استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المصالحة «فرض عين» وليست منة من أحد على أحد

الاثنين 16 أكتوبر 2017 07:10 ص

المصالحة غير المكتملة بعد، بين حركتي "فتح" و"حماس" جاءت متأخرة عشر سنوات وأربعة أشهر بالتمام والكمال، لكن كما يقال أن تأتي متأخرة أفضل من أن لا تأتي أبدا، وهي بالمناسبة ليست منة من أحد على أحد، إنها فرض عين وطني تحتمه المصلحة العامة وحتى المصلحة الفئوية الفصائلية الضيقة.

وبالمناسبة أيضا فإن هذه المصالحة هي بين فريقين سياسيين، وليست مصالحة فلسطينية فلسطينية، فلم يكن هناك أصلا انقسام في صفوف الشعب الفلسطيني، رغم التقسيمات الجغرافية، لم يكن الانقسام موجودا في الماضي وهو ليس موجودا في الحاضر.

وأستطيع القول بأريحية إنه لن يكون موجودا في المستقبل. فهذا الشعب الحي رغم الخلافات السياسية داخله، وهي واسعة جدا، تجمعه قناعاته بضرورة وحدة جميع فئاته السياسية والعقائدية والمذهبية والطائفية والدينية، والتفافه حول قضيته وإيمانه بعدالتها وقناعته بتحقيق مراده في أن يصبح حلم الدولة واقعا ملموسا.

أقول ذلك لأنه قد يكون بدا للبعض أن هناك انشقاقا فلسطينيا، بسبب الانفصال الجغرافي بين شقي الوطن، الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا ما جعل هذا الانشقاق يبدو شرخا طوليا وأكبر من حجمه، والدليل على ذلك أن شعبية السلطة وفتح في غزة تحت حكم حماس أعلى من شعبيتها في الضفة الخاضعة لها، والعكس صحيح بالنسبة لحماس، فشعبيتها في الضفة أعلى منها في غزة.

دليل آخر أن (إسرائيل)، منذ قيامها قبل نحو سبعين عاما، فشلت في إيجاد شرخ بين مكونات الشعب الفلسطيني على طرفي الخط الأخضر. فلسطينيو 1948 وفلسطينيو 1967 (الضفة والقطاع)، رغم الفصل الجغرافي والعزل الذي دام نحو 19 عاما، قبل أن تخصع كل فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها لتصبح تحت الاحتلال عام 1967 بفضل أنظمة عربية كما هي العادة دوما!

والشيء بالشيء يذكر فإن الخط الأخضر لمن لا يعلم، هو الاسم الذي يطلق على الخط الفاصل بين الضفة وغزة وأراضي 1948. ويسمى بالخط الأخضر لأنه، خلال مفاوضات الهدنة التي تمت في جزيرة رودوس اليونانية عام 1949 بين ممثلي دولة الاحتلال وممثلي أنظمة الهزيمة العربية، رسمت الحدود بقلم أخضر وراح منذئذ يطلق عليه الخط الأخضر.

نعود للانقسام، الوضع الصحيح أن تكون هناك اختلافات سياسية لا خلافات حول الهدف، اذ ليس هناك شعب حي كالشعب الفلسطيني يمكن أن يكون ذا طيف سياسي واحد، والوضع الصحي أن تكون هناك مواقف وقناعات وبرامح سياسية مختلفة ومتباينة ومتناقضة.

والوضع الصحي أيضا أن تكون هناك تفاهمات حول برامج حد أدنى جامعة لا مفرقة حول الهدف الرئيسي، لكن الوضع غير الصحيح أن يحتكم الفرقاء السياسيون إلى السلاح وسفك دماء بعضهم بعضا لحسم الخلافات السياسية، أو العقائدية.

والوضع غير الصحيح أن يتواصل الانقسام لسنوات وعشرات اللقاءات التي أخفقت جميعها في جمع الفرقاء، من صنعاء فدكار فالقاهرة إلى الدوحة ثم القاهرة ثم الدوحة فمخيم الشاطئ (غزة)، فالدوحة، ثم الدوحة، لنصل إلى فيينا، ونعود مجددا إلى الدوحة قبل الطيران إلى موسكو لتحط الرحال في القاهرة، والنتيجة اتفاق ثم لا اتفاق فاتفاق، تفاؤل فتشاؤم ثم تفاؤل ثم تشاؤم ويليه تشاؤم فتشاؤم، آخر حتى أصبح الحديث عن المصالحة على صعيد الشارع الفلسطيني، موضع تندر بعد أن فقد الفرقاء أي مصداقية حتى بين أنصارهما، إلا ما ندر.

وإذا ما نجحت المصالحة، ونرجو لها النجاح، هذه المرة، كما نتمنى ألا تبرز خلال عمليات تنفيذ ما اتفق عليه، في الأيام والاسابيع المقبلة أي عقبات أو معوقات، وأصبحت المصالحة واقعا قائما على الارض، فإنها ستفتح أبوابا كثيرة وستغلق ابوابا اخرى وجميعها للصالح العام.

فالمصالحة بين الحركتين ستسد الطريق في وجه الكثير من المتربصين بالقضية، افرادا كانوا أم دويلات إقليمية، وستقطع الحبال التي يحاولون اللعب عليها، كما ستحرمهم من هواية التصيد في المياه العكرة.

والمصالحة ستسحب البساط من تحت أرجل بعض الأطراف، والمقصود هنا أطراف دولية، تدعي أن الانقسام يعيق طريق السلام الذي كان يمكن أن يتحقق لولا الانقسام، متغافلين عن حقيقة أن الأزمة وقعت بعد 14 عاما من اتفاق اوسلو المشؤوم، وعودة الاحتلال إلى كل الضفة الغربية بجميع مناطقها «أ و ب و ج»، ولم يعد هناك أصلا اتفاق، بعدما تنكرت له الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة.

