«بي بي سي»: نهر النيل يواجه الموت

السبت 14 أكتوبر 2017 08:10 ص

بات الملايين في جميع أنحاء شرق أفريقيا ومصر، مهددين جراء المرض والضعف الذي أضر بنهر النيل، الذي يعد شريان الحياة لهم، بسبب النمو السكاني والتلوث وتغير المناخ.

وبحسب تقرير لـ«بي بي سي»، فالتغيرات المناخية الملاحظة في العالم كله، أدت الى انخفاض تدفق مياه النيل، خاصة بعد تراجع سقوط الأمطار، ما يهدد بكارثة على دول حوض النيل.

وقال المحاضر والباحث المناخي في جامعة أربا مينش الإثيوبية «لاكيماريام يوهانيس وركو»: الأمطار باتت غير متناسقة, أحيانا تكون أقوى وأحيانا أخف وزنا، ولكن دائما مختلفة».

وأضاف: «عندما تسقط الأمطار، غالبا ما تكون العواصف أكثر شراسة، وتغسل أكثر من مليار طن من الرواسب الإثيوبية في نهر النيل كل عام، والتي تسد السدود وتحرم المزارعين من المغذيات التربة التي تشتد الحاجة إليها».

وتابع: «أدى النمو السكاني إلى التوسع حول مجرى النيل، حتى أنهم أسقطوا الأشجار لشغل مساحة أكبر للسكن، وتوفير مواد البناء».

ولفت إلى أن بعض القرويين تخلوا تماما عن الزراعة، ما أدى إلى تلاشي محاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال: «العديد من المجتمعات الريفية، التي اعتمدت تاريخيا على الأمطار المطردة، بدلا من الأنهار لري أراضيها، قد أضحت أكثر عمقا في فقر مدقع».

في الوقت نفسه، ذكر بعض الصيادين أن المياه الآن شديدة السمية، بحيث لا تجرؤ على تناول الأسماك التي تلتقطها.

وبالنسبة للمسؤولين في القاهرة، فإن ذلك يمثل صورة قاتمة لمستقبل المياه الهش في بلادهم.

ونقل التقرير عن المسؤول بوزارة الموارد المائية «علي منوفي»، قوله إن «النيل هو كل شيء بالنسبة لنا. ما نشربه وما نأكله. ستكون كارثة إذا حدث أي شيء له».

وسبق أن ذكرت دراسة أمريكية، أن مواصلة بناء سد النهضة الإثيوبي من شأنه مياه خفض معدل تدفق مياه النيل على مصر بنسبة 25%.

وأضافت الدراسة، أن سد النهضة سيمنع إمداد مصر بالمياه النقية وبالتالي قدرتها على توليد الطاقة، مشيرة إلى أن هذه النقاط الأخيرة سبب الخلاف بين مصر وإثيوبيا مؤخرا، بحسب ما أورده موقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني.

وتلقي التغييرات المناخية بأثرها على نهر النيل الذي يعتبر شريان حياة مصر، وأحد أبرز الملفات التي تسببت بتوتير علاقاتها مع دول أفريقية على رأسها إثيوبيا، بسبب بناء الأخيرة لسد النهضة الذي ترى القاهرة أنه يشكل خطرا عليها.

ويحتمل أن يلوح في الأفق تعقيد كبير حول أي نقاش بشأن مستقبل النيل الذي يعد بمثابة شريان الحياة لمصر، وهو تغير المناخ.

ويعيش حاليا أكثر من 430 مليون شخص عبر 11 دولة تشكل دول حوض النيل، وهي: مصر، والسودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، ورواندا، وبوروندي، وتنزانيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإريتريا.

وبموجب معاهدة عام 1929 كانت مصر تحصل على حصة الأسد من مياه النيل هي والسودان، ويقدر أن حصة مصر تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب من المياه التي تقدر بنحو 84 مليار متر مكعب، وفقا لوكالة رويترز.

وهذان البلدان يعتمدان على المياه أكثر بكثير من جيرانهم في المنبع؛ ولا تتعرض مصر على وجه الخصوص لهطول الأمطار، بل تعتمد على مياه نهر النيل العظيم بنسبة 97% من احتياجها إلى المياه.

ولكن على مر السنين، أخذت بلدان المنبع تطعن في هذه المسألة التي تضمنت أحكام هذا الاتفاق الذي مضى عليه عدة عقود، والذي لم يكونوا أطرافا فيه أبدا.

في عام 1999، شكلت تسعة بلدان واقعة على ضفاف النهر «مبادرةَ حوض النيل» لمحاولة إدارة مياهه.

وأصبح جنوب السودان العضوَ العاشر بعد حصوله على الاستقلال في عام 2011؛ وتتربع إريتريا على كرسي المراقِب.

وبدأ العمل في المبادرة على إطار جديد لحكم النهر، لكن مصر والسودان رفضتا التوقيع على اتفاقية تم التوصل إليها من قبل دول أخرى في عام 2010، والمعروفة باسم «اتفاقية عنتيبي».

وبحسب التوقعات فإن عدد سكان مصر سيتزايد بمقدار 30 مليوناً بحلول 2030، وسيزيد في المقابل طلبها على الماء.

وأشار تقرير نشره موقع «World Politics Review» في يوليو/تموز الماضي أيضا، إلى مخاطر التغيرات المناخية على نهر النيل وتدفقه، متحدثا عن سنوات مقبلة ستشهد فيضانات وجفاف.

وأشار الموقع إلى أنه مع مرور الوقت «ستُجبر مصر على توقيع اتفاقية جديدة أو تعديل اتفاقية إدارة النهر»، بحسب توقعات الخبير والمستشار الأسبق في قانون المياه لدى البنك الدولي «سلمان سلمان».

وأضاف: «ستنظر مصر يميناً ويساراً وستجد أن السد انتهى العمل فيه وأن إثيوبيا تحاول بناء سدود أخرى والخيار الوحيد المتبقي بالنسبة لها هو التعاون»، ويتابع: «الوقت ليس في صالحهم».

وتنتظر مصر والسودان وإثيوبيا وفق اتفاق تم في سبتمبر/أيلول 2016، نتائج مكتبين استشاريين فرنسيين متخصصين يعدان ملفا فنيا عن السد وأضراره، وهو الملف غير الملزم لإثيوبيا، ويواجه خلافات حادة.

  كلمات مفتاحية

نهر النيل تغير مناخي سد النهضة اتفاقية دول حوض النيل زيادة معدل السكان

رائدة فضاء أمريكية تنشر صورا مذهلة لنهر النيل