«ن.تايمز»: قطر على موعد مع كأس العالم.. فهل يمكنها بناء فريق عالمي؟

الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 04:10 ص

على هامش ملعب عشبي لكرة قدم، على بعد بضع مئات من الأمتار من ستاد خليفة الدولي الذي تم تجديده مؤخرا، يتلقى «بورا ميلوتينوفيتش» فيضا من الدعوات بالتوفيق بأربع لغات. ويلتقي «ميلوتينوفيتش»، الذي ذهب بمسة منتخبات وطنية إلى نهائيات كأس العالم، بالعشرات من الناس، ويغير لغته بسلاسة بين الصربية والإسبانية والألمانية والإنجليزية، في الوقت الذي تبدأ المباراة أمام ناظريه.

وفي سن الـ 73، من غير المرجح أن يكلف «ميلوتينوفيتش» بالذهاب بدولة سادسة إلى كأس العالم، ولكن قد يكون لديه وظيفة أكبر وأكثر صعوبة من تلك الأيام. وهو الآن مستشار كرة القدم لدى أفراد العائلة المالكة القطرية، ومستشار تقني لأكاديمية أسباير، التي تهتم بعملية اكتشاف المواهب حول العالم، والتي تمولها الحكومة القطرية. وقد تم إنشاء أسباير بمرسوم ملكي عام 2004، وأعطيت مهمة ضخمة لرعاية فريق وطني يمكن أن ينافس أفضل لاعبي العالم، عندما تستضيف البلاد كأس العالم عام 2022.

وفي هذه الليلة، يتفقد «ميلوتينوفيتش» التقدم الذي أحرزه المنتخب الوطني القطري تحت 19 عاما، الذي يلعب أمام نظيره الكرواتي في نهائي بطولة ودية.

وقال «ميلوتينوفيتش»: «يتغير المنتخب ببطء. يصبح أفضل كل يوم».

ولكن ربما ليس بسرعة كافية.

وقبل 5 أعوام من استضافة قطر لكأس العالم، وفي حين تحجز عشرات الدول أماكنها هذا الأسبوع في بطولة الصيف المقبل في روسيا، لا يزال وضع كرة القدم في قطر في طور التقدم. ولا تزال مشاريع التشييد الخاصة بالبطولة تعيد تشكيل البلاد، ويتزايد عدد الملاعب الجديدة التي يزيد عددها عن ستة أضعاف ما كان موجود سابقا. ولكن مشروع بناء فريق كرة قدم وطني من الطراز العالمي لا يزال عملا مكلفا في طور التقدم.

وفي الشهر الماضي، أكدت قطر أنها ستكون أول دولة مضيفة لم تتأهل قط لنهائيات كأس العالم. وبعد هزيمة المنتخب الوطني أمام سوريا في الجولة قبل الأخيرة من تصفيات التأهل الآسيوي لروسيا عام 2018، تحطمت رسميا آمال حصول قطر على مكان في الحدث على أساس الجدارة قبل مشاركتها كمستضيف.

وكان هذا الفشل فرصة جديدة لإطلاق الخصوم السهام نحو محاولة قطر الناجحة لاستضافة البطولة، التي عانت من اتهامات بالفساد وانتهاكات لحقوق العمال. ويشير الكثيرون إلى تلك العوامل، ولكن أيضا إلى غياب ثقافة عميقة الجذور في كرة القدم، كدليل على أن قطر لا ينبغي أن تستضيف البطولة على الإطلاق.

ومع ذلك، فقد كان هناك بحث داخل البلاد أيضا حول النهج السليم الذي قد يحقق لقطر بناء فريق جيد. وحول ما إذا كان ينبغي زيادة الجهود السابقة لتجنيس اللاعبين الأجانب، أو التخلي عنها. وحول ما إذا كان شراء النجوم باهظة الثمن والكبيرة في السن قد رفع مستوى اللعبة محليا، في دوري نجوم قطر. وحول نجاح أكاديمية أسباير، وهي مجمع ضخم في الدوحة يدرب الآن عشرات الآلاف من الرياضيين عبر مختلف الألعاب الرياضية.

