تقارب سعودي وآمال إسرائيلية.. هل يمكن لروسيا إبقاء إيران تحت السيطرة؟

السبت 14 أكتوبر 2017 10:10 ص

بين تطلعات سعودية وآمال إسرائيلية، لعب الدبلوماسيون الروس في تلك المساحة من خلال القول لنظرائهم السعوديين والإسرائيليين بأنهم إذا كانوا يشعرون بالقلق إزاء الوجود الإيراني في سوريا، فسيكون من الأفضل لهم أن تتواجد القوات الروسية في الشرق الأوسط لإبقاء الإيرانيين تحت السيطرة؛ ولكن هل يمكن لروسيا فعلا أن تبقي إيران تحت السيطرة؟.

في القمة الأخيرة التي انعقدت بين الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز» والرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في موسكو، وقع الزعيمان اتفاقيات قد تبشر بعصر جديد من التعاون السعودي-الروسي، وفي ظل تحفظات المملكة العربية السعودية إزاء روسيا بسبب تعاون موسكو مع إيران لدعم نظام الرئيس «بشار الأسد» ضد معارضيه المدعومين من السعودية، يرى المعلقون الروس رغبة الملك «سلمان» في التعاون مع موسكو في الوقت الحاضر دليلا على أن الرياض تعترف بأهمية روسيا المتزايدة في الشرق الأوسط.

غير أن الخلافات المستمرة بين المملكة العربية السعودية وروسيا قد تعرقل تحقيق الأهداف الطموحة المحددة في مختلف مذكرات التفاهم التي وقعها البلدان في موسكو، بحسب تحليل «مارك ن. كاتز» زميل غير مقيم في «معهد دول الخليج العربية في واشنطن».

ومن اللافت أن هذه الاتفاقيات السعودية-الروسية تأتي في وقت تتفوق فيه موسكو وحلفاؤها في سوريا (أي نظام الأسد وحزب الله وإيران) على خصوم النظام المدعومين من السعودية، ومن المنظور الروسي، يشير استعداد السعودية لعقد الصفقات مع موسكو في ظل هذه الظروف على واقعية سعودية جديدة، إذ لا ترى أمامها خيارا سوى العمل مع موسكو، وخصوصا مع التراجع الملحوظ لنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار، يأتي جزء من هذه الواقعية الجديدة وفقا لما ذكرته المحللة الروسية المخضرمة في شؤون الشرق الأوسط «إيرينا سوبونينا»، أن الرياض في الوقت الحاضر «تدرك أنه لا يمكن فصل روسيا عن إيران»، لكنها في الوقت نفسها تتابع التصريحات الروسية التي تفيد بأن موسكو أصبحت الآن قوة صاعدة في الساحة الشرق أوسطية، وهو ما جعل المملكة العربية السعودية تتطلع إلى الدور الذي ستؤديه روسيا كقوة عظمى بغية الحفاظ على التوازن في المنطقة.

وفي هذا الإطار، شجع الدبلوماسيون الروس على هذا الاعتقاد من خلال القول لنظرائهم السعوديين (والإسرائيليين) بأنهم إذا كانوا يشعرون بالقلق إزاء الوجود الإيراني في سوريا، فسيكون من الأفضل لهم أن تتواجد القوات الروسية في الشرق الأوسط لإبقاء الإيرانيين تحت السيطرة.

لكن الأحداث التي جرت مؤخرا لا تدل على ذلك؛ فعلى الرغم من أن شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» وافقت على استثمار 4 مليارات دولار في إقليم كردستان العراق، فإن التعاون الإيراني-التركي لعزل المنطقة بعد الاستفتاء الأخير للحصول على الاستقلال يهدد بوقف صادرات النفط، وبالتالي يعطل استثمارات روسيا في المنطقة.

وبعبارة أخرى، قد يكون التعاون الإيراني-التركي المتضافر قادرا على إحباط طموحات النفط الروسية في منطقة متنازع عليها، ولم يتضح بعد كيف ستؤول إليه الأمور، ولكن هذا الحدث لم يعزز سمعة روسيا كقوة عظمى قادرة على ممارسة نفوذ حاسم لحماية مصالحها فضلا عن مصالح حلفائها.

حتى في سوريا التي تمتلك فيها روسيا قوات عسكرية على الأرض، بخلاف العراق، فإن مساعي موسكو لإنهاء النزاع السوري من خلال إنشاء مناطق آمنة، يجري تقويضها مرارا من قبل نظام الأسد (ربما بمساعدة إيرانية)، الذي يهاجم القوات المعارضة داخلها. وهنا أيضا، يبدو أن روسيا غير راغبة أو غير قادرة على ممارسة دورها كقوة عظمى الذي يحافظ في هذه الحالة على التوازن بين القوى المتعارضة.

محللون سياسيون رأوا أن السعودية تشك بقدرة روسيا على كبح جماح إيران، وأكدوا أن زيارة العاهل السعودي للسعودية من أجل ذلك، وألمحوا إلى أن الإعلان عن الاتفاق السعودي لشراء صواريخ روسية من طراز إس 400 جاء مباشرة قبل الإعلان عن موافقة واشنطن على شراء السعودية لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي «ثاد» المضادة للصواريخ البالستية.

وبعبارة أخرى، قد لا تكون زيارة الملك «سلمان» لموسكو ترمي إلى تعزيز التعاون السعودي مع روسيا، بقدر ما هي ترمي إلى تحفيز واشنطن على التحرك كي لا تخسر صادرات الأسلحة وفرص الاستثمار في المملكة.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تفسخ الرياض أيا من صفقاتها الجديدة مع موسكو فور الحصول على ما تريده من واشنطن؛ إذ من المهم للرياض أن تقدم شيئا لروسيا كوسيلة لحثها على حجب الدعم للسياسات الإيرانية التي تعتبرها المملكة معادية.

وفي حين يصعب على روسيا أن تحل محل الولايات المتحدة باعتبارها القوة الخارجية الأهم في الشرق الأوسط، بات دور موسكو مهما بما فيه الكفاية بالنسبة للرياض لتتنافس مع خصومها الإقليميين من أجل التأثير على السياسة الروسية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

روسيا إيران سوريا الانسحاب الروسي التدخل العسكري الروسي الأسد خامنئي الحرس الثوري