«ولاية سيناء» يصعد عمليات ضد الجيش.. 4 مآرب لذلك

الأربعاء 18 أكتوبر 2017 04:10 ص

مع تقارب السلطات المصرية مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، صعد تنظيم «ولاية سيناء» من وتيرة عملياته العسكرية بشكل لافت للنظر خلال الشهر الأخير، واستمرت الاشتباكات الشرسة حول عدة ارتكازات أمنية في مناطق مختلفة بشمال سيناء (شمال شرق)، واضطرت القوات المسلحة للدفع بتعزيزات عسكرية وآليات ثقيلة واستخدم سلاح الجو في شن غارات مكثفة، إلى الحد الذي وصفه شهود عيان بأنه أشبه بـ«أجواء الحرب».

ويقول مراقبون إن التنظيم المسلح يهدف من وراء تصعيد عملياته بشكل لافت إلى أربعة أشياء، أحدها إرسال رسالة واضحة للنظام المصري أن التنسيق الأمني مع «حماس» لم يجد نفعا، والثاني تأكيد أن المنطقة العازلة مع قطاع غزة التي دخلت مرحلتها الثالثة لم تؤثر على قدراته العسكرية، أما الأمر الثالث.. فهو أن عمليات «حق الشهيد» المتلاحقة لم تحد نفوذه، والرابع أن التنسيق الأمني مع (إسرائيل) لم يحم الجنود في سيناء.

أجواء الحرب

وشهدت مدينة العريش والشيخ زويد ومحيط رفح خلال الأيام الماضية قصفا جويا وغارات مكثفة وانفجارات واشتباكات إلى جانب دوي صافرات الإسعاف واستنفار عسكري وتحرك واسع للآليات العسكرية؛ وسط تقارير إعلامية تحدثت عن هجمات مسلحة استهدفت أكمنة وارتكازات أمنية وعسكرية أوقعت قتلى وجرحى.

وعلى مدى خمسة أيام متتالية، ظلت الاشتباكات متواصلة في مدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء، وسط ارتفاع في أعداد قتلى وجرحى الأمن المصري، وأفادت البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن الجانب المصري، بسقوط قرابة 50 قتيلا وجريجا في صفوف قوات الجيش والشرطة، وسط توقعات بارتفاع أعداد الضحايا.

وغالبا ما يتكتم الجيش المصري، على حجم خسائره، وتظهر بياناته أعدادا محدودة من قتلاه، وسقوط عشرات القتلى في صفوف المهاجمين، وذكر شهود عيان أن تعزيزات عسكرية ضخمة وتحليقا مكثفا للطائرات استمر لساعات عقب سماع دوي انفجارات وأصوات اشتباكات في محيط عدد من الأكمنة والارتكازات الأمنية بسيناء، وإن طائرات إسرائيلية شاركت في العملية، وإن تلك الاشتباكات دارت حول 5 مناطق تقريبا، بينها منطقة بلعة ومحيط قرية الوفاق برفح، وكرم القواديس، وتزامن ذلك مع تحرك عشرات الآليات من معسكر الزهور بالشيخ زويد لإسناد قوات الجيش المتواجدة هناك، كما انقطع التيار الكهربي عن مناطق واسعة بشمال سيناء.

مغردون سيناويون على «تويتر» وصفوا الأجواء التي شهدوها بأنها «أجواء حرب»، وشككوا في روايات الجيش بشأن وقوع عدد محدود من القتلى في صفوفه، وتحدث بعضهم عن أنه رأى جثثا لجنود مصريين، وذكرت صفحة «أخبار سيناء» أن الطيران قصف مناطق بشكل مكثف، وأن الجيش أطلق قنابل ضوئية وأغلق الطرق والأكمنة لكشف الأرض أمام الطائرات التي قدمت إسنادا جويا.

وعادة ما يشكك مراقبون للشأن السيناوي في أعداد القتلى التي يعلنها الجيش في صفوف المسلحين، إذ غالبا ما تتضمن أعدادا كبيرة لا تتناسب مع حجم الكثافة السكانية المنخفض في سيناء، بحسب رأيهم.

منطقة عازلة

وخلال العامين الماضيين، بدأ الجيش المصري عملية إخلاء للمنطقة الحدودية مع قطاع غزة، وقام بهدم الأنفاق وتفجير المنازل بهدف عزل القطاع الذي يزعم النظام أنه يمد المسلحين في سيناء بالعتاد العسكري والمقاتلين الإسلاميين، وبعد أن أتم الجيش مرحلتين من إخلاء المناطق المحاذية للحدود، شرع أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري في المرحلة الثالثة بإخلاء وإزالة المباني والمنشآت الواقعة على بعد كيلومتر من الحدود الدولية مع قطاع غزة ولمسافة 500 متر جديدة.

وخلال المرحلتين السابقتين، جرى إزالة جميع المباني وتجريف التربة بعرض 500 متر من الشريط الحدودي مع القطاع، وبانتهاء المرحلة الثالثة، تكون المنطقة العازلة مع القطاع عرضها 1.5 كليومتر.