وتصل هذه الأسئلة كلها إلى قلب مشكلة كرة القدم في قطر، والتي في الواقع قد تكون بسبب التركيبة السكانية البسيطة. وقال «ميلوتينوفيتش» إن قطر لديها 300 ألف مواطن، وأشار إلى أن بضعة آلاف فقط منهم مؤهلوون للعب كرة القدم. ولا يبدو أن هناك مبلغا من المال، قد تتمتع به قطر الغنية بالنفط والغاز، يمكنه خلق المزيد من اللاعبين بسرعة كافية.

النقاد

وعلى مسافة قصيرة بالسيارة من أحد ملاعب كرة القدم في قطر، وداخل ممر لأحد استوديوهات التلفزيون، جلس 10 رجال، كانوا جميعا يرتدون الملابس التقليدية القطرية إلا واحدا منهم، يجلسون على وسائد بيضاء وضعت بطول الجدار.

وكانوا يمثلون رموز وشخصيات بارزة لكرة القدم القطرية، لاعبين سابقين ومدربين ومحررين صحفيين، وكانوا يستعدون لحديث طويل في الليل. وهذه هي مجموعة برنامج «المجلس»، وهو برنامج حواري لكرة القدم على شبكة الكأس. ويعد هذا البرنامج واحدا من البرامج الرياضية الأكثر شعبية في الشرق الأوسط. وفي هذه الليلة، كان هناك الكثير لمناقشته بعد مباراة محلية سيئة بشكل خاص.

وقال «عبد العزيز بريدة»، أحد المنتجين الشباب في العرض: «كان الجميع يغردون، في انتظار ما يقولونه على المجلس». وأضاف «بريدة»: «قد لا ننتهي حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحا».

وتم تصميم استوديو العرض على شكل مجلس تقليدي، غرفة مربعة كبيرة توجد في العديد من المنازل العربية، حيث يدعى الضيوف للقاء والتحدث. ويستضيف العرض بانتظام أسماء كبيرة. وكان «ليونيل ميسي» ضيفا سابقا للبرنامج. وفي هذا اليوم كان القائد السابق لفريق العراق «يونس محمود» حاضرا.

وخلال البرنامج، تم تحليل قرار جزائي مشكوك فيه بشكل خاص مرارا وتكرارا، من زوايا متعددة، لمدة 30 دقيقة تقريبا. وكان المضيف «خالد جاسم» يمرر الحديث للضيوف، وقال «خالد سلمان»، وهو ضيف متكرر على «المجلس»، والذي لعب 135 مرة لفريق قطر الوطني: «في إحدى المباريات مع المملكة العربية السعودية، كنا بحاجة إلى التعادل فقط وخسرنا». وأضاف: «كان حظا سيئا بالنسبة لي أن لم أذهب إلى كأس العالم. لكن كأس العالم هو القادم إلينا».

ويعد الحديث عما سيبدو عليه فريق قطر في عام 2022 موضوعا متكررا في العرض، وكلما تحدث القطريون عن كرة القدم. ويشير كثيرون هنا إلى فرنسا والولايات المتحدة كمثالين على البلدان التي استفادت من تجنيس الرياضيين الذين ولدوا في الخارج.

وتعتبر القضية أكثر حساسية، على الرغم من ذلك، في كرة القدم. ومع انتظار قطر لخريجي أسباير لملء قوائم المنتخب الوطني، اعتمدت جمعية كرة القدم لأعوام على سياسة مثيرة للجدل من التجنيس لسد الثغرات. وحتى خلال تصفيات التأهل لكأس العالم، ضمت قائمة قطر لاعبين ولدوا في البرازيل وأوروغواي وفرنسا وغينيا.

وهدد «خورخي فوساتي»، المدرب الأوروغوياني، الذي تولى قيادة المنتخب الوطني، بالانسحاب العام الماضي بعد أن أخبار عن احتمال نظر اتحاد كرة القدم القطري في التخلص التدريجي من اللاعبين المجنسين. (وبقي، ثم استقال فجأة بعد ستة أشهر). وبعد رحيل «فوساتي»، وفي آخر مباراتين في تصفيات كأس العالم، كان الفريق الذي لعب أمام الصين في آخر مباراة من التصفيات المؤهلة الشهر الماضي، يضم ثمانية قطريين ولدوا أو نشأوا في البلاد.

