بعد أشهر من المواجهات والدمار.. السعودية تعيد إعمار العوامية

الأربعاء 11 أكتوبر 2017 03:10 ص

تنتشر في حي المسورة القديم في بلدة العوامية بمحافظة القطيف شرقي السعودية إعلانات لمساكن قيد الإنشاء ضمن مشروع لتطوير المنطقة الشيعية تسبب في مواجهات دامية استمرت لأشهر، قبل أن تفرض قوات الأمن سيطرتها على البلدة قبل شهرين.

وبين مارس/آذار، وأغسطس/آب، شهد الحي مواجهات مسلحة بين قوات الأمن ومطلوبين بتهم تتعلق بالإرهاب.

وقالت السلطات حينها إن الحي تحول في السنوات الأخيرة إلى وكر للإرهابيين ومروجي المخدرات.

وكانت المواجهات بدأت مع انطلاق أعمال مشروع عمراني يهدف إلى تحويل الحي لمقصد تجاري وثقافي.

ويشمل المشروع هدم عدد من المنازل القديمة والمهجورة في الحي وهو ما كان يرفضه بعض السكان، مطالبين بالحفاظ على الجزء التاريخي منه.

وتبدو على جدران أبنية الحي آثار رصاص المعارك التي دارت فيه والتي قتل وأصيب فيها عدد من رجال الأمن والمدنيين والمسلحين، وبقايا سيارات محترقة اشتعلت خلال المواجهات بين الطرفين.

وفوق أرض ترابية في الحي، رسم مسؤول سعودي رافق فريق وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) خلال جولة فيه، مثلثا في التراب لشرح تفاصيل المعارك: قوات الأمن في القاعدة أسفل المثلث، ومن وصفهم بالإرهابيين عند نقطة الالتقاء العليا، وبين الجانبين منزل، ومنزل، ومنزل.

وتوقفت المواجهات في أغسطس/آب، وأحكمت قوات الأمن، محملة بصور العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، قبضتها على الحي، ومحت العبارات التي اعتبرتها مسيئة للسلطة من على الجدران.

وتابع المسؤول: «نحن نستهدف كل من يمثل خطرا على البلاد، سنيا كان أم شيعيا».

متعبون جدا

وتقع بلدة العوامية التي يسكنها نحو 25 ألف نسمة في محافظة القطيف، وهي مسقط رأس رجل الدين الشيعي «نمر النمر» الذي أعدم في يناير/كانون الثاني عام 2016 بعد إدانته بتهمة الإرهاب، وكان «النمر» أحد محركي حركة احتجاج شهدتها العوامية 2011 وتطورت إلى دعوة للمساواة بين السنة والشيعة.

ويعيش معظم الشيعة السعوديين في الشرق الغني بالنفط وكثيرا ما يشتكون من التهميش، ويشكل هؤلاء نحو 10 إلى 15% من عدد السكان المقدر بنحو 32 مليون نسمة.

وقال «محمد علي الشيوخ» الذي عاد إلى حيه بعدما توقفت المواجهات «بصراحة، نحن متعبون جدا جدا»، مضيفا بحضور المسؤول السعودي نأمل أن تستعيد العوامية مجدها.

ولا تتوفر حصيلة رسمية لضحايا المواجهات التي شهدها الحي، لكن منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية أفادت في أغسطس/آب بمقتل 12 شخصا بينهم سعوديون وأجانب بالإضافة إلى 5 مسلحين.

وأكد مسؤولون في وزارة الداخلية أن 28 رجل أمن قتلوا في محافظة القطيف التي تضم العوامية منذ أحداث 2011.

ومنذ أن توقفت المواجهات، سرعت الحكومة السعودية الأعمال في المشروع الذي تقدر كلفته بملايين الدولارات، وقدم أمين المنطقة الشرقية السعودية المكلف «عصام الملا» مخططا للمشروع شمل بناء فيلات ومراكز تجارية.

وذكر أن مدة المشروع هي عامين، وبينما لم يحدد كلفته الإجمالية، قال إن السلطات ستدفع تعويضات تقدر قيمتها بنحو 213 مليون دولار بدل المنازل التي يجرى هدمها بفعل المشروع وعددها 488 منزلا.

ورفض «الملا» الانتقادات حول إزالة أعمال بناء تاريخية في الحي، متحدثا عن جهود للمحافظة على تلك الأعمال.

حصار كامل

ويشير المسؤول السعودي إلى أن المواجهات الأخيرة انتهت بمباركة من سكان الحي الذين رفضوا منح ملاذات آمنة للمسلحين، بحسب ما قال.

وحذر من أن «هناك إرهابيين لا يزالون في الخارج لكن عددهم صغير»، مشيرا إلى مدرسة في المسورة اتخذها القناصة منطلقا لهجماتهم، بحد قوله.

لكن السلطات السعودية تواجه اتهامات من قبل ناشطين حقوقيين في منظمات بينها «هيومن رايتس ووتش»، بالتمركز في مدرسة، وإطلاق النار باتجاه مناطق سكنية، وإغلاق الصيدليات والعيادات الطبية لمنع المسلحين المصابين من تلقي العلاج.

وقال «آدم كوجل» الباحث في «هيومن رايتس ووتش» أن أهالي العوامية «يريدون من السلطات أن تقدم استثمارات، لكنهم يريدون منها أيضا أن تضع حدا للتمييز».

ويؤكد ناشط في البلدة أن الوضع في العوامية «هادئ جدا، باستثناء تحرشات واعتقالات عشوائية طالت الشباب الصغار في السن، ومداهمة منازل لمطلوبين عدة مرات والعبث بمحتوياتها».

واعتبر أن البلدة لا تزال محاصرة بالكامل من جميع الجهات بالجدران الخرسانية ونقاط التفتيش التي تخضع  للتدقيق، مضيفا أن الوضع في عموم البلدة مطمئن للسكان بالمقارنة مع ما حدث ولكن غير مبشر للمستقبل».

ويتهم ناشطون محليون الأمن السعودي بإجبار مئات السكان على الخروج من العوامية بإطلاق النار عشوائيا على منازل وسيارات أثناء مواجهة مسلحين بالمنطقة، لكن الرياض نفت هذه الاتهامات.

وبثت وكالة «رويترز» صورا تظهر عددا كبيرا من المنازل المدمرة في العوامية، ما أجبر الآلاف على الفرار، وأظهرت الصور أطلالا لمسجد في البلدة الواقعة بمحافظة القطيف وعدة منازل تبدو عليها آثار الطلقات النارية، فضلا عن عدد من آليات وأفراد الشرطة، إلى جانب حروق على واجهات بعض المباني.

وجاء في تقرير لـ«رويترز» أن الحي القديم بالعوامية تحول إلى ساحة حرب في مشهد بعيد عن مظاهر المدن المتألقة في الخليج.

وفي شهر مايو/أيار، أدانت «الأمم المتحدة» خطط إعادة التطوير، متهمة السلطات بمحاولة إجلاء السكان من العوامية قسرا دون تقديم خيارات كافية لإعادة التوطين، في عملية تهدد «التراث التاريخي والثقافي للمدينة بضر لا يمكن إصلاحه».

  كلمات مفتاحية

السعودية العوامية القطيف الشيعة