صراع أربيل وبغداد.. أمريكا «تتفرج» وإيران «تربح» وتركيا «تخسر»

الأربعاء 18 أكتوبر 2017 09:10 ص

بينما  تتحكم إيران في الصراع الحالي بين الأكراد والحكومة العراقية، وتسعى لتشكيل نتائجه بما يتوافق مع مصالحها، اكتفت واشنطن بدور المتفرج، فيما فقدت تركيا حليفا رئيسيا في العراق، حسب تحليل أمريكي وما أفاد به مراقبين لـ«الخليج الجديد».

فوفق حسابات الربح والخسارة، تتصدر أنقرة قائمة الخاسرين جيواستراتيجيا، وإن تمكنت مؤقتا من وقف الطموح الكردي بإنشاء دولة قومية.

فحسب ما أفاد به مراقبون لـ«الخليج الجديد»، خسرت تركيا «مسعود بارزاني»، رئيس إقليم كردستان العراق، الذي ظل لفترة طويلة حليفا مقربا لها، بل يبدو أن الأخير فضل قلب الطاولة على الجميع، وأٌنقرة في المقام الأول، انتقاما من موقفها الرافض لاستفتاء الانفصال.

فإلى جانب انسحابها السريع من محافظة كركوك (شمال)، انسحبت قوات «البيشمركة» (التابعة لإقليم كردستان)، خلال الأسبوع الحالي، أيضا، من مناطق متنازع عليها مع بغداد، وبينها أقضية «مخمور» و«دبس» و«سنجار».

وجاء هذا الانسحاب ليس بسبب عدم قدرة قوات «البيشمركة» على المحافظة على تلك الأقضية، وانما انتقاما من تركيا، التي يرون أنها وضعتهم في هذا الوضع الحرج في كركوك، حسب هؤلاء المراقبين.

إذ أن من نتائج تلك الانسحابات دخول «الحرس الثوري الإيراني» و«الحشد الشعبي» (الشيعي) إلى «سنجار» تحت غطاء القوات العراقية، والتمركز فيها لفتح طريق آمن من إيران إلى سوريا.

كما تقود تلك الخطوة إلى تعاظم الضغط السياسي والعسكري على تركيا لإخراج قواتها من معسكر بعشيقة (شمال) إلى خارج الحدود العراقية؛ لأن هذه القوات باتت مهددة الآن بشكل جدي من قبل تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«بي كا كا»، و«الحرس الثوري الإيراني و«الحشد الشعبي» الشيعي، وثيق الصلة بطهران.

وعوضا عن ذلك، فإن انسحاب قوات «البيشمركة» من بعشيقة سيُفقِدُ الأتراك حجتهم الشرعية الوحيدة لإبقاء قواتهم في بعشيقة؛ لأنها كانت مخولة بالدرجة الأولى بتدريب تلك القوات.

ومع فتح طريق آمن من إيران إلى سوريا عبر العراق، تأتي إيران في مقدمة الرابحين من الصراع الحالي بين أربيل وبغداد.

إذ أنه مع تعرض «بارزاني» لضغوط كبيرة من إيران ومن داخل حزبه (الديمقراطي الكردستاني)، ومع انقطاع الاتصالات بينه وبين أنقرة على خلفية استفتاء الانفصال الذي أصر على إجرائه؛ بات الرجل في موقف شديد الضعف قد يقوده لتقديم تنازلات كبيرة لإيران تخلق لها نفوذ غير مسبوق في كردستان.

إيران الرابح الأكبر

واستغلالا لتلك المعطيات، تسعى طهران من جانبها إلى تشكيل نتائج الصراع بين أربيل وبغداد بما يتوافق مع مصالحها، حسب تحليل لشبكة «سي إن إن».

وأضافت الشبكة الأمريكية منتقدة أنه بينما تتحكم إيران في الصراع الحالي بين الأكراد والحكومة العراقية، اكتفى الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بالتعبير عن القلق، وإعلان وقوفه على الحياد من الطرفين.

وأضافت أن مليشيات «الحشد الشعبي» سبق أن تلقت تدريبا إيرانيا بهدف الوقوف بوجه تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكنها الآن تقف في وجه الأكراد، وتستعيد منها المناطق المتنازع عليها في شمالي وشرقي العراق.

ولفتت إلى النفوذ الإيراني المتزايد في إقليم كردستان؛ حيث كشفت النقاب عن أن السفير الإيراني لدى العراق شارك في تشييع جثمان الرئيس العراقي السابق، «جلال طالباني»، زعيم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، كما التقطت صورة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني «قاسم سليماني»، وهو يقدم تعازيه عند قبر «طالباني».

ولاحقا، امتنعت قوات «البيشمركة» التابعة لحزب «الاتحاد الوطني» عن الاشتراك في القتال ضد قوات الحكومة الاتحادية العراقية.

وتتهم الحكومة الكردية هذه المجموعة من «البيشمركة» بالتواطؤ مع إيران للسماح لقوات الحكومة العراقية بالدخول إلى محافظة كركوك (شمال) بسهولة.

وفي هذا الصدد، عرضت «سي إن إن» مقطعا مصورا لدبابات الجيش العراقي تمر من وسط كمين لهذه المجموعة من «البيشمركة» على طريق مؤدية لكركوك دون أن تقوم بمنعها أو أن تحدث بينهما أي اشتباكات.

وقالت إنه بينما اكتفى الرئيس الأمريكي بالوقوف على الحياد، فإن إيران عبرت عن انحيازها للحكومة العراقية بوضوح، وتلعب دورا نشطا في تشكيل نتائج صراعها مع الأكراد بما يتوافق مع مصالحها.

ومثل أنقرة، تخشى طهران من طموحات الأكراد لبناء دولة قومية لهم عبر اقتطاع أجزاء من مناطقها الغربية وشمالي العراق وسوريا وجنوب شرقي تركيا. 

وفقد إقليم كردستان سيطرته على أغلب المناطق المتنازع عليها شمالي العراق، ومنها أبار النفط؛ جراء عملية عسكرية بدأتها قوات الحكومة الاتحادية ليل الأحد الإثنين؛ إذ انسحبت قوات «البيشمركة»، التابعة للإقليم، سريعا، أمام تقدم القوات الاتحادية.

وأجرى إقليم كردستان استفتاء على انفصاله، في 25 سبتمبر/آيلول الماضي، وشمل ذلك المناطق المتنازع عليها دستوريا مع الحكومة الاتحادية في بغداد، التي رفضت الاستفتاء، واعتبرته مخالفا للدستور، وردت بالتحرك لانتزاع هذه المناطق من سيطرة «البيشمركة».

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كردستان أمريكا إيران بغداد سي إن إن مليشيات الحشد الشعبي أربيل مسعود برزاني