وقال «جاسم»: «أي شخص يحصل على جواز سفر قطر، سنحترمه. ولكن يمكننا التحدث حول سبب اختيار لاعبين ليسوا بمستوى عال. هذا ما يجعل المشجعين غاضبون».

النجم

وقال «تشافي هرنانديز»، عن زملائه القطريين في نادي السد، حيث يلعب في دوري نجوم قطر منذ عام 2015: «الفرق الكبير هنا، من الناحية التكتيكية، أنهم لا يعرفون كيف نهاجم، أو كيف ندافع».

ويشكل وجود «تشافي» هنا أيضا جزءا من خطة تطوير كرة القدم القطرية الأوسع نطاقا. وكان «تشافي»، بطل كأس العالم مع إسبانيا والفائز ببطولة دوري أبطال أوروبا مع برشلونة، قد أعلن استعداده لمغادرة الدوري الإسباني قبل عامين، شاعرا أنه لم يعد قادرا على اللعب بأعلى مستوى. لذلك انتقل إلى قطر، ويرجع ذلك جزئيا إلى المال، ولكن أيضا للتمكن من العمل كمدرب.

ولكن كجزء من وظيفة «تشافي»، كمحترف من ذوي الخبرة مع سيرة ذاتية من التألق، المساعدة في تعزيز ملف قطر 2022، ورعاية الجيل القادم من اللاعبين المحليين.

وقال: «الأمر ليس سهلا، لأنها بلد صغير جدا. أعتقد أن لدينا 6 آلاف لاعب مرخص للعب فقط». وأبرز العديد منهم إمكانيات جيدة، بما في ذلك اثنين من خريجي أسباير،هما «أكرم عفيف» و«أحمد ياسر»، اللذان يلعبان في أوروبا الآن.

وهذا أيضا جزء من خطة قطر طويلة المدى. حيث اشترت أسباير الأندية كجزء من استراتيجيتها لإنشاء خط لكرة القدم يضم لاعبين قطريين، وإخراج أفضل ما لديهم لمنافسة الأفضل، في الداخل أولا، ثم في الخارج.

الترقب والانتظار

ومع اقتراب صافرة النهاية، يخترق فريق قطر تحت 19 عاما، أخيرا، دفاع كرواتيا ليسجل الهدف الوحيد في المباراة. وجاءت المساعدة في الهدف من قبل «عبد الرشيد إبراهيم»، البالغ من العمر 18 عاما، الذي ولد في نيجيريا، ولكنه تقدم من خلال فرق أسباير المختلفة للشباب، وسجل الأهداف على كل المستويات.

وقال «ميلوتينوفيتش»: «لديهم ثلاثة أو أربعة لاعبين جيدين جدا بمواهب جيدة. لكنك لا تعرف أبدا ما سيحدث في المستقبل».

وبحلول الوقت الذي ينطلق فيه كأس العالم 2022، سيكون العديد من هؤلاء اللاعبين في سن الـ 24، ويقتربون من ذروة عطائهم. وقبل ذلك الحين، قد يتوجه بعضهم إلى أوروبا. ومن المحتمل أن يشارك عدد قليل منهم في بطولة آسيا تحت 23 عاما القادمة في الصين، وهي الفرصة القادمة للاعبي أسباير للحصول على خبرة تنافسية، وللرجال في «المجلس» للثرثرة حول كيفية لعبهم.

ولهذا السبب، ما زال «ميلوتينوفيتش»، على الأقل في الوقت الراهن، يبشر بالصبر. وفي أوائل التسعينات، أمضى أكثر من 3 أعوام في تطوير منتخب وطني أمريكي غير معروف دوليا لاستضافة كأس العالم عام 1994.

وقال: «تحتاج إلى عقيدة، تحتاج إلى حلم، تحتاج إلى إعداد جيد»، وأضاف: «لكن لكي تكون مستعدا، يجب أن تكون في تمام الجاهزية في يونيو/حزيران عام 2022. فقط هذا هو المهم. قبل أسبوع واحد من كأس العالم، يمكنك التحدث بأن فريقك مستعد لكأس العالم. ليس قبل ذلك».

  كلمات مفتاحية

قطر كأس العالم 2022 كرة القدم