وقال محافظ شمال سيناء اللواء «عبدالفتاح حرحور» حينها في تصريح، نقلته صحف مصرية، إنه تمت، حتى الأربعاء 4 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إزالة 40 منزلا ومساحة 60.5 فدان من الأراضي المجاورة لها، مشيرا إلى «ضرورة إخلاء المنطقة الحدودية حفظا للأمن القومي المصري، وذلك في مواجهة العمليات التي تستهدف قواتنا من الأنفاق الحدودية وآخرها عملية البرث جنوب رفح منذ أشهر قليلة».

ويقول مراقبون إن مسلحي التنظيم أرادوا التأكيد للنظام أن تلك المنطقة العازلة التي أقيمت على مسافة كيلومتر كامل بالفعل، وبدأ توسيعها لتضم 500 متر جديد، لم تؤثر على قدرة التنظيم في شن هجوم عسكري واسع ولفترة طويلة.

التنسيق الحمساوي

ومع انطلاق المصالحة الفلسطينية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتوالي زيارات قيادات حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على القاهرة، أكد قياديو الحركة ذات المرجعية الإسلامية مرارا عدم موافقتهم على المساس بالأمن القومي المصري.

كما رصدت تقارير صحفية وتصريحات مسؤولين أمنيين أن هناك تنسيقا أمنيا قويا بين القاهرة والأجهزة الأمنية التي تسيطر عليها «حماس» في القطاع، وشمل هذا التنسيق تسيير «حماس» لدوريات على الجانب الغزاوي من الحدود.

كما أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة أن وزارته اكتشفت وهدمت خلال الفترة الماضية أنفاقا على الحدود مع مصر، مؤكدا رفضه الإضرار بأمن مصر انطلاقا من القطاع.

التنسيق المصري الحمساوي أيضا صار مشكوكا في جدواه بعد العمليات الواسعة التي شنها تنظيم «ولاية سيناء» على مدى الأيام الماضية، وهي رسالة أراد أن يبعثها التنظيم بوضوح أن قدراته لم تتأثر بذلك أيضا.

عمليات «حق الشهيد»

وخلال الأعوام الماضية، شنت القوات المسلحة نسخا متلاحقة من عمليات حق الشهيد التي ارتفع مستوى التسليح المستخدم في الهجوم العسكري في كل مرة من نسخها عن سابقتها، وفي النسخة الحالية استخدم النظام سلاح الجو بكثافة غير معهودة في المرتين السابقتين، كما ازدادت وتيرة استخدام الأسلحة الثقيلة كذلك.

تمديد الطوارئ وحظر التجول أيضا صار مألوفا في مدن شمال سيناء، ومع كل مرة تنتهي فيها مدة حالة الطوارئ في المحافظة الملتهبة حرص النظام على إعادة تمديدها وفرضها.

التنظيم يرسل رسالة أيضا بأن ذلك كله لم ينهكه، ولم يقلل من قدرته على استهداف الجنود والقوات الذين أصبح يستهدفهم خلال الحظر بكثافة أكبر.

التنسيق الإسرائيلي

ورغم عدم تأكيد النظام المصري ذلك، فإن مصادر إعلامية إسرائيلية وشهود عيان تحدثوا عن أن التنسيق الأمني غير المسبوق بين مصر و(إسرائيل) وصل إلى حد مشاركة الطائرات الإسرائيلية في الطلعات الجوية التي تستهدف مسلحي تنظيم ولاية سيناء، وجرى بشكل مبطن تأكيد توجيه ضربات إسرائيلية مباشرة للتنظيم، وليس فقط إمداد مصر بالمعلومات.

التنسيق الإسرائيلي الذي يبدو في أعلى مستوياته كان هدفا أيضا لعمليات التنظيم المكثفة خلال الشهر الجاري، إذ بدا أن كل ذلك لم يحم القوات والجنود المرتكزة في سيناء، واستطاع التنظيم شن هجوم واسع المدى مكانا وزمانا.

ويقول مراقبون إن التنظيم بالتأكيد تضرر من كل ذلك، لكن ذلك الضرر لم ينه وجوده تماما، كما أن تأثيره لن يظهر على المدى القريب، وهو يراهن على أن توسيع عملياته ستفت في عضد قوات الأمن التي سترى أن كل ذلك لم يجد نفعا.

وتنشط في محافظة «شمال سيناء»، عدة تنظيمات مسلحة أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغير اسمه لاحقا إلى «ولاية سيناء».

وخلال السنوات الأخيرة، نفذ هذا التنظيم هجمات مكثفة على مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن في شبه جزيرة سيناء؛ ما أسفر عن مقتل المئات من أفراد الجيش والشرطة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ولاية سيناء أنصار بيت المقدس هجوم مسلح شمال سيناء سيناء الجيش كمين كرم القواديس الجيش المصري الدولة الإسلامية