استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«يونسكو» من دون أميركا!

الأربعاء 25 أكتوبر 2017 10:10 ص

في حين انشغل العالم بالتسابق المحموم على إدارة منظمة اليونيسكو بين المتشاكسين العرب والمنافِسة الفرنسية التي خطفت اللقب من بين أيدي المرشحين له، كان خبر آخر قد جاء وسط ذلك الزحام ليصرف الأنظار عن التسابق على إدارة المنظمة إلى التسابق على الانسحاب من المنظمة بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.

وقد تناولت في مقالتي السابقة خلفيات السباق والنتيجة التي آلت إليه، وسأتناول اليوم خلفيات الانسحاب والنتائج التي قد تؤول إليه؟

لم يكن الانسحاب الثاني للولايات المتحدة من اليونيسكو مفاجئاً كالانسحاب الأول في عام 1984. بدأت أعراض هذا النشوز الأميركي عن اليونيسكو منذ عام 2011 في أعقاب التصويت التاريخي الشهير الذي جعل فلسطين دولة كاملة العضوية في المنظمة. حينها أعلنت أميركا قرارها بالتوقف عن دفع المساهمة الاعتيادية المقررة على أعضاء المنظمة، ولم تنسحب كما فعلت من قبل، بل بقيت طوال خمس سنوات عضواً يمارس هيمنته على المنظمة بالمجّان!

طوال المدة من 2011-2017 اتخذت اليونيسكو عدة قرارات مزعجة لأميركا وموجعة لإسرائيل، ومعظمها لمصلحة حماية التراث الفلسطيني من العدوان الإسرائيلي، ولم يعارض تلك القرارات سوى أميركا وأحياناً ألمانيا، بينما صوتت معها معظم الدول الأوروبية، فلماذا لم يتم انسحاب الدولتين (الشقيقتين) إلا الأسبوع قبل الماضي، بحجة انحياز المنظمة ضد إسرائيل؟!

المؤكد أن النفوذ الفلسطيني سبب رئيسي للانسحاب، لكن هناك أسباباً متضافرة معه، من أبرزها:

ظلت اليونيسكو، في حقب طويلة من تاريخها، المنظمة المتمردة على النفوذ الأميركي والهيمنة الشمولية على المنظمات الدولية، منذ معاندة مديرها الأقوى والأشهر أحمد مختار أمبو لها عام ١٩٨٤ حتى دخول فلسطين القاهر لها أيضاً عام 2011، وقد فصّلتُ في هذا المحور عبر مقالتي عام 2015 هنا تحت عنوان: اليونيسكو... المنظمة المعاندة للولايات المتحدة! حيث الإشارة إلى الإحساس الأميركي بالشلل داخل اليونيسكو بسبب غياب سلطة (الفيتو) عنها!

وبعيداً من تلك المنازعات بين الدولة العظمى والمنظمة (العظمى)، فإن العارف بالمزاج الأميركي والمتابع للنشاط الأميركي داخل منظمة التربية والعلوم والثقافة سيستقرئ بسهولة غياب الاستمزاج بين الطرفين منذ تأسيس المنظمة، فالمؤسسات الأميركية المعنية باختصاصات المنظمة لا تلقي أي بال أو اعتبار للقيم التي تضعها اليونيسكو في قراراتها في شأن التداول الثقافي أو الاتصالي أو الحفاظ على التراث خصوصاً.

هذا اللا استمزاج، جعل العلاقة بين أميركا (الدولة العظمى) وفرنسا (دولة المقر) علاقة يونسكية متوترة دوماً، ويتصاعد التوتر عندما يتم العمل على قرارات تتعلق بآلية التثاقف بين جهات العالم، كالصراع الشهير الذي حدث بين الدولتين إبان إقرار الاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي عام 2005، وقد شهدتُ حينذاك داخل قاعات المنظمة تلاسناً للمرة الأولى أشهد مثله بين دولتين غربيتين!

عطفاً على السبب السابق، فإن توقيت إعلان الانسحاب الأميركي في منتصف السباق لإدارة المنظمة كان محيّراً للكثير، وقد كتبتُ في منصة «تويتر» حينها أن الانسحاب الأميركي هو مؤشر على قرب فوز مرشحة فرنسا بالمنصب، وهو ما حدث فعلاً.

ففرنسا لن تسمح لأميركا بالبقاء في المنظمة وتكوين الاتجاهات فيها من دون أن تدفع حصتها الملزمة، وهذا رأي تيار عريض من الدول الأعضاء داخل المنظمة تقوده فرنسا منذ عام 2011، والآن ستصبح فرنسا هي المديرة لمزاج المنظمة وستعمل على إنفاذ ذلك المطلب القديم: فإما أن تدفع أميركا أو تخرج. ولذا ربما آثرت القوة العظمى أن تخرج بيدها لا بيد فرنسا.

هل ستتضرر أميركا من خروجها من اليونيسكو؟ ربما نعم، لأنها لم تعد إليها في عام 2003 بعد غياب عشرين عاماً إلا لأنها تعي الأهمية المتزايدة لمنظمات القوة الناعمة!

هل ستتضرر اليونيسكو من خروج أميركا؟ مؤكد نعم، إذ ستعمل أميركا على تهميش قرارات اليونسكو في المحافل الدولية، ما لم تقم دولة المقر فرنسا بصنع تحالف أوروبي يحافظ على هيبة اليونسكو ضد التهميش الأميركي.

وأختم بعبارة قلتها في مقالة سابقة أيضاً، باتت الآن مناسبة أكثر:

كنا نردد لسنين طويلة أن المنظمات الدولية ما هي إلا لعبة، بات واضحاً الآن لمن يتابع ما يجري أخيراً فيها أن المنظمات الدولية ليست لعبة... بل هي ملعب!

* د. زياد الدريس كاتب سعودي ممثل بلاده لدي اليونسكو سابقا.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

اليونسكو أمريكا الانسحاب من اليونسكو (إسرائيل) المنظمات الدولية فلسطين