مودي .. وتحديات الأصولية الهندوسية

السبت 10 يناير 2015 09:01 ص

انصبّ تركيز رئيس الحكومة الهندية المنتخب حديثاً منذ مجيئه إلى السلطة قبل سبعة شهور على تحديث الإدارة وتحفيز النمو الاقتصادي وتنظيم الحكومة. وعلى رغم صعوبة هذه التحديات، فقد تبينت لرئيس الوزراء ناريندرا مودي أن السيطرة على الجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة التي زادت تجرؤاً مع وصول حزبه «بهاراتيا جاناتا» إلى السلطة قد يمثل تحدياً صعباً آخر.

والراعي الأيديولوجي والمؤسسة الأم لحزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم هي «راشتريا سيفاك سانغ» أو «المنظمة القومية الوطنية» الهندوسية المتطرفة. وقد نشطت هذه المنظمة في الدعاية لمودي أثناء الانتخابات وتزايد نشاطها منذ توليه السلطة. والمنظمة بالإضافة إلى جماعات هندوسية أخرى كانت مغمورة في العقد الماضي في فترة حكم حزب «المؤتمر». وقد بدأت هذه الجماعات تتبع برنامجاً مثيراً للجدل لتغيير الديانة إلى الهندوسية. وتؤكد الجماعات أن برنامجها «يستهدف إعادة الديانة الهندوسية إلى من تركوها منذ عقود أو ربما قرون».

واتهمت الجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة في الآونة الأخيرة الإرساليات المسيحية والمنظمات الإسلامية باستقطاب الهندوس الفقراء المدقعين الذين كانوا يُعرفون من قبل بالمنبوذين. وأكثر من 80 في المئة من سكان الهند البالغ عددهم 1,25 مليار نسمة هندوس، والمسلمون يشكلون نحو 14 في المئة، والمسيحيون 2.5 في المئة.

وفي الشهر الماضي أجبرت جماعة هندوسية يمينية متطرفة 60 أسرة مسلمة فقيرة على اعتناق الهندوسية في «أغرا»، مدينة تاج محل، مما أثار غضب الهنود المسلمين. وعلى رغم إطلاق تحقيق أمني في الحادثة، تصر جماعات اليمين المتطرف على عدم وقف برنامجها لتحويل الناس إلى الهندوسية.

وبدلا من إدانة العمل القسري للجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة، التزم مودي الصمت مما عزز الإشاعات التي تفيد بأنه يوافق سراً على البرنامج. ولكن حكومته اقترحت قانوناً لمناهضة تغيير الديانة. وأيد زعماء «بهاراتيا جاناتا» القانون قائلين إنه يستهدف منع التغيير القسري للديانة. ولكن القانون لقي معارضة شديدة من زعماء المعارضة والليبراليين الذين يؤمنون بأن الحظر الشامل على تغيير الديانة من أولويات الهندوس التي تناقض الدستور الهندي والحق في حرية العقيدة.

ولطالما كان تغيير الديانة قضية اجتماعية وسياسية شديدة الإثارة للخلاف في الهند. وبينما كان زعماء مثل المهاتما غاندي لا يحبذون تغيير الديانة، كان زعماء آخرون مثل الدكتور أمبيدكار المعروف باسم «أبو الدستور الهندي» يرون في تغيير الديانة وسيلة للطبقات الدنيا في الهندوسية للنجاة من التمييز ضدها في النظام الطبقي الهندوسي. و«أمبيدكار» نفسه ترك الهندوسية إلى البوذية.

ولا يقتصر الأمر على إصرار «بهاراتيا جاناتا» وبعض الأحزاب الهندوسية الأقل شهرة على إثارة هذه القضية الدينية الحساسة، بل إن مشكلات مودي مع قائمة الأولويات الهندوسية قائمة لدى وزراء حكومته أيضاً. وفي الشهر الماضي، جهد مودي كي يحتوي تداعيات تعليقات مثيرة للجدل لوزير الاتصالات الذي استخدم كلمة مسيئة في وصف غير الهندوس في اجتماع انتخابي في دلهي.

ولم تعترض أحزاب المعارضة على التعليقات فحسب بل عطلت جلسات البرلمان لأيام حتى أعلن مودي أنه لا يوافق على اللغة التي استخدمها الوزير ولكنه لم يتطرق إلى إمكانية عزله. ثم اعتذر الوزير فيما بعد. وبعد فترة قصيرة من هذه الواقعة، أُجبر عضو آخر في البرلمان من حزب «بهاراتيا جاناتا» على الاعتذار بعد أن وصف «ناتهورام غودسي»، قاتل غاندي، بأنه «وطني».

وعلى رغم تأكيد مودي أن حكومته لن تتبع قائمة الأولويات المتطرفة للقوميين الهندوس، يعتقد منتقدون أن تعليقات الوزيرين وبرنامج التغيير القسري للديانة دليل على أن هذه الجماعات تحظى بدعم الحزب الحاكم. ويتمثل التحدي الرئيسي لمودي في تحقيق توازن بين متطلبات الجناح اليميني الهندوسي الذي ساعد الحزب على ترجمة الدعم إلى أصوات انتخابية، وبين طموحه بأن يكون رجل دولة يدير حكومة تجمع كل الأطياف.

وهناك من يقول إن كل هذه الوقائع جزء من مسعى سياسي أوسع نطاقا لحزب «بهاراتيا جاناتا» لتعزيز أصوات الهندوس في الولايات التي ستجرى فيها انتخابات. وانتخابات الولايات تحدد عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في الغرفة الأعلى من البرلمان التي تختار المجالس التشريعية في الولايات أعضاءها.

يتمتع «بهاراتيا جاناتا» بأغلبية في الغرفة الأدنى دون الغرفة الأعلى حيث يحتاج لدعم منافسه، حزب «المؤتمر»، لإقرار أي تشريع. والخطر على مودي يتمثل في أن النشاط المتزايد للجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة قد تكون مغبته الاجتماعية خطيرة ومدمرة للنسيج العلماني للبلاد التي يتعايش فيها أتباع الديانات المختلفة.

المصدر | د. ذكر الرجمن | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

مودي الأصولية الهندوسية حزب «بهاراتيا جاناتا» راشتريا سيفاك سانغ الجماعات الهندوسية المتطرفة الإرساليات المسيحية المنظمات الإسلامية قانون منع تغيير الديانة

حزب «عام آدمي» .. مفاجأة الهند

«مودي» يسعى للظهور في صورة جديدة بعد هزيمة انتخابية ساحقة في نيودلهي

عاصفة غضب تجتاح «تويتر» بعد قرار الإمارات بناء معبد هندوسي في أبوظبي

مستشار «محمد بن زايد»: لا حرج من بناء معبد هندوسي في الإمارات

جريمة قتل جماعي لمسلم بتهمة ذبح بقرة في الهند تهدد خطط رئيس الوزراء