«القدس العربي»: هل يستطيع محور السعودية مصر إبعاد العراق عن إيران؟

الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 01:10 ص

لفتت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون والتي طالب فيها «الميليشيات الإيرانية» بمغادرة العراق الأنظار وأثارت ردود فعل عديدة كان أهمها بالطبع رد فعل إيران نفسها التي انتقد وزير خارجيتها محمد جواد ظريف دور أمريكا في محاولة عقد «تحالف بين العراق والسعودية» للتصدي لنفوذ طهران فيها.

ويدخل في إطار هذا «التحالف» المذكور إنشاء السعودية والعراق مجلسا تنسيقيا بين البلدين (حضر الوزير الأمريكي حفل تدشينه في الرياض)، ومن علاماته أيضاً زيارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى السعودية ومصر والأردن.

وقام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بحضور العبادي الأحد الماضي، بالقيام بما تتطلبه الموجبات البلاغية للاتجاه نحو «التحالف» المأمول من أحاديث عن «وحدة العراق» وتهنئته بالإنجازات الأخيرة، وهو يفترض أن تتجاوز الانتصارات على تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلى سيطرة القوات العراقية و«الحشد الشعبي» على مدينة كركوك وانتزاعها من الأكراد.

تقارب محور السعودية ـ مصر ـ الإمارات مع العراق، الذي تصاعد خلال الأشهر الأخيرة، كان من تجسداته أيضاً استضافة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في الرياض وأبو ظبي وأمس في الأردن، وهو المعروف بانتقاداته الحادة للنخبة السياسية العراقية، ونزاعه المرير مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أحد أهم رجال طهران في بغداد.

وهو ما أعطى تجسيداً لفكرة وجود تيّار عربيّ شيعيّ منزعج من السيطرة المحكمة لإيران على شؤون العراق ومستعد للاستثمار في اتجاه مماحكة إيران وتسويق سياسة محور السعودية ـ مصر ـ الإمارات داخل العراق.

ان سياسة دعم استقلال العراق عن إيران هي مصلحة بالتأكيد للعراق نفسه قبل أن تكون مصلحة للمحيط العربي، غير أن سياسة محور السعودية لا تقوم على أسس مكينة وهو ما يجعلها مؤهلة للانهيار بسرعة.

يعود ذلك إلى أن دعم انتصار بغداد على «الدولة الإسلامية» لن يحلّ المشكلة الأساسية التي ساهمت في ظهور هذا التنظيم، وهي النكبة الكبرى التي تعرض لها العرب السنة منذ الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 ومروراً بكوارث حل الدولة والجيش العراقيين وقوانين «الاجتثاث» وأشكال الانتقام والقمع والبطش، كما أن الانتصار على الأكراد سيجعلهم هم أيضاً مركزاً كبيراً للمظلومية القومية.

تقوم نظرية «دعم وحدة العراق» إذن على تهشيم عمودين من أعمدة هذه الوحدة وهم العرب السنة والأكراد، وبالتالي فإن «الهجمة» الدبلوماسية لمحور السعودية تتركز على جذب الشيعة العرب بعيدا عن إيران.

وهي فكرة تستحق الاشتغال عليها لو أن محور السعودية ـ مصر قائم على مبدأ القومية العربية (كما كان الحال أيام جمال عبد الناصر)، أو أنه يقدم عناصر جذب سياسية كبرى، كأن يقدم أنموذجا سياسيا يجمع بين الليبرالية الاقتصادية ونشر الديمقراطية ومبادئ المدنية والعدالة الاجتماعية والسياسية!

لكن هذا المحور، للأسف، يقدم أشكالاً مرعبة تجمع بين القمع السياسي والاجتماعي والفساد الاقتصادي، كما أنه يقدم أشكالاً من التبعية السياسية الركيكة للولايات المتحدة الأمريكية في وقت تعاني فيه صورة واشنطن العالمية تحت إدارة دونالد ترامب نقدا عالميا شديدا.

«استراتيجية» المحور السعودي ـ المصري نحو العراق إذن قائمة على أسس هشة وأوهام مكينة، ومنافستها لإيران في مجالات قوتها الطائفية والسياسية والعسكرية التي تمارسها على الشيعة العرب في العراق هي منافسة غير قابلة للنجاح.

  كلمات مفتاحية

السعودية مصر الإمارات العراق إيران الشيعة العرب العرب السنة الأكراد