«نيويورك تايمز»: سنة العراق بين الاعتقال والتشريد والتهميش

الجمعة 27 أكتوبر 2017 07:10 ص

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن وضع السنة في العراق يزداد سوءًا حتى مع قرب القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» في البلاد، مشيرة إلى أن عدد كبير منعهم رهن الاعتقال حاليا، فيما تم تشريد مئات الآلاف منهم من ديارهم منذ اجتياح التنظيم للبلاد، علاوة على ذلك فإن الساسة السنة مهمشون حاليا وليس لديهم أي تأثير في صناعة القرار.

وأضافت الصحيفة، الخميس، أنه بعد 14 عاما من انتهاء الغزو الأمريكي للعراق، وإنهائه لعقود من الهيمنة السنية، فإن العرب السنة في العراق يكافحون لاستعادة الأهمية والتأثير السابق، لا سيما بعد الإطاحة بهم من الوظائف الحكومية الهامة ومن المناصب العليا بالجيش من قبل حكومة ما بعد «صدام حسين» (الرئيس الأسبق)، وأدى عجزهم وغضبهم إلى انخراط بعضهم في حركات مسلحة.

وأشارت الصحيفة إلى أن عدم مساعدة الحكومة العراقية الحالية التي يهيمن عليها الشيعة الموالون لإيران، للعراقيين السنة الذين يحاولون إعادة بناء حياتهم، من المرجح أن يكون له عواقب طويلة الأجل على استقرار البلاد وأمنها.

وكشفت «نيويورك تايمز»، أنه لا يزال هناك أكثر من 3.1 مليون عراقي، غالبيتهم العظمى من السنة، مشردين من ديارهم بعد ثلاث سنوات من المعارك مع «الدولة الإسلامية»، وذلك بخلاف عودة 2.3 مليون آخرين.

وبحسب الصحيفة، فإنه في الوقت الذي تنتظر فيه المدن السنية التي دمرها «الدولة الإسلامية»، إلى إعادة البناء، لم يتمكن القادة السنة من تقديم أي مساعدة لبني طائفتهم، وذلك في ظل حكومة تعاني من أزمة مالية كبيرة، وتركز أكثر على محاربة مسلحي التنظيم، ثم مشاكلها مع الأكراد مؤخرا، إثر استفتاء الانفصال الذي نظمه إقليم كردستان، وترفضه الحكومة العراقية.

قمع وحشي

ولفتت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه كانت هناك توقعات كبيرة وآمال سنية، عندما أصبح «حيدر العبادي» رئيسا للوزراء في عام 2014 أنه يمكنه أن يطوي صفحة الحكم الطائفي والانقسام بين السنة والشيعة والأكراد، الذي عززه سلفه «نوري المالكي»، وكسب ثقة السنة، إلا أنه فشل في ذلك، أو لم يسع إليه في ظل ارتمائه في أحضان إيران. 

وبدلا من ذلك، يقول زعماء السنة إن «العبادي» تخلى عنهم لأنه أقام علاقات أوثق مع إيران، وهي الثيوقراطية الشيعية المتشددة، وتمارس طهران الآن تأثيرا هائلا على الاقتصاد والعسكرية والحكومة العراقية.

ونقلت الصحيفة عن النائب «حامد المطلق»، الذي يمثل مدينة «كرمة» بمحافظة الأنبار (غرب) في البرلمان، إن حكومة «العبادي» كانت أكثر تركيزا على العمل مع إيران والميليشيات الشيعية المسلحة الإيرانية، من مساعدة السنة على إعادة البناء.

وأضاف: «إننا الآن أشخاص نازحون ومهمشون تماما، ووضع السنة يزداد سوءا يوما بعد يوم، .. لدينا حكومة فاسدة تسيطر عليها نفوذ أجنبي (إيران) على حساب السنة».

