«الإيكونوميست»: أهواء «بن سلمان» وتقلباته تعصفان باكتتاب «أرامكو»

الجمعة 20 أكتوبر 2017 08:10 ص

سلطت مجلة «الإيكونوميست» الضوء على حالة الارتباك التي تسود خطة طرح جزء من أسهم شركة «أرامكو» السعودية للاكتتاب، واعتبرت أن أهواء وتحكمات ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، هي مصدر هذا الارتباك. 

وفي تقرير لها، الخميس، بعنوان «فوضى اكتتاب أرامكو السعودية: معاناة من أهواء ولي العهد المتقلبة»، قالت المجلة البريطانية إن اقتراح بيع جزء من أسهم «أرامكو» السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، فاجأ الأسواق المالية العام الماضي. 

وآنذاك، وعد «بن سلمان» بأنه سيكون أكبر طرح عام أولي على الإطلاق، مع تقديرات لقيمة الشركة بنحو تريليوني دولار.

وأوضح تقرير المجلة البريطانية إن هذا الطرح جاء جزءًا من خطة تحول الاقتصاد السعودي (رؤية السعودية 2030) القائمة على تقليل اعتماد المملكة على النفط.

وكان الهدف من الطرح تعزيز الشفافية والمساءلة المالية في «أرامكو»؛ التي تعد واحدة من أكثر الممالك المغلقة  في العالم. 

لكن قبل كل شيء، فإن من شأن الطرح أن يعزّز صورة الأمير الشاب باعتباره وجهاً تحديثياً جريئاً يقترب من وراثة العرش، حسب ترجمة لصحيفة «العربي الجديد».

وأضاف التقرير: «مع الأسف، يبدو أن قلة صبر الشباب نالت منه (بن سلمان)، وذلك، مع ميل الأمير الشاب إلى التدخل في كل كبيرة وصغيرة، والتذبذب حول المكان الأنسب لإدراج أرامكو تسبب في حالة تأخير وارتباك، وقد بلغت الأمور ذروتها هذا الأسبوع عندما قدّم مستشارون ومديرون تنفيذيون لم يكشفوا عن هويتهم تقارير متضاربة، ما يشير إلى حالة تمرّد داخل الشركة».

وتابع التقرير: «يبدو أن مصدر الارتباك هو القصر الملكي؛ فمنذ البداية، أصرّ ولي العهد على ألا تقدّر قيمة الشركة بأقل من تريليوني دولار، وعلى ضرورة أن يجري الاكتتاب العام في العام المقبل. ولم يبدِ تفهماً كافياً لتهديد الدعاوى القضائية المتعلّقة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي قد تنجم عن إدراج الشركة في بورصة نيويورك، أو لتعقيدات طرح الأسهم في بورصة لندن؛ إذ من شأن جهود تخفيف شروط إدراج شركة أرامكو أن يثير غضب المؤسسات المستثمرة فيها. وقد أخطأ في افتراض أن الجهات الفاعلة الأخرى في عالم التمويل ستركع لمجرد وعود المصرفيين والاستشاريين برسوم ضخمة».

ويرى مستشارو المملكة فيما بينهم أن قرار إدراج الشركة في سوق نيويورك أو لندن تأجّل، وأن الخطة في الوقت الحالي «هي إصدار أسهم في بورصة «تداول» في الرياض، مع إمكانية فتح اكتتاب خاص للمستثمرين الصينيين.

ولفت التقرير إلى أن «خالد الفالح»، وزير النفط، ورئيس شركة «أرامكو»، أصرّ على أن ينطلق الاكتتاب العام في الداخل والخارج في العام المقبل كما كان مقرراً في الأصل. ويستخف مسؤولو الشركة بفكرة الإدراج في سوق «تداول» فقط، والتي من شأن طرح شركة «أرامكو» للاكتتاب العام أن يغمرها عن آخرها.

ويرى مستشارون أن الإدراج في بورصة «تداول» فقط، بالإضافة لإجراء اكتتاب خاص، قد يكون محاولة خاطئة لتخطّي بعض هذه الصعوبات من قبل «بن سلمان»؛إذ ينظر إليها كوسيلة لتعزيز أسواق رأس المال السعودية، ولتفادي انطباع بيع ثروة العائلة للأجانب، وفق التقرير.

وعاد التقرير للتشديد على وجود كمّ محدود من رأس المال في المملكة، يرى بعضهم أنه لا يمكن للإدراج في بورصة الداخل أن يحصل على أكثر من 100 مليار دولار من الأموال التي يحتاج إليها «بن سلمان» لما يسمى «صندوق الاستثمار العام» الخاص بتمويل الاستثمارات غير النفطية في البلاد.

ويقول مستشارون، حسب التقرير، إن المملكة تدرس أيضاً ما تلقته مؤخراً من اهتمام شركات النفط الصينية وغيرها من المستثمرين الآسيويين الحريصين على حصة تقارب 5% من «أرامكو»، وما يجذبهم بالضبط هو أن ذلك قد يعزز العلاقات بين مصدر الإنتاج الأكبر للنفط عالمياً ومصدر الاستهلاك الأضخم.

لكن من غير المرجح أن يؤمن ذلك لولي العهد قيمة تريليوني دولار التي يريد، إلا إذا ضمن صفقات كبيرة من النفط الرخيص على هامش ذلك.

وأشار تقرير المجلة البريطانية إلى أنه ليس الارتباك مريحاً لـ«أرامكو»، والتي يُفترض، حسب شركات النفط، أن تكون رهاناً جذاباً للمستثمرين الأجانب؛ فهي تملك احتياطيات من النفط والغاز تفوق احتياطيات شركة «إكسون موبيل»، أكبر منافس خاص لها، بـ15 مرة، كما أنها تنتج أكثر، وبكلفة أقل للبرميل الواحد، ولديها عدد أقل من الموظفين.

بالإضافة إلى ذلك لديها عدد كبير من المهندسين الشباب (بما في ذلك الشابات)، وكذلك تكنولوجيا قادرة تقريباً على التقاط بحر من النفط تحت رمال الصحراء.

ويقول المديرون التنفيذيون إن الكفاءات الموروثة منذ أيام الملكية الأمريكية ما تزال قائمة.

ويبدو أن العديد من «الأرامكونز»، كما يعرف مسؤولو الشركة، ينظرون إلى الاكتتاب العام على أنه إلهاء غير مرحّب به، لكن ما يلطّف الأمر بالنسبة إليهم هو الهيبة التي يتوقعونها من إدراج شركتهم في سوق دولية، حسب تقرير المجلة البريطانية.

واختتمت المجلة الأمريكية تقريرها بالقول: «لكن لتحقيق هذا الهدف قد يحتاج بن سلمان إلى مزيد من التفكير في ما يعنيه الاكتتاب العام. حكومته، هي المساهم الوحيد حالياً في شركة أرامكو، وهي طبعاً صاحبة الكلمة النهائية. لكنه ما لم يكن مستعداً لإرخاء الزمام قليلاً مع السماح للاكتتاب العام بالمضي قدماً بوتيرة حذرة، وكذلك السماح للمستثمرين بتحديد القيمة المناسبة للشركة، فقد يكون من الأفضل له أن يتخلّى عن الأمر تماماً».

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية أرامكو بريطانيا الإيكونوميست اكتتاب أرامكو