العراق: أسباب سقوط مدينة كركوك

الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 08:10 ص

يوم الخميس الماضي نفى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وجود أي تحضيرات لشن هجوم ضد مواقع كردية، وفي اليوم اللاحق، الجمعة، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التوتر بين السلطات العراقية والكردية حول كركوك وتعمل على عدم تصاعده، وأن قواتها «تعمل على ضمان أن تبقي أي احتمال لنشوب نزاع بعيدا عن الطاولة».

في اليوم التالي، السبت، أعلن كمال كركوكي قائد البيشمركه في مدينة كركوك إن قواته لن تنسحب من المحافظة تحت أي ضغط وأنه في حال «ارتكب الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» أي خطأ وتقدموا صوبنا فسنلقنهم درسا لن ينسوه أبدا».

لكن الذي حصل أن فصائل من «الحشد» ووحدات من الجيش العراقي وقوات تابعة لوزارة الداخلية تقدمت أمس الاثنين واستولت على أهم حقول النفط ومطار كركوك العسكري وأكبر قاعدة عسكرية في المحافظة وكذلك على مبنى المحافظة حيث رفعت العلم العراقي وأنزلت الراية الكردية.

وبدلاً من تلقين قوات البيشمركه درساً للقوات العراقية المهاجمة كما قيل قبل أيام فقد انسحبت بعض وحداتها، المحسوبة على طرف رئيسي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (الذي يرتبط، منذ عقود طويلة، بعلاقات مع إيران)، من مواقعها دون قتال، وتركت أطرافاً أخرى من الحزب نفسه لتواجه القوات المهاجمة، وهو ما دفع تلك الوحدات أيضاً للانسحاب بشكل مرتبك ساحبة معها آلاف النازحين الخائفين من انتقام فصائل «الحشد الشعبي».

السفارة الأمريكية علّقت على الذي حصل بالأسف على «أي خسائر في الأرواح» وقالت إنها تواصل العمل مع مسؤولي حكومتي المركز والإقليم «للحد من التوتر وتجنب وقوع المزيد من الاشتباكات»، مؤكدة أنها تؤيد «الممارسة السلمية للإدارة المشتركة بما يتفق مع الدستور العراقي في جميع المناطق المتنازع عليها»، وهو ما يعني، بشكل غير مباشر، أن واشنطن لا تكترث لما حصل، وأن وضع حكومة بغداد يدها على كركوك صار ناجزاً.

حكومة إقليم كردستان المحسوبة على الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيمه مسعود بارزاني، اتهمت «الجناح الإيراني» في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بتسليم كركوك بـ«اتفاق سري مع إيران» وبأوامر من بافيل نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.

غير أن سيطرة القوات العراقية على كركوك لم تكن نتيجة «صفقة» مع إيران، فقط، ولا لأن الأمريكيين موافقون على استعادة حكومة بغداد (أو إيران) السيطرة على كركوك وحقولها النفطية الشديدة الأهميّة، ولا لاجتماع دول الإقليم على منع نشوء دولة كردستان فحسب، ولكن أيضاً، لأن قيادة إقليم كردستان، لم تقدّم مشروعاً مدنيا وديمقراطيا شاملا يدافع عنه سكان كركوك من غير الأكراد، كالتركمان والعرب، الذين وجدوا أنفسهم في خانة المستهدفين، مع تزايد أعمال السرقة والنهب واستهداف مقرات أحزابهم السياسية، مما اضطر الكثيرين منهم إلى طلب العون من حكومة بغداد.

حظيت كركوك، بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بوضع دستوري خاص، مبعثه وجود أعراق مختلفة فيها، ولأنها مؤثرة اقتصاديا كونها تحتوي ثروة نفطية كبيرة، وهو ما يجعلها وجودها داخل دولة كردستان أمراً مركزياً لاستمرار هذه الدولة، وبالتالي فإن السيطرة العراقية ـ الإيرانية عليها، تعني، بوضوح، أن مشروع كردستان ممنوع.

الصراع على كركوك سيحدد إذن مصير كردستان.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق كركوك العبادي الأكراد كردستان الولايات المتحدة الحشد الشعبي بارزاني