استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ثمن الانحياز الأميركي

السبت 10 يناير 2015 03:01 ص

تساءل كثيرون في الأسبوع الماضي عن الأسباب التي دعت الإدارة الأميركية لعرقلة وإفشال المشروع العربي- الفلسطيني، لإيجاد حلّ لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشريف. واستغرب كثر موقف إدارة الرئيس أوباما التي فشلت في تبنّي سياساتها الخاصة بالمفاوضات الثنائية، بعد أن رمى نتنياهو بالتوسلات الأميركية وضغوط وزير الخارجية جون كيري لإنجاح هذه المفاوضات، عرض الحائط.

ومن المنطق، أن يتنحّى الطرف الذي يتوسط في مفاوضات فاشلة، جانباً، كي يسمح للآخرين بأداء علهم، وخاصةً مجلس الأمن الذي يتعين أن يمارس صلاحياته في تحقيق السلم والأمن في الأرض الفلسطينية المقدّسة. غير أنّ مثل هذا المنطلق العقلاني والمنطقي لا ينطبق على الحالة الأميركية الإسرائيلية.

فالطبقة المثقفة والسياسية الأميركية في الغالب منقادة، بل ومستعبدة للسياسة الإسرائيلية، ويبدو أن هذه الطبقة مستعدة حتى للتضحية بالمصلحة الأميركية وبسمعة بلادها في سبيل الخنوع للمشيئة الإسرائيلية، وخاصةً مشيئة «الليكود»، على رغم التعارضات والمناوشات التي تنشب على صفحات بعض الصحف والمجلات الأميركية بين فينةٍ وأخرى.

ولعلّ سيطرة الكُتّاب المتصهينين على الصحف والمحطات التلفزيونية الرئيسية في أميركا، تغذّي باستمرار مثل هذا الانحياز الأعمى تجاه الإسرائيليين. فصحيفة «نيويورك تايمز»، وهوليود، ومحطات التلفزة الرئيسية، يملكها ويديرها ويكتب على صفحاتها، في معظم الأحيان، كُتّاب ومخرجون سينمائيون متعاطفون حتى النخاع مع مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وهم يُبعدون أي خبر أو تعليق مناهض لإسرائيل من صفحات صُحفهم، وحتى لو سُمح لواحدٍ أو اثنين ممن ينتقدون تلك السياسة، فإنه لن يُسمح لهم بالكتابة إلا إذا كانوا يهودًا غير متعصبين للصهيونية، وهم للأسف قلّة قليلة.

والغريب أنّ الرجل الذي لم ينجح في المفاوضات، وهو جون كيري، لم يتوانَ للحظة واحدة في الضغط على بعض الدول الأفريقية، مثل نيجيريا، التي ينتمي نصف سكّانها للدين الإسلامي، لتقف موقفاً منحازاً ضد قضية المسلمين الأولى. والحقيقة أنّ محنة الاحتلال الإسرائيلي للقدس والمقدّسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، ليست قضية المسلمين فقط، ولكنها قضيّة المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وسائر الأديان التي ترفض الظلم والعدوان والاحتلال.

ففلسطين أرض مسرى محمّد صلى الله عليه وسلم ومولد عيسى عليه السلام، وليست أرض نتنياهو الذي يقتل الفلسطينيين، مسلمين كانوا أم مسيحيين.

ولسنا هنا بصدد أسباب هذا الانحياز ودوافعه، فقد سُطِّرت في هذا الصدد مقالات كثيرة، وحُبِّرت كتبٌ ورسائلٌ وأطروحات. غير أنّ النقطة التي يجدر الاهتمام بها هي أنّ أي إمبراطورية سيطرت على أي جزء من العالم، مثل المشرق العربي، قد حرصت كل الحرص على استتباب الأمن والاستقرار فيها، حتى يتسنّى لها الاستمتاع بخيراتها وأسواقها، ومواردها الطبيعية.

وهكذا كان الحال في الماضي مع البريطانيين الذين كانوا يفخرون بما سُمِّي بـ«حقبة السلم البريطاني»، أو الهيمنة التي امتدّت من أقصى القارة الآسيوية، عبر الهند، وحتى أدغال أفريقيا. فالعلاقة بين الاستقرار وبناء الإمبراطوريات علاقة عضوية.

غير أنّ الحال مع توجهات العصر الأميركي في الشرق تختلف اختلافاً كاملاً، فهي تتبنّى سياسات لا تقود إلى الاستقرار والسلام، بل تعمد في معظم الأحيان إلى تبنّي سياسات استفزازية تقود إلى تفشّي الصراعات والحروب شبه الدائمة، وإن كانت في بعض الأحيان ذات طابع شبه كامن.

وتتواصل مثل هذه الحروب الصغيرة، وتصل إلى مرحلة الحرب المتوسطة أو الكبرى، التي قد تقود الولايات المتحدة نفسها إلى الدخول في تلك الحروب، والاكتواء بنارها، كما كان الحال مع العراق وأفغانستان.

وقد دافع الإسرائيليون وأعوانهم في الولايات المتحدة لفترةٍ طويلة من أجل ما سُمِّي بـ«إدارة الفوضى»، وذلك يعني أن تعاني المنطقة العربية من حروبٍ صغيرة لا تتطوّر إلى حروبٍ كبرى، لإشغال العرب وإنهاكهم حتى لا تجتمع كلمتهم أو تقوم لهم قائمة. على أن تواصل إسرائيل تمددها وبسط نفوذها، وتقضم ما تشاء من الأرض الفلسطينية، وتنتهك المقدسّات الإسلامية.

غير أنّ مثل هذا الطرح العنصري، لا يقبله أحد، فحتى أولئك الضعفاء سيجمعون قوتهم وسيرون أن ظهورهم عارية وحينما يصبحون في إحباطٍ تام، فإنهم قد يتصرفون تصرفات عمياء.

وهذا المنطق طرحه المرحوم الرئيس ياسر عرفات في أواخر التسعينيات، حينما أحبطت إسرائيل خطط ما سُمّي بـ«اللجنة الخماسية» التي كان ينسّق أعمالها توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق. حينها، فرضت إسرائيل على الرئيس الفلسطيني الإقامة الجبرية في رام الله، وذهبت إلى أبعد من ذلك، حين سممته وقتلته.

ولعل المهم هو ما قاله عرفات حينئذ، بأنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي والانقياد الأميركي خلف سياسات تل أبيب سينتج أعمالاً إرهابية عنيفة في المنطقة.

فمثل هذه السياسات في فلسطين والعراق وغيرها قد أنتجت «القاعدة» و«داعش» و«الحوثيين» و«حزب الله» وغيرها من الجماعات الإرهابية المسلّحة.

تُرى، هل دار في خُلد مخططي السياسة الأميركية في المنطقة، الذين يحرصون على مصالح بلادهم، أنّ اندفاعهم الأعمى في عجلة السياسة الإسرائيلية، سيقود المنطقة ومصالح الولايات المتحدة لمثل هذه النتائج؟ 

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة الانحياز الأمريكي المفاوضات الفاشلة إدارة أوباما السياسة الإسرائيلية الليكود الإرهاب