«عمر غباش».. سفير الإمارات الأهم من روسيا إلى فرنسا

الأحد 22 أكتوبر 2017 06:10 ص

في المرة الأولى التي تحدث فيها «عمر سيف غباش» علنا، أمضى شهورا في التحضير. وبوصفه سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى روسيا، كان قد احتاج إلى إذن خاص من وزارة الخارجية لإلقاء ملاحظات في كلية لندن الجامعية، ولم يكن مشهورا في ذلك الوقت أن يتحدث الدبلوماسيون الإماراتيون إلى وسائل الإعلام. وقد سار «غباش» على خشبة المسرح في مارس/آذار عام 2013، وهو متأكد، كما يقول، أنه سيكون هناك أخطاء.

وبدلا من ذلك، مس حديثه الذي دام 30 دقيقة، تحت عنوان «ليبرالية عرضية»، وترا لدى الحضور، وعزز من رصيده في الداخل، وحول «غباش»، البالغ من العمر 46 عاما، إلى نموذج جديد لفكرة جديدة. ويقول «غباش»: «هناك هذه الأسطورة بأننا (في الخليج) بلدان شابة، وليس لدينا الخبرة ... وأننا لا نملك الذكاء»، وأضاف: «أعتقد أننا بحاجة إلى التوقف عن هذا القول»

وبعد 4 أعوام، أصبح «غباش» سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا، متحدثا بحكم الواقع عن بلاده وطموحاتها العالمية. وكثيرا ما يوصف بأنه أهم سفير إماراتي بعد ممثل البلاد في واشنطن، وهو منصب يتوقع الكثير أن يملأه يوما واحدا. وتسمح له موهبته على صياغة الرسائل بعناية بمعالجة القضايا المحرمة، كما لا يمكن لغيره.

وتعود لغة «غباش» الراسخة إلى تاريخ شخصي بحت. وقد عمل والده «سيف» لفترة وجيزة كأول وزير دولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، قبل اغتياله في مطار أبو ظبي عام 1977 (وكان عمره 6 أعوام في ذلك الوقت)، حيث أصيب بعيار ناري كان يقصد به الوزير السوري الذي كان يقف خلفه.

وبعد أن ترعرع على يد أمه الروسية، يقول «غباش» أنه استوعب مزيجا من الخصائص، بما في ذلك من الوالد الذي تخيله، استنادا إلى الموروثات التي كان يملكها، مثل كتب الفلسفة الألمانية، وقراءاته في الشعر العربي على الشاطئ كل يوم جمعة. وقد كان «غباش» يفكر باللغة الإنجليزية، ولكن ملاحظات وخربشات والده باللغة العربية كشفت له أفكارا جديدة. وأصبح يجيد الروسية كوسيلة للتفاهم مع والدته بسبب ترعرعه بالقرب منها.

وفي أواخر سن المراهقة، بدأ «غباش» يتساءل لماذا لا يهتم أحد بدعم لائحة أدبية عربية، كما يوجد في الأدب الألماني أو الروسي. وفي إحدى وظائفه الأولى، في مؤسسة في أبو ظبي، أقنع المجلس بدعم الجائزة الدولية الأولى للخيال العربي، المعروفة اليوم باسم «البوكر العربي». وفي عام 2005، افتتح معرض الفن الثالث، الذي أصبح «واحدا من محركات» الفنون البصرية في دبي، بحسب ما قاله نيل فان دير ليندن، مؤلف دليل الخليج الفني.

وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان «غباش»، الذي درس القانون في أكسفورد والرياضيات في جامعة لندن، مستعدا لمشروع جديد. ويقول: «نظرت إلى خلفيتي الروسية، وإلى إحصاءات التجارة (المنخفضة) بين روسيا والعالم العربي، وفكرت داخل نفسي، ربما يجب أن أحاول سد هذه الفجوة». وبدأ السفر إلى موسكو، وبناء الاتصالات، من أجل المزيد من العلاقات التجارية. وقد لفت انتباه عضو في الأسرة الحاكمة في الإمارات، وعين بعد ذلك سفيرا عام 2008.

