لماذا أنقذت السعودية حياة «علي صالح» مرة أخرى؟

الخميس 19 أكتوبر 2017 03:10 ص

يخوض السعوديون على نحو متزايد محاولات يائسة لإيجاد وسيلة للخروج من المستنقع اليمني، ويبدو أنهم يعتقدون أن الديكتاتور اليمني السابق، وعدوهم منذ وقت طويل، «علي عبد الله صالح»، قد يساعد في هذا.

وقد توجه فريق طبي روسي إلى صنعاء يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول بموافقة السعوديين، الذين يسيطرون على المجال الجوي اليمني.

وقد أجرى الجراحون الروس عملية جراحية لإنقاذ حياة «علي صالح»، البالغ من العمر 75 عاما، وتقول بعض التقارير إن الجراحة قد جرت في السفارة الروسية في العاصمة.

وليس من الواضح ما هي المشكلة الصحية عند «صالح»، ولكن يبدو أنها نتيجة للحروق الشديدة والإصابات الأخرى التي تعرض لها خلال محاولة اغتيال عام 2011، وفي ذلك الوقت، هرع السعوديون لنقله إلى مستشفى في المملكة، حيث تم إنقاذ حياته، وقد تخلى رسميا عن الرئاسة في العام التالي.

وخلال 34 عاما قضاها رئيسا لليمن، دخل «صالح» مرارا في مناوشات مع السعوديين، وفي عام 1990، مال اليمن نحو دعم العراق في أزمة الكويت، وطرد السعوديون مليون عامل يمني لمعاقبة «صالح» وإسقاط الاقتصاد اليمني.

وفي عام 1994، دعمت الرياض الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين بالدعم العسكري والدبلوماسي، على أمل تقسيم البلاد إلى اثنتين، ولكن فشلت مكائدهم، وظل «صالح» في منصبه، وهزمت العائلة المالكة، وقد دفعوه أخيرا لترك منصبه عام 2014، ليحل محله نائبه.

وقد أقر مجلس الأمن الدولي بفشل «صالح» في التقيد بشروط الأمان التي حصل عليها بعد إبعاده عمن منصبه، الأمر الذي عرض السعوديين للعقوبات، كونهم ساندوا وضغطوا من أجله.

ووفق بعض الحسابات، فقد أخفى «صالح» عشرات المليارات من الدولارات التي نهبها من الاقتصاد اليمني خلال حكمه المستبد للبلاد، في حسابات أجنبية، وقد فرضت الأمم المتحدة حظرا عالميا على سفر «صالح»، وسعت لمصادرة أصوله.

وبعد أن أنقذ الأطباء الروس «صالح»، ذكرت الصحافة السعودية أن «التحالف الذي تقوده السعودية قد تدخل لإنقاذ حياة صالح المريض»، وأشارت التقارير إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تنقذ فيها الرياض «صالح» من إصاباته.

ولا يوجد تفسير لماذا أرادت الرياض لـ«صالح» أن يعيش.

وعلى الأرجح، يأمل السعوديون في كسر تحالف المتمردين بين «صالح» والحوثيين، الذي كان يتصاعد هذا العام.

ويأتي المجهود الحربي السعودي مع تكلفة كبيرة، ويسهم في تراجع الاقتصاد السعودي، كما أن الحملة العسكرية السعودية لا تحظى بشعبية في الغرب، وقد تحولت ساحة المعركة إلى حالة من الجمود الوحشي، أسفرت عن أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وإذا انقسم المتمردون، ربما يتمكن السعوديون وشركاؤهم من الانتصار على الحوثيين.

وكان كل من الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود» وابنه ولي العهد «محمد بن سلمان»، قد راهنا بسمعتهما في هذه الحرب، وقد كانا يخشيان أن تسيطر إيران على اليمن عبر الحوثيين، وأن تخلق بذلك جسرا إيرانيا في شبه الجزيرة العربية، وربما جاء إنقاذ «صالح» لإيجاد وسيلة للخروج من هذه الفوضى.

زيارة روسيا

وكان «سلمان» قد وصل إلى موسكو في وقت سابق من هذا الشهر، في زيارة دولة لم يسبق لملك سعودي أن زارها، وقد أظهر الرئيس «فلاديمير بوتين» استقبالا إيجابيا للغاية، وأشادت وسائل الإعلام الروسية بالزيارة على نطاق واسع، وقد تم الحديث من جديد عن الوعود القديمة من مبيعات الأسلحة.

ومن المعقول أن نفترض أن الملك و«بوتين» قد ناقشا الأزمة اليمنية، وقد انتقدت روسيا صراحة موقف الأمم المتحدة من الصراع، وكانت موسكو هي العضو الوحيد في مجلس الأمن الذي امتنع عن التصويت على قرار مجلس الأمن لدعم التحالف السعودي قبل عامين، وقد أبقت على سفارتها في صنعاء رغم الحصار السعودي.

وقد عمل الروس مع «صالح» خلال وجوده في السلطة، وكان زوال الاتحاد السوفييتي عام 1990 هو ما مهد الساحة لأكبر انتصار له، حيث كان السوفييت يدعمون الدولة الجنوبية ضد صالح في الشمال، واستطاع رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وفقدت روسيا قاعدتها البحرية في عدن نتيجة لذلك.

وقد يأمل الروس في مساعدة السعوديين في اليمن والعمل مع «صالح» على حل من شأنه أن ينعش النفوذ الروسي في العالم العربي، وقد حظي تدخلهم في سوريا باهتمام كبير.

ويقبل السعوديون على مضض أن الدعم الروسي لـ«بشار الأسد» قد تسبب في هزيمة وكلائهم السنة، على الرغم من إنفاقها المليارات، لذا فإن استخدام الأطباء الروس لإنقاذ «صالح» قد يكون تذكرة النجاح في اليمن.

لكن «صالح» لم يعد نفس اللاعب القوي، وقد استولى الحوثيون بشكل منهجي على قواعده ومواليه هذا العام، حيث نمت التوترات بينهما.

والآن، يسعى بعض قادة الحوثيين للتمرد للسيطرة على أمواله لإعادة بناء الاقتصاد، ومع تدهور حالته الصحية، قد لا يكون هناك مخرج للملك «سلمان» إلا بإقرار السيطرة الحوثية على شمال اليمن.

المصدر | بروس ريدل - المونيتور

  كلمات مفتاحية

السعودية علي صالح روسيا حرب اليمن