وفي الوقت نفسه ألقت الصحيفة باللوم على السياسيين السنة، وقالت إنهم غارقون في الخلافات المحلية، ولا يستطيعون أن يقدموا قضيتهم الخاصة، ولا يستطيعون حتى الاتفاق على مكان الاجتماع للتصدي للاختلافات، ففي مؤتمر في بغداد قبل عامين، قام السياسيون السنة بإلقاء الكراسي على بعضهم البعض، وتداول عناصر حرسهم الشخصي اللكمات.

وبحسب الصحيفة، «تضاءلت إلى حد كبير سلطة السياسيين السنة بسبب اتفاق تقاسم السلطة الذي اعتمد بعد الغزو الأمريكي، وبموجب صيغته، يحجز منصب رئيس الوزراء، مع وزارات الداخلية والخارجية، للشيعة، ويحصل الأكراد على الرئاسة ووزارة المالية، ويحصل العرب السنة على رئيس البرلمان ووزير الدفاع، ولكن رئيس الوزراء هو القائد العام للجيش، كما أن لقادة الجيش الميدانيين (معظمهم شيعة) وقادة الميليشيا (الشيعية مثل الحشد الشعبي) تأثير كبير».

وتشكل الميليشيات الشيعية المدربة من إيران جزءا من القوات المسلحة العراقية، وقد حاربت ضد «الدولة الإسلامية» منذ استيلائه على ما يقرب من ثلث العراق في عام 2014، ولكن هذه الميليشيات اتهمت بارتكاب فظائع ضد المدنيين السنة، وقد أدى وجودهم بالقرب من المناطق السنية إلى إزعاج الكثير من السكان، وفق «نيويورك تايمز».

وكشفت الصحيفة أنه لدى الأكراد جيشهم الخاص «البيشمركة»، كما أن الحكومة الشيعية تسيطر على الجيش العراقي، وذلك في وقت لا يجد السنة من يدافع عنهم ولديهم قوة مسلحة وطنية، باستثناء الحشد القبلي السني المخلوط في قوات الأمن العراقية لمحاربة «الدولة الإسلامية».

وقال «واثق الهاشمي»، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، وهي مجموعة بحثية مستقلة في بغداد: «ليس لدى السنة قيادة موحدة، ويبدو أن السياسيين السنة يهتمون فقط بالمصالح الشخصية الضيقة». 

ووفق الصحيفة، فإن الاستفتاء الكردي سيزيد مشكلات السنة الذين كانوا يرفضونه ويعارضونه ويفضلون إبقاء الأكراد داخل العراق لموازنة التهديد الشيعي؛ فجميع الأكراد العراقيين تقريبا من السنة.

وقال «ديفيد اتلي فيليبس»، المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والذي عمل في العراق منذ 30 عاما، إن السنة لم ينظموا أنفسهم على نحو فعال مثل الشيعة والأكراد، حيث يعانون «حالة من الفوضى».

وتضم الكتلة التي يقودها السنة 78 مقعدا في البرلمان (من أصل 328) ، وتقزمها الكتلة الشيعية التي لها 182، والكتلة الكردية لديها 65 مقعدا، وقد سقط البرلمان بشكل متزايد تحت تأثير إيران، التي تعاني من صراع إقليمي على السلطة مع الدول السنية التي تقودها المملكة العربية السعودية.

بدورها، قالت «ماريا فانتابي»، المحلل البارز في العراق لدى مجموعة الأزمات الدولية: «بالنسبة للسنة، هناك نقص في التماسك السياسي حول ما يريدون بالضبط».

وأضافت أن «حكومة العبادي لم تحتاج أبدا إلى السنة أكثر من الآن» لا سيما مع اندلاع أزمة الإقليم الكردي، علاوة على وجود مشكلات مع بعض الفصائل الشيعية، لكن السنة قد يعانون من خسائر سياسية في الانتخابات المقبلة في 2018، إذا لم يتمكن مئات الآلاف من النازحين السنة من التصويت، ما سيجعل بعض أموال إعادة الإعمار قد تصل في نهاية المطاف إلى المناطق الشيعية الفقيرة بدلا من تحرير المناطق السنية.

 

 

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

سُنة العراق الشيعة العبادي الحكومة العراقية الأكراد إيران السنة