«مذبحة الواحات».. الطبيعة الجغرافية تعوق البحث عن الضابط المفقود

الخميس 26 أكتوبر 2017 09:10 ص

وسعت وزارة الداخلية المصرية أعمال البحث عن مرتكبى «مذبحة الواحات»، والرائد «محمد الحايس»، المختفي، منذ الهجوم الذي وقع الجمعة الماضي.

كما تواصل قوات الأمن المصرية عملياتها في الصحراء الغربية، لمطاردة المسلحين المتورطين في اشتباكات الواحات البحرية (350 كيلومترا جنوب غربي العاصمة) وتداهم القوات كهوفا ومغارات في المنطقة.

وكشف خبراء في الأمن الوطني أن «الطبيعة الجغرافية الوعرة في تلك المنطقة تحتاج عملا ضخما كما أن تطويق مناطق صحراوية لمنع فرار المتطرفين إلى ليبيا، أمر في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى الدفع بقوات كبيرة وعمل متكامل تشارك فيه قوات من أجهزة مختلفة».

وقالت مصادر إن القوات الأمنية انتقلت إلى مناطق جديدة فى صحراء «الفيوم وبني سويف والوادي الجديد»، بعدما أكدت التحريات أن العناصر المتورطة في الحادث اتخذتها مخبأ لها للهروب من المطاردات الأمنية، بحسب صحيفة «المصري اليوم» الخميس.

وقالت مصادر بمديرية أمن الجيزة إن المأمورية التي خرجت لتمشيط صحراء الواحات لم تعثر على أي أثر لـ«الحايس» أو المسلحين المتورطين فى الواقعة.

وأشارت إلى أن القوات انتهت من تمشيط أكثر من 700 كيلو بالمنطقة، بداية من مدينة 6 أكتوبر حتى الكيلو 300 بطريق الواحات، واستعانت القوات بعناصر من البدو كدليل طريق لمعرفة المدقات التي قد تتخذها تلك العناصر للهروب، لافتة إلى أنها داهمت كل المحاجر القديمة والجديدة وحقول البترول للبحث عن «الحايس»، لكنها لم تجد له أثرًا.

وأشارت المصادر إلى أن تحريات أجهزة الأمن توصلت إلى معلومات بشأن أسماء بعض منفذي حادث الواحات، موضحا أن تلك العناصر ليس لها مكان ثابت، فهي دائمة التنقل والحركة في الصحراء الغربية، مستغلة المساحات الواسعة التي تتخللها دروب تمتد لمئات الكيلو مترات للهروب عن أعين قوات الأمن.

وكشفت مصادر مطلعة أن 5 مديريات أمن من «الجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا والوادي الجديد» تعمل معا للثأر من منفذي الحادث وضبط المتورطين فيه ومَن يمولهم، وذلك بالتعاون مع القوات المسلحة، مؤكدة أنه تمت الاستعانة بخبراء مفرقعات بالوزارة لتمشيط المنطقة قبل مداهمتها بأحدث الأجهزة، تحسبًا لوجود مواد متفجرة.

وقال مصدر أمني بقوات قطاع شمال الصعيد إن القوات تحركت من الكيلو 135، وبدأت التمشيط بالفيوم وبني سويف والوادي الجديد، التي من المتوقع أن تكون العناصر الإرهابية قد هربت إليها بعد تنفيذ الحادث، وأشار إلى أن المدرعات توغلت في الصحراء الغربية من ناحية الفيوم وبني سويف، وداهمت عددا كبيرا من المحاجر، وتم تفتيشها بالكامل، وشدد على أن القوات لديها معلومات كاملة بالأسلحة التى تستخدمها تلك الخلية، وهي قذائف صاروخية «آر. بي. جي» وقنابل يدوية وبنادق آلية وغيرها من الأسلحة الثقيلة.

الطبيعة الجغرافية

ولم يتبن فصيل محدد مسؤولية الاشتباكات التي جرت الجمعة الماضية، وهو ما عزاه عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب «خالد عكاشة» إلى مواصلة المطاردات والملاحقات حتى الآن.

ويوضح «عكاشة»، الذي عمل على مدى سنوات في جهاز الأمن الوطني، منها 10 سنوات ضمن قوات مكافحة الإرهاب في الجهاز، أمضى بعضها في الصحراء الغربية، أن الطبيعة الجغرافية الوعرة في تلك المنطقة تغيب عن أذهان كثيرين لدى تحليل الهجوم وتداعياته.

وقال إن «الملاحقات ما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، لكن ما يجب الالتفات إليه أن ما يُقال في جملة يحتاج عملا ضخمًا لتنفيذه. فمثلًا، الحديث عن تطويق مناطق صحراوية لمنع فرار المتطرفين إلى ليبيا، أمر في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى الدفع بقوات كبيرة وعمل متكامل تشارك فيه قوات من أجهزة مختلفة»، بحسب تصريحات لصحيفة «الحياة» اللندنية.

وأشار إلى أنه المؤكد حتى اللحظة أن معسكر الإرهابيين في «الواحات البحرية» امتداد لمجموعات متطرفة في ليبيا، على الأرجح مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وتحديدا جماعة «مرابطون» التي ينخرط فيها ضابط الجيش السابق هشام عشماوي.

وأوضح أن تلك الفرضية مرجحة لأن الاشتباكات استخدم فيها «التكتيك العسكري» ذاته الذي اتبعه عشماوي في هجومين متتابعين على مكمن للجيش في منطقة الفرافرة في الصحراء الغربية عام 2014.

