فتاوى الشذوذ والجماع تنتصر على السياسة والغلاء في مصر

الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 11:10 ص

3 فتاوى مثيرة للجدل، كانت محل اهتمام الشعب المصري على مدار أسابيع، مقابل تراجع واضح لقضايا السياسة والمال على أجندة الإعلام المصري، في بلد يعاني تدهورا حادا في الأوضاع المعيشية، وأزمات سياسية وأمنية خانقة.

إجازة نكاح الحيوانات، وجماع الزوجة المتوفية؛ وتحريم تحية العلم الوطني، تصدرت منصات التواصل الاجتماعي، وسط اتجاه يرى أن تلك الفتاوى بمثابة تهميش وتغييب لقضايا أهم في المجتمع، وآخر يرى أنها محاولة لتشويه صورة الدين وإضعاف المؤسسات الدينية.

المفارقة أن فتاوى الإثارة تزامنت مع ارتفاع أسعار بعض الخدمات مثل الهاتف المحمول، وتفاقم حجم الدين الخارجي، وتصفية العشرات من المختفين قسريا، وترقب للانتخابات الرئاسية المقررة صيف العام المقبل.

البداية كانت مع فتوى من أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، «صبري عبد الرؤوف»، نُشرت في وسائل إعلام محلية، أجاز فيها «معاشرة الزوج زوجته المتوفية معاشرة وداع»، قبل أن يتراجع ويتحدث عن تحريف فتواه.

وتلاها تعقيب من أستاذ الفقه المقارن بالجامعة ذاتها، «سعاد صالح»، بفتوى مثيرة تتعلق بإجازة الفقهاء «معاشرة الحيوانات» لتجنب الزنا، قبل أن تتراجع وتعتذر عن خوضها بهذه الأمور.

ووفق تقارير صحفية، أحالت جامعة الأزهر الأكاديميين الاثنين للتحقيق، فيما أدانت مؤسسة الأزهر، ووزارة الأوقاف، والمجلس القومي للمرأة التصريحات.

ولم ينتهِ جدل فتوى نكاحي الوادع والحيوانات، حتى أثيرت فتوى ثالثة للداعية السلفي «سامح عبد الحميد»، تزامنت مع بدء الفصل الدراسي الجديد بمصر.

الفتوى الثالثة حرّمت تحية العلم الوطني، وهو إجراء متعارف عليه بالمدارس الحكومية والخاصة، قبل بدء اليوم الدراسي.

إثر ذلك ردت دار الإفتاء المصرية، في تصريحات متلفزة على لسان «خالد عمران»، أمين لجنة الفتوى بها، بالتأكيد على أن أداء تحية العلم تعظيم لشعار ورمز مصر، وليس فيها أي نوع من العبادة أو الشرك أو الحرمة، وهي شيء محمود.

إلهاء المصريين

تلك الفتاوى وغيرها شغلت ساعات من البث الإعلامي، لمناقشتها وعرض الرؤى حيالها، بخلاف اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي بها على نطاق واسع.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، «أحمد دراج»، يرى أن «النظام المصري يتبع استراتيجية إلهاء الشعب بهذه الفتاوى، بعيدًا عن المشاكل التي يتعرضون لها يوميًا وسط تجنيب القضايا الرئيسية على الساحة».

أضاف: «المعروف أنه عندما يجتمع الرأي العام على قضايا أساسية وحقيقية، يخلق ذلك تأثيرًا كبيرًا جدًا في حركة الشعوب، ما يمثل خطورة على أي نظام سياسي حاكم».

وحول سبب اهتمام الإعلام المحلي بتخصيص مساحات واسعة لتلك الفتاوى، يرى «دراج» أنه «إعلام نظام تعبوي (..) ويتناول القضايا من زاوية واحدة».

واتهم أستاذ العلوم السياسية، النظام الحاكم في مصر بأنه يريد التغطية على القضايا المرتبطة بالوضعين السياسي والاقتصادي المتأزمين، بحسب «الأناضول».

أما المفكر المصري، «ناجح إبراهيم»، فيوافق الرأي الذي يذهب إلى أنها فتاوي تهدف إلى تغييب لأزمات وقضايا المجتمع المهمة.

ويضيف: «هذا كلام فيه جزء من الحقيقة، فحينما تسأل وتثير قضايا تافهة، وتترك الحديث عن القضايا الكبيرة والمهمة فما هذا إلا تغييب، ولن يطول ذلك فلن يحق في النهاية إلا الحق».

وتساءل: «ما الفائدة أن تثير قناة تليفزيونية فتاوى نكاح أو غيرها.. هذه قضايا لا تعود إلا بالسلب، وهناك فقه للأولويات».

3 مسارات رسمية

الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة، وإعداد قانون للفتوى، والمحاكمة، كانوا الأعلى صوتا من مطالب علماء الدين وبرلمانيين.

شيخ الأزهر، «أحمد الطيب»، كتب قبل أيام مقالاً، بمجلة «صوت الأزهر»(حكومية)، طالب فيه بـ«الحجر على أصحاب الفتاوي الشاذة»، مشيرًا إلى أنها تضر بالمجتمعات.

فيما أعلن رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان) «أسامة العبد»، وهو رئيس أسبق لجامعة الأزهر، الانتهاء من مشروع قانون «ضبط الفتوى»، وقرب تقديمه للبرلمان خلال دور الانعقاد الثالث في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري للتصويت عليه.

وطالب رئيس لجنة التعليم بالبرلمان، «جمال شيحة»، في تصريحات صحفية، بمحاكمة من يحرم تحية العلم الوطني، قائلاً إنه «من المفترض أن يُعاقب بعقوبة رادعة في ضوء القانون، وسجنه بتهمة إهانة العلم».

وكثيرا ما تشغل قضايا الجنس مساحات واسعة من اهتمامات الإعلام المصري، خاصة بعد الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، ومن آن لآخر يناقش إعلاميون مصريون مسائل بشأن التحرش والاغتصاب، والعادة السرية، واغتصاب الزوجة، بالإضافة إلى قضايا الجن وكيفية خروج الجن من الجسد، وكيفية تحضيره، ويستضيفون أناسا يقولون إنهم مسكونون بأرواح من الجن.

وقبل أعوام، انشغل الشارع المصري بفتوى «جواز إرضاع الموظفة لزمليها في العمل لمنع وجودهما في خلوة شرعية»، التي أصدرها رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة الدكتور «عزت عطية»، وظلت الفتوى مثار جدل طال شهورا في أروقة الدولة المصرية.

ووفق خطاب أمني تم تسريبه في 1 يوليو/تموز 2016، ونشرته «الإذاعة الألمانية»، تحت عنوان «سري للغاية» يفيد الخطاب بتنامي الغضب الشعبي نتيجة ارتفاع الأسعار المتزايد للخدمات والمواد الغذائية، بالإضافة إلى أزمات أخرى يعاني منها المواطنون مثل تسريب امتحانات الثانوية العامة والبطالة وانقطاع الكهرباء والمياه عن مناطق عديدة.

وينصح الخطاب الصادر عن جهة أمنية سيادية، بتوجيه الفضائيات ورجال الدين ومشاهير الفن والكرة، إلى دفع الرأى العام الى حوارات خلافية خارج السياسة، والتركيز فقط على إنجازات الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي».

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

مصر دار الإفتاء نكاح الوداع أكشاك الفتوى صبري عبد الرؤوف الغلاء