وفي روسيا، حافظ «غباش» على خطته الريادية، وكان على استعداد دائم «لإنجاز الاتفاقيات داخل وزارة الخارجية الإماراتية»، كما قال زميل سابق غير مخول بالتحدث إلى الصحافة. وقد دفع إلى الأمام باستراتيجيتين حددتا السياسة الخارجية للإمارات بعد ذلك في أعقاب الربيع العربي في أواخر عام 2010. الأولى، هيالحاجة إلى علاقات اقتصادية لتأمين التحالفات السياسية.

والثانية هي التي ظهرت في استمرار الإمارات وروسيا في العمل معا رغم تعارضهما في العديد من المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية. حيث أثبت «غباش» أن «الصدع الحادث في السياسة الإقليمية يتم وفقا لخطوط مختلفة تبعا للقضية»، كما يقول كريستيان كوتس أولريخسن، الزميل في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر التابع لجامعة رايس.

وبعد اندلاع احتجاجات ضد الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء المنطقة عام 2011، تضررت الإمارات من فوز الإخوان المسلمين بالانتخابات واكتسابهم النفوذ في مصر وتونس وسوريا وتركيا. وردا على ذلك، قال غباش إنه شعر بأنه «من الواجب الوقوف والدفاع» عن القيم الليبرالية، على حد وصفه. وفي ليبيا، دعمت البلاد الجهود التي يقودها حلف شمال الأطلسي «الناتو»، تلك الجهود التي أطاحت بمعمر القذافي من السلطة، وقدمت أبو ظبي مساعدات للحكومة المصرية العسكرية التي أطاحت بجماعة الإخوان من السلطة عبر انقلاب عسكري دموي.

وفي أواخر عام 2015، انضمت الإمارات إلى هجمات التحالف السعودي في اليمن المجاورة، بهدف ردع الحوثيين المتحالفين مع إيران. ثم، في يونيو/حزيران هذا العام، قاد البلدان تحالفا لفرض مقاطعة على قطر، التي اتهماها بتمويل الإخوان المسلمين.

وكانت تحركات أبوظبي قد أغضبت موسكو في بعض الأحيان، حيث عارضت روسيا الإطاحة بالقذافي، وكانت حليفا استراتيجيا لإيران. ومع ذلك، كدبلوماسي، يرى «غباش» الفرص وراء كل صراع. ويقول: «أحب استغلال الفرصة للتحقق من الشقوق في العلاقة ومحاولة فهم ما يمكننا القيام به لتحسينها». وقد وجدت الإمارات وروسيا مؤخرا أرضية مشتركة، من خلال مواجهة الإسلاميين الإقليميين من تنظيم الدولة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ويصر «غباش» على أن النشاط الجديد في أبوظبي ينبع من التفاؤل الذي ساعد على تحويل الصحراء الجرداء إلى مدينة مزدهرة. ومع ذلك، قد لا يغطي هذا التفاؤل كافة تحركات السياسة الخارجية النشطة في البلاد، حيث أنه في حين تدعي الإمارات تحسن المناطق التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن بشكل مقبول، فإن هذا البلد يعد الآن موقعا لأكبر أزمة إنسانية في العالم. وفي الوقت نفسه، يرفض العديد من صناع السياسة في الولايات المتحدة والغرب مقاطعة قطر، ويرون أنها «انحراف لا لزوم له عن القضايا الحقيقية»، كما يقول أولريخسن

والآن، مع تمكنه من إدارة هذه المواقف، يتوجه «غباش» إلى باريس مع تطلع كبير للاستفادة. وإذا نجح، وفقا لفان دير ليندن، فسوف «يمثل الدبلوماسي الذي ترغب دولة الإمارات في الاعتماد عليه»، وقد نتوقع له المزيد من المشاركة. وفي تعليق بسيط لـ«غباش» يقول: «آمل أن أكون قادرا على إعطاء انطباع للدبلوماسيين العرب الآخرين أن هناك أشياء يمكننا القيام بها».

المصدر | إليزابيث ديكنسون - أوزي

  كلمات مفتاحية

الإمارات روسيا فرنسا عمر غباش