وقال مصدر مطلع على التحقيقات لـ «الحياة» إن شهادات الناجين من الهجوم أفادت بأن عربا كانوا بين المسلحين، لافتا إلى أن لهجتهم دلت على أن بينهم مواطنين من المغرب العربي، وعلى الأرجح من تونس.

ولم يستبعد عكاشة تلك المعلومات، وقال إن «القاعدة في ليبيا تضم مزيجا من المتطرفين من مختلف الجنسيات، وهذا أمر غير مستبعد على الإطلاق وليس مثيرًا للاستغراب، على العكس هو متوقع إلى درجة كبيرة».

وأشار «عكاشة» إلى أن تلك المجموعة ليست منشغلة الآن بتبني العملية أو نشر تفاصيل عنها، قدر انشغالها بالانسحاب إلى ملاذ آمن سيكون في الأراضي الليبية للفرار من الملاحقات الحاصلة حاليا.

وأضاف أن أجهزة الأمن وضعت «سيناريوات متوقعة لمسارات فرار المسلحين وتم نصب مكامن ثابتة فيها، وسط مداهمات تنفذها قوات متخصصة لمحيط تلك المسارات، بما في ذلك الكهوف الجبلية والمغارات، ومسح السفوح والوديان، وتفتيش المزارع ونشر المخبرين السريين، والتعاون مع السكان المحليين في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «هناك ضابط ما زال مفقودا، وعلى الأرجح خطفه المسلحون وتسعى الأجهزة المختلفة إلى إنقاذه، وعدم منح المتطرفين فرصة للإفلات به خارج الحدود (في إشارة إلى نقيب الشرطة محمد الحايس)».

ولفت إلى أن «السيناريو الأول في عقل الأجهزة الأمنية أن المتطرفين يسعون إلى الفرار إلى ليبيا، لكن مع تضييق سبل الوصول إلى الحدود ونظرًا للطبيعة الجغرافية الصعبة في الصحراء الغربية، ربما يلجأ المسلحون إلى الفرار داخل الأراضي المصرية باتجاه الجبل الجنوبي الغربي، خصوصًا في ظل عدم استبعاد وجود خلايا كامنة في الظهير الصحراوي الغربي لمحافظات الصعيد، بعد تصفية عدد من تلك البؤر».

وتابع أن «هذا التصور أيضا لا يغيب عن العقل الأمني، إضافة إلى العمل على قطع الطريق عليهم ومنعهم من الوصول إلى الجبل الجنوبي».

وأوضح «عكاشة» أن أجهزة الأمن في تلك اللحظة غير منشغلة إلا بتوقيف العنصر المتطرف ووضع اليد على السلاح الذي استخدمه، من أجل تقديم تلك الأدلة إلى الأجهزة القضائية للتصرف فيها.

وكثفت أجهزة الأمن الكمائن المنتشرة عند مداخل الطرق المؤدية من وإلى سلسلة جبال البحر الأحمر، والجبل الغربي من المنيا (وسط) وحتى أسوان في جنوب مصر، إلى جانب تنفيذ عمليات دهم للأماكن التي يشتبه في تحصن عناصر إرهابية فيها، بالتزامن مع الحصار المفروض على منطقة «الواحات البحرية» في الجيزة والطرق المؤدية منها إلى صحراء الوادي الجديد.

وتقوم طائرات حربية بعمليات تمشيط واسعة للجبل الغربي وسلسلة الجبال الواصلة بين الوادي الجديد وأسوان والأقصر، لمراقبة أي تحركات مشبوهة.

وفي محافظتي قنا والبحر الأحمر، واصلت مجموعات قتالية تمشيط ومداهمة المناطق الجبلية المتاخمة لمدن المحافظتين.

وفي الأقصر، جرت عمليات تمشيط لكل المناطق الجبلية وتم تعزيز قوات الشرطة في الطرق الصحراوية، خصوصًا المثلث الواقع ما بين جبل «الرزيقات» وطريقي أسوان والوادي الجديد.

وفي المنيا وأسيوط وسوهاج، تواصلت عمليات الحصار لكل مداخل ومخارج الجبل الغربي الذي تتفرع منه طرق جبلية تربطه بالأراضي الليبية.

ووقعت اشتباكات عنيفة، الجمعة الماضي، بين مسلحين يرجح أنهم ينتمون إلى تنظيم «المرابطون» الذي يتزعمه ضابط الجيش السابق «هشام عشماوي»، مع قوات شرطة، استمرت لساعات.

وتضاربت الأرقام بشأن عدد قتلى الشرطة المصرية، إذ أكدت السلطات أن عددهم لم يتجاوز 17، في حين نقلت وكالة «رويترز»، عن 3 مصادر أمنية مصرية قولها إن عدد القتلى وصل إلى 52 قتيلا.

بينما قالت مصادر أمنية مصرية لـ«فرانس برس» إن عدد قتلى قوات الأمن في هجوم الواحات ارتفع إلى 55، ونقلت تقارير صحفية مصرية عن مصادر أمنية بوزارة الداخلية قولها إن عدد القتلى بلغ 58 من أفراد الشرطة (23 ضابطا و35 مجندا)، وقالت مصادر إن المسلحين يحتجزون رهائن من الأمن بينهم ضباط.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مذبحة الواحات الطبيعة الجغرافية الصحراء الغربية