجهزة في الصومال».

وشدد على أن «هذه القاعدة أُنشئت بموافقة الأمم المتحدة، التي ترشح عناصر الجيش الصومالي لتلقي تدريبات في دفعات متتالية».

وتابع أن القاعدة التركية «ستقدم تدريبات عسكرية لجيش الصومال وجيوش أفريقية أخرى، ما يفند المزاعم بأن أنقرة تمتلك أجندات توسعية في الصومال.. هذه قاعدة عسكرية صومالية خالصة ومهمة القوات التركية تنحسر في التدريب فقط».

واستدرك الخبير الصومالي قائلا إن «هذه القاعدة لن تساهم وحدها في إيجاد جيش صومالي قوي إذا لم توجد سياسة صومالية ناضجة تعطي الأولوية لبناء المؤسسة العسكرية، بعيدا عن الاعتبارات القبلية، التي حولت الجيش إلى مليشيات قبلية».

وعود موثوق بها

وإضافة إلى الجانب الأمني والعسكري ترتبط الصومال وتركيا بعلاقات وثيقة في مختلف المجالات.

وقال «محمد عثمان»، مدير مركز آفاق للإعلام (غير حكومي)، إن «العلاقات التركية الصومالية قطعت شوطا كبيرا على جميع الأصعدة، فتركيا تمثل نقطة ربط للصومال بالعالم الخارجي.. والقاعدة العسكرية ثمرة للعلاقات المتينة بين البلدان».

وتابع أن «الصومال يحاول طي صفحات الفوضى، ويستعد للحاق بركب الدول المتقدمة، عبر تبني سياسة منفتحة وإيجاد علاقات قوية مع بقية دول العالم».

ومن بين تلك الدول، وفق الخبير الصومالي، فإن «تركيا شريك موثوق بوعوده، بفضل ما قدمته للصومال من دعم في مجالات عدة، على خلاف دول أخرى ينحصر دعمها في المجال الإنساني فقط».

وحول أهمية القاعدة العسكرية التركية، قال «عثمان» إن «القاعدة لا تحمل اعتبارات عسكرية فحسب، بل سياسية أيضا، حيث تلعب دورا في الحد من أطماع دول أجنبية تتلاعب بأوراق الصومال من أجل مصالحها، وستعزز القاعدة أيضا فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، التي تساهم في تنمية دول النامية».

وشدد الخبير الصومالي على أن «القاعدة العسكرية التركية تخدم مصلحة الصومال، ولا نرى أي أجندات تركية توسعية على حساب الصومال».

صراعات في المنطقة

وتعلق الحكومة الصومالية آمالا كبيرة على القاعدة العسكرية التركية، للمساعدة في إحلال السلام والاستقرار في البلد الواقع بمنطقة القرن الأفريقي.

وقال «سعيد علي»، خبير سياسي في مركز «سهن» للدراسات والأبحاث (غير حكومي) إن «تركيا تتمتع بعلاقات جيدة في المنطقة، ومن المهم أن تساعد الصومال في إعادة بناء بنيته التحتية، وخاصة على مستوى الجيش الوطني، رغم كل العقبات الراهنة».

ومعلقا على اتهامات بأن القاعدة التركية في الصومال تشكل تهديدا للأمن القومي لدول عربية، اعتبر الخبير الصومالي أن «بعض الدول العربية تسعى إلى زج الصومال في صراعتها بالمنطقة، بذريعة أنه عضو في جامعة الدول العربية».

وشدد على أن «الصومال عانى ما يكفي طيلة السنوات الماضية من تداعيات خلافاته الداخلية، والآن يمضي قدما لإعادة بناء مكانته في العالم».

وكان الكاتب والمحلل السياسي السعودي «إبراهيم آل مرعي»، قال إن القاعدة العسكرية التركية ليست للتدريب، وإنها «تمثل تهديدا صريحا للأمن الوطني السعودي والمصري وكذلك للسودان واليمن».

وفي تغريدات نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أشار الكاتب في صحيفة الرياض، إلى أن تركيا وظفت قوتها الناعمة وإرثها التاريخي في مقديشو بشكل مبهر، فمهدت لتواجدها العسكري قبل إنشاء القاعدة بـ14 عاما.

واعتبر الكاتب أن قوة تركيا الناعمة في الصومال تتمثل في توفير 4 ملايين دولار شهريا للحكومة، وإعادة الإعمار (مبنى البرلمان، ميناء مقديشو، المستشفى الصومالي التركي)، فضلا عن استضافة 15 ألف صومالي للدراسة، وإنشاء مدارس تركية في الصومال.

المصدر | الخليج الجديد+ الأناضول

  كلمات مفتاحية

القاعدة العسكرية بالصومال القاعدة العسكرية التركية في مقديشو تركيا الصومال