استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

خراب المدن

الخميس 19 أكتوبر 2017 05:10 ص

 البشر، في مطلق الأحوال، أهم وأغلى بما لا يُقاس من الحجر، حتى لو كان حجراً كريماً، وبالتالي فإن فاجعتنا في أعداد الضحايا المهولة من البشر الذين طحنتهم وتطحنهم الحروب الجارية في بلداننا العربية لا تُقارن، من حيث الفدح والألم بأية خسائر أخرى.

هذا دون أن نتحدث عمّن هجروا من بلدانهم وبيوتهم، وركبوا البحر مخاطرين بأرواحهم وأرواح أطفالهم بحثاً عن موطئ قدم لهم بعيداً عن جحيم الحروب، أو أولئك الذين مكثوا في العراء والمخيمات بعد أن دُمرت بيوتهم ومدنهم وبلداتهم، أكانت في بلدانهم نفسها أو في بلدان الجوار.

رغم ذلك، لا يمكن إلا التأسي على الخراب الذي حلّ بعدد من أعرق وأجمل المدن العربية، التي يمتد عمرها آلاف السنين، وضمَّت في جوانبها من التحف المعمارية ما يدل على الشأو الحضاري الذي بلغته عبر تاريخها الممتد.

فكل مدينة من المدن يجري إخراج العصابات الإرهابية منها تظهر كمجموعة من الركام والأطلال تعلوها أصوات غربان الموت والفجيعة، لتثير في النفس مشاعر الحزن والخسارة على هذا الإرث الحضاري الذي خلّفته أجيال متعاقبة، فدّمر في السنوات السود التي استبيحت فيها هذه المدن بمن فيها، من قبل همج يمقتون الحضارة والحياة وكل ما يمت إليهما.

وقع تدمير مدينة رائعة وعريقة مثل حلب تعاقب على بنائها وتوسعتها الآراميون والسلوقيون والرومان والبيزنطيون والعرب، والتي تحتضن من جميع أطرافها الرابية التي تعلوها قلعتها الشهيرة التي تعد من أشهر قلاع العالم.

وهذا الإرث الحضاري الذي تراكم طبقة فوق طبقة عبر مختلف الحقب الزمنية التي مرّت على المدينة جعل منها واحدة من أكثر المدن السورية ثراءً وحيوية في العطاء الثقافي والفني، ومنها خرجت أسماء مبدعين كبار في شتى حقول الأدب والفن والفكر.

لا تقل مدينة مثل الموصل، في العراق، أهمية عن حلب، حيث اتخذها الآشوريون عاصمة لهم، وحصَّنوها بالأسوار والقلاع التي نشاهد آثارها حتى اليوم، وحسب المصادر فإن العرب سمّوا المدينة بالموصل لكونها ملتقى عدة طرق تربط الشرق بالغرب.

وللأسف الشديد فإن هذه المدينة التي من على مسجدها الأشهر أعلن «الدواعش» عن إقامة دولتهم، وجدناها ركاماً وبقايا مبانٍ محروقة، حين أخرجوا منها بعد سنوات ثلاث عاثوا فيها فساداً.

ولم تسلم مدينة عريقة وجميلة أخرى، هي مدينة الرقة، من المصير ذاته، وهي المدينة التي تجاور نهر الفرات وسده الكبير، وتنهض فيها شامخة القلعة التاريخية وسط بحيرتها الجميلة، شواهد على العراقة.

وكان هارون الرشيد، الذي تعلّق بها، قد جعل منها العاصمة الثانية للدولة العباسية، حيث كانت مقراً لإقامته وعمله في كثير من الأحيان، فاعتنى بعمارها وشيّد فيها القصور، وبعد الحرب الطاحنة غدت دماراً وخراباً يُظهران هول الكارثة.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

خراب المدن حلب الموصل الرقة الرمادي الفلوجة تدمير الإرث الحضاري التحف المعمارية