ماذا لو دانت محكمة الجنايات الدولية “إسرائيل”؟

السبت 10 يناير 2015 06:01 ص

إذا نظرت المحكمة الجنائية الدولية في أفعال الحكومة "الإسرائيلية" في المناطق الفلسطينية المحتلة، فقد تجد مسؤولين "إسرائيليين" معينين، مذنبين بارتكاب انتهاكات لميثاق روما  لعام 2002.

فالمادة 7 منه تحظر "الجرائم ضدّ الإنسانية"، التي هي جرائم حرب يجري تكرارها بصورة منتظمة. ومن بين هذه الجرائم قتل الفلسطينيين، (وهم "جماعة محددة")، والتهجير والنقل القسري لأعضاء في جماعات منهم، وتعذيبهم واضطهادهم و"جريمة الفصل العنصري" التي تمارَس عليهم. 

وقد قتلت الحكومة "الإسرائيلية" زعماء سياسيين فلسطينيين (لا رجال مقاومة وحسب)، وقامت بصورة روتينية بطرد فلسطينيين من أجزاء من الضفة الغربية ضمّتها إلى "إسرائيل" بصورة غير شرعية. وهي تمارس التعذيب على السجناء الفلسطينيين.

وسياساتها في الضفة الغربية، التي تقوم بموجبها ببناء مستوطنات مغتصبة على أرضٍ فلسطينية يتم طرد الفلسطينيين منها، ما هي إلاّ مثال واحد على سياسات التفرقة العنصرية. والتوصل إلى إدانة بناءً على المادة 7 سيكون في غاية اليُسر بالنسبة إلى المدعي العام . وهنالك مواد أخرى، "إسرائيل" مذنبة بمخالفتها.

وإذا تمت إدانة مسؤولين أو زعماء "إسرائيليين" باغتصاب الأراضي في الضفة الغربية الفلسطينية، من قِبل محكمة الجنايات الدولية، فهل سيكون ثمة أمل في التنفيذ؟

سوف تتعرض الشركات "الإسرائيلية" التي تنفذ مشاريع في الضفة الغربية لإجراءات قانونية بمليارات الدولارات في المحاكم الأوروبية، ولن تتمكن من بيع سلعها في أوروبا، إذا أعلن أنها ثمار جرائم ضدّ الإنسانية وتمييز عنصري . وإذا كانت القضايا القانونية مرفوعة من قبل الفلسطينيين، فسوف تؤمَر "إسرائيل" بدفع تعويضات هائلة.

ومن المعروف أن محكمة الجنايات الدولية، لا تستطيع أن تعمل إلاّ من خلال الدول الأعضاء . ولكن بوسعها أن تخوِّل تلك الدول، إلقاء القبض على رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، على سبيل المثال، وسجنه . وبينما لا يُرجّح أن يحدُث ذلك، فإن أعضاء القيادة "الإسرائيلية" قد لا يكونون قادرين على زيارة معظم أوروبا، الأمر الذي سيعزلهم ويحدّ كثيراً من تأثيرهم.

وسوف تأخذ المؤسسات الأوروبية في بروكسل إدانة محكمة الجنايات الدولية على محمل الجدّ. 

لقد قرّر الاتحاد الإفريقي والعالم العربي حماية الرئيس السوداني، عمر البشير من اتهامات محكمة الجنايات الدولية. ووفق مشيئة الاتحاد الإفريقي، يستطيع البشير أن يزور الدول الإفريقية بحرية.

لكنه لا يستطيع أن يزور أوروبا أو عدداً كبيراً من الدول الأخرى دون المجازفة بالاعتقال. وحتى في إفريقيا، اضطرّ البشير عام 2013 إلى مغادرة العاصمة النيجيرية أبوجا على عجل بعد 24 ساعة فقط، لأن جمعية نيجيرية للقانون الدولي، رفعت قضية في المحكمة تطالب باعتقاله.

إن أكثر من ثلث التجارة "الإسرائيلية" يتمُّ مع أوروبا، ونقل التكنولوجيا من أوروبا ذو أهمية حاسمة ل"إسرائيل".

ويمكن أن تُطرَد "إسرائيل" من منظمات علمية وتكنولوجية أوروبية، حيث تتمتع حالياً بعضوياتِ مجامَلة . وقد ينتهي الأمر بزعماء "إسرائيل" إلى أن يكونوا خائفين من زيارة العواصم الأوروبية، خشية اعتقالهم، على نمط اعتقال بينوتشيه (حتى لو تدخلت الحكومات إلى جانبهم، لا يمكن أن يكونوا واثقين من تفادي قضايا المحاكم، المرفوعة من قبل مجموعات من المواطنين، ولا يمكن أن يكونوا بمعزل عن أثر القضاة الناشطين ذوي المواقف السياسية).

لن تكون نهاية العالم بالنسبة إلى الزعماء "الإسرائيليين" إذا دينوا، مثلما لم تكن نهاية العالم بالنسبة لغيره. ولكن العواقب ستكون حقيقية، ومع الزمن، قد يكون لها أثر جوهري.

* أستاذ التاريخ في جامعة ميتشيغان الأمريكية (صاحب مدونة Informed Comment)

 

المصدر | إنفورمد كومّنت | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

إسرائيل زعماء إسرائيليون محكمة الجنايات الدولية بروكسل المؤسسات الأوروبية الشركات افسرائيلية الاستيطان الضفة الغربية