«القدس العربي»: مناورات مصرية ـ إسرائيلية في ذكرى حرب أكتوبر!

الجمعة 6 أكتوبر 2017 06:10 ص

يثير قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي قيام الجيش المصري بمناورات عسكرية جوية مع إسرائيل في الذكرى الرابعة والأربعين لحرب تشرين/أكتوبر إشكالات سياسية عديدة.

أول هذه الإشكالات يتعلّق باستنكاف السلطات المصرية عن إعلان خبر اشتراك جيشها مع الجيش الإسرائيلي في مناورات فكان أن نشرته مجلة «يسرائيل ديفنس» الإسرائيلية المتخصصة في الشؤون الأمنية، ثم أكدته السلطات اليونانية عبر وزير دفاعها الذي أعلن اشتراكها، هي أيضاً، في المناورات.

التفسير الأوليّ لهذا التجاهل هو أن إدارة السيسي تتجنّب الاصطدام بمشاعر الاعتزاز الشعبيّ بحرب تشرين التي ثأرت لهزيمة عام 1967 الكارثية وأظهرت قدرات الجيش المصري الكبيرة بكافة أقسامه، من الاستطلاع والاستخبارات إلى قطاعات البحرية والبرّية والجوية، وقدّمت إنجازاً كبيرا في مجريات عبور واقتحام قناة السويس، وكذلك في معارك الالتحام مع الجيش الإسرائيلي.

لكنّ السؤال هو: إذا كانت إدارة السيسي ترى حرجاً في مواجهة التراث المصري الرسمي والشعبي العسكري والسياسي المناهض لإسرائيل، فلماذا اختارت أصلاً هذه الذكرى التاريخية لإجراء هذه المناورات؟

الشعور الشعبي المصري المناهض لإسرائيل لا يقتصر بالتأكيد على ذكريات الحروب والمجازر التي نفذتها تل أبيب ضد شعب مصر وجيشها (بما في ذلك دفن 250 من الأسرى المصريين العزّل أحياء) لكن اختيار هذا اليوم بالذات لإجراء مناورات عسكرية مع دولة ما زال أغلب المصريين يعتبرونها عدوّة لهم هو، بالدرجة الأولى، احتقار لهذا الشعب، وفيه ما فيه من إساءة للتضحيات التي قدّمها المصريون على مدار عقود.

يقوم تقصّد سلطات السيسي على إهانة الشعور المصري (والعربي) بهذه الحادثة على خطّ سياسيّ لا يتعلّق فحسب بمجريات اتفاقيات كامب ديفيد التي أعلنت انتهاء حروب مصر مع إسرائيل وبدأت مساراً لجعل العلاقات معها طبيعية بل يتعلّق برؤية قيادة السيسي لموقعها ولدور إسرائيل الوازن عالميّا وإقليمياً في حماية مشروع تسلّطها وإعلانها حرباً أهليّة على معارضيها السياسيين.

الاحتماء بإسرائيل، عمليّاً، هو المعادل الموضوعي لدور قيادة السيسي في إضعاف المصريين كشعب، فالمناورات العسكرية مع بلطجيّ المنطقة النووي هو استقواء بالأعداء الخارجيين على الخصوم السياسيين في الداخل، وهو، في روع قيادة السيسي، ضمانة له تحميه من غضب شعبه.

لا مجال هنا إذن، لتشبيه ما يحصل بين مصر وإسرائيل، بما حصل بين ألمانيا وفرنسا، اللتين خاضتا حربين عالميتين، ثم أصبحتا قطبي الاتحاد الأوروبي، فقادة ألمانيا وفرنسا يستلمون أعنّة السلطة بأصوات الشعوب التي تختارهم، ثم يذهبون بالأصوات نفسها، وبذلك تتوازن لديهم معادلات الداخل والخارج.

أما قيادة السيسي التي تستقوي على شعبها بعلاقاتها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، فإن ميزان بقائها، في اعتقادها، يقوم على الاحتماء بأقوياء العالم للتغلّب على شعبها.

  كلمات مفتاحية

ذكرى حرب أكتوبر عبد الفتاح السيسي الجيش المصري مناورات عسكرية جوية إسرائيل تكتم السلطات المصرية الجيش الإسرائيلي الجيش المصري