لكن ما أن بدأت تظهر بوادر إمكانية التوصل إلى اتفاق بين فتح وحماس، وما يمكن أن يتمخض عنه من حكومة وحدة تشارك فيها حماس، حتى خرجت علينا هذه الاطراف التي كانت تتحجج بالانقسام، بشروطها القديمة الجديدة.

فبعد طول غياب نسينا فيها وجودها أصلا، والأهداف التي وجدت من أجلها، أطلت علينا اللجنة الرباعية، من جديد لتعيد على مسامعنا، أو لنقل عادت لتردد على مسامعنا الشروط التعجيزية التي وضعها توني بلير مبعوثها الخاص المتصهين، للقبول بأول حكومة وحدة وطنية شكلها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الحالي لحماس، بتكليف من أبو مازن، عقب فوز الحركة بالانتخابات التشريعية عام 2006.

وردد المطالب نفسها من يسمى مبعوث السلام الأمريكي جيسون غرينبلات. وهي مطالب تتماهى مع المطالب الاسرائيلية.

وفقط نذكر بهذه الشروط: الاعتراف باسرائيل. وثانيا الالتزام بالاتفاقات الموقعة. وثالثا نبذ العنف. وزادت عليها حكومة نتنياهو الاعتراف بيهودية إسرائيل، ووقف التحريض وسحب سلاح المقاومة ووقف مخصصات أسر الشهداء والأسرى والإفراج عن جنودها الاسرى لدى حماس وقطع العلاقات مع إيران.

ولقطع الطريق عليهم جميعا يجب التأكيد، فلسطينيا ومن دون تردد، أن حكومة الوحدة الجديدة إن شكلت غير ملزمة بـ:

التمسك بالاتفاقات السابقة، لأنها لم تعد قائمة، وهي اتفاقات لم تعد تلتزم بها حكومة اليمين في اسرائيل. وقد أعلنت ذلك غير مرة على لسان رئيسها، وتلتزم حكومة الوحدة بموقفها هذا بما قاله الرئيس أبو مازن في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة لعام 2015، لن نلتزم بما لا تلتزم به اسرائيل.

الاعتراف بدولة الاحتلال طالما هذا الاعتراف غير متبادل، فالفلسطينيون تخلوا عن ورقة الاعتراف على عتبات أوسلو، والدور الان على إسرائيل انهاء احتلالها والالتزام بقرارات الشرعية الدولية والاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة على جميع الاراضي المحتلة عام1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.

نبذ العنف (رغم أن الرئيس عباس أعلن ذلك عشرات المرات) طالما لم تنه حكومة تل أبيب احتلالها، ولا تنبذ ولا تدين العنف والإرهاب الذي يمارسه جنودها وقطعان مستوطنيها، سواء بالقتل المباشر والاعتقال والاستيطان وتقييد حركتهم وأعمالهم وتهريب اقتصادهم باقتلاع أشجار الزيتون، خاصة ونحن اليوم على ابواب موسم قطف الزيتون، مصدر الرزق الوحيد لنسبة عالية من الفلاحين الفلسطينيين. وللتوضيح فقط ليس المقصود المقارنة بين مقاومة الاحتلال، وهو حق وفق الشرائع الدولية والارهاب الاستيطاني الاحتلالي.

وقف التحريض: إذا كان هناك تحريض فهو التحريض الذي يقوده نتنياهو ووزراؤه والأدلة لا تعد ولا تحصى، وآخرها دعوات النائب الليكودي أورين حزان، قبل أيام لاغتيال الرئيس عباس، ولا يمر يوم من دون أن يبثوا سموم الكراهية والحقد.

قطع مخصصات أسر الشهداء والأسرى فهؤلاء هم رموز الحركة الوطنية الفلسطينية، والمساس بحقوقهم مساس بتاريخ النضال الفلسطيني.

أما بقية الشروط فهي حقيقة لا تستحق الرد عليها، وإن كان هناك ضرورة غير أن المساحة لا تسمح بذلك.

وأخيرا فإن على الفلسطينيين رفض أي املاءات أو اشتراطات إسرائيلية أو أمريكية، ولا بد أن يأتي الرفض الفلسطيني عمليا، بالاسراع في تنفيذ بنود الاتفاق بتمكين حكومة الوفاق من إدارة كل مرافق الحياة في قطاع غزة، بما فيها جميع المعابر، والانتقال مباشرة وبأقصى سرعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية وليس مجرد تعديل في حكومة الوفاق الحالية، بالاتفاق على استراتيجية فلسطينية موحدة تحمي الحقوق المشروعة والثابتة.

وتصون المشروع الوطني الفلسطيني، في وجه المخاطر والتحديات المقبلة التي ستكون جمة، في مقدمتها الإعداد للانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي. وكذلك الإسراع في التحضير لتشكيل مجلس وطني وعقد دورة له تنبثق عنها لجنة تنفيذية حيوية ترقى إلى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها، كخطوة أولى نحو النهوض بالمنظمة وإعادة الحياة إليها عبر بناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية وعصرية.

واختتم بالتحذير من أن هناك جماعات متربصة ليس من مصلحتها المصالحة لأنها تتنافى وبرامجها ومصالحها وأهدافها وطموحاتها، وستعمل على تخريبها بوسائل شتى منها زعزعة الأوضاع الأمنية، جماعات قد تأتي من داخل الأطراف المتصالحة، بعضها مكشوف وغيرها خفي.

* علي الصالح كاتب فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين المصالحة الفلسطينية غزة السلطة الفلسطينية سلاح المقاومة مصر